عذراً يا سيد بزشكيان!
حسين شريعتمداري
1 – لفترة يشير الدكتور بزشكيان الذي لا يوجد ادنى شك في سلامة نفسه وتحرقه للنظام والشعب، خلال احاديثه وتصريحاته الرسمية – بغض النظر عن صحة او عدم صحة ذلك – بنوع من اليأس من جهة ومن جهة اخرى يُنطق لسان اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية بالشماتة باعثاً رسالة تنم عن الضعف والعجز! مثل تصريحه: "نحن جياع"!، و"نواجه في قطاعات مختلفة بمشاكل: المياه والكهرباء والغاز، والميزانية والتضخم، ولم يبق جانب الا ونعاني المشاكل فيه"! وما صرح به أول أمس: " اذا لم تمطر السماء نهاية الشهر في طهران سينقطع منسوب الماء، واذا استمر الجفاف فينبغي ان نفرغ طهران"!
2 – الا ان الشواهد المتوافرة وما يعلنه الخبراء اصحاب الرأي المؤمنين يتفاوت كثيراً مع ما اعلنه رئيس الجمهورية المحترم. من هنا يطرح السؤال الآتي نفسه: ان هذه التصريحات الباعثة على اليأس نتيجة استشارة من؟! فهل ذهب المستشارون بعيداً عن الصواب؟! ام لا سامح الله هنالك نوايا سيئة؟! ولطالما شدد بزشكيان على ضرورة الوفاق الوطني، أليس الاستفادة من اصحاب الرأي والخبراء المرموقين الذين يتمتعون بآلاء مختلفة مصداقاً بارزاً للوفاق؟! بالطبع كذلك.
3 – وقبل ان نشير الى انموذج تاريخي ذي عبرة، ينبغي الالتفات الى هذا الامر بأن "حرب المعلومة" واحدة من احدث مجالات الحرب الناعمة. فحسب "جيمز جوردانو" يتم السعي في حرب المعلومة لجعل الخصم يفكر كما يريد العدو. من هنا فان القضية المعبرة التي سنوردها لا يقصد منها (لا سامح الله) تبعية بعض المستشارين وانما الكلام عن مواءمة فكرية محتملة وحتى مشاركة العدو عن غير قصد، لنقرأ!
4 – ان المارشال تيتو رئيس جمهورية يوغسلافيا السابقة، ينقل في خاطراته انه تم إعلامي من قبل جهاز امن الاتحاد السوفيتي بوجود جاسوس للسي آي ايه في كابينتي الوزارية، فكل ما سعيت ودققت في مسيرة وخطوط تواصل اعضاء الكابينة لم أوفق لكشف العميل. وبالتالي استعنت بالمخابرات الروسية فدلوني على احد مساعدي. وبعد نهاية الجلسة الوزارية قلت له ان امكث ووجهت مسدسي لرأسه سائلاً: هل انت جاسوس للسي آي ايه؟ فاجاب نعم! فسألته منذ متى؟ قال: حين كنت طالباً جامعياً! فسألته: اذن فلماذا مع كل التشديد الامني لم يتم العثور على دليل لارتباطك مع السي آي ايه؟ قال: ليس لي اي علاقة بالسي آي ايه! فسالته كيف يمكن ان تكون عضواً ولا ترتبط بهم؟َ قال: حولوا لي مسؤولية لا حاجة معها للارتباط، فكنت اقوم بواجبي! سألت: وما هي مهمتك؟ قال: اوكل الي ان اضع المناصب لاشخاص لا تخصص لهم، والى الان اقوم بما ارادوا مني! مبيناً: "ان تحليل الس آي ايه كان ومازال انه بهذا الاسلوب سيتم اضمحلال ثورة تيتو في يوغسلافيا من دون انقلاب او هجوم خارجي"!
5 – بديهي – لا سامح الله – لست بصدد مقارنة هذا الحادث مع ما يجري في الحكومة المحترمة. فهذا الحادث يعود لاكثر من اربعين عاماً واليوم تغيرت الخطط والظروف ليكون الاختلاف بيناً، مع الايضاح انه اذا تطابقت رؤى اشخاص مع رؤى العدو، فحتى اذا لم تكن نيته سيئة او لا سمح الله ان تكون هنالك علاقة بشكل غير مقصود وربما الظن انه يقدم خدمة، يقوم بالقاء رؤية العدو! (وهذه نتيجة حرب المعلومة).
6 – كما ان هذه المسألة ضرورية وفيها عبرة ان سماحة القائد وقبل ايام من انتخابات رئاسة الجمهورية الاخيرة وجه من يريد ان يكون رئيساً للجمهورية، قائلاً: "ان يعاهد الله انه في حال تسنم المسؤولية ان ينتخب من رجال الدولة من لا يتقاطع مع الثورة الاسلامية قيد انملة ... من ميل لاميركا ويظن انه دون لطف اميركا لا يمكن ان تخطو خطوة واحدة، وكذلك من لا يعير اهمية لخط الدين والشريعة، ومن ليس مديراً جيداً. من هنا ينبغي انتخاب مساعدين متدينين واعتقاد بالثورة والنظام الاسلامي ... فاذا هممتم بنية خالصة وعقدتم العهد مع الله في الانتخابات فستكون جميع الافعال عند الله حسنة ومثوبة".
7 – كما ان هذا الكلام الحكيم هو صادر عن سماحة القائد يخاطب المسؤولين المحترمين ومن بيدهم وسيلة البلاغ: "ينبغي ان يكون المسؤولون ممن ينشر قوة واقتدار وامكانات البلد لا ضعفه". خطابه في السابع من سبتمبر من عام 2025.