مت بغيظك يا "توم براك"
التصريحات الوقحة للمسلول "توم براك" المبعوث الاميركي الخاص الى سوريا السبت الماضي خلال كلمة في منتدى حوار المنامة، تعكس مدى التوتر الاميركي بسبب قدرات حزب الله في لبنان وهي تذكرنا بالتصريحات المتشنجة لوزير خارجية اميركا "مايك بومبيو" خلال زيارته للبنان عام 2019 حين كشف في مؤتمر صحفي مع نظيره اللبناني "جبران باسيل" الدور الاميركي في دفع الكيان الصهيوني لمهاجمة لبنان: "على لبنان أن يفكك مصنع الصواريخ الدقيقة رقم 2 فوراً، أو ستقوم اسرائيل بالهجوم عليه وستدعم اميركا هذا الهجوم ... ان القضاء على حزب الله عسكرياً وسياسياً هو هدف اميركي لا رجعة فيه". وبالتالي استعراض المبعوثة الاميركية الى لبنان "مورجان اورتاغوس" حين تجولت على مقربة من الحدود اللبنانية برفقة وزير حرب الكيان الصهيوني وقادة عسكريين صهاينة لتطلع على اجراءات الجيش الاسرائيلي وعلى شرح حول متابعة حزب الله لنشاطه واستعداداته واستعادته لقوته، فنذهب الى ان "اسرائيل" قاعدة متقدمة ونقطة ارتكاز للمشروع الاميركي الاستعماري بالسيطرة على الشعوب بكافة الاوجه السياسية والاقتصادية والثقافية ولذا قالت ان تفاوض لبنان مع اميركا هو بحد ذاته تفاوض مع "اسرائيل".
هذه التصريحات من "براك" شجعت وزير الحرب الاسرائيلي "يسرائيل كاتس" الذي أطلق الاحد الماضي تهديداً بـ"استهداف العاصمة اللبنانية بيروت في حال شن حزب الله اي هجوم يطال اي بلدة في شمال "اسرائيل"، وهي تصريحات جاءت بعد ساعات من تحذير "براك" في منشور مطول على منصة "اكس" من ان فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله يدفع "اسرائيل" الى تحرك عسكري أحادي. كما وصف "براك" لبنان بانه "دولة فاشلة" وان "لبنان يعيش حالة الدولة الفاشلة وان الجيش اللبناني يعاني من نقص في الموارد المالية والبشرية، بينما حزب الله يتمتع بمخصصات اكبر من الجيش وتسليح متطور ويصل عدد عناصره الى اربعين الفاً ...". وسبق ان دعا براك بالحاق لبنان بسوريا كما وشدد على ضرورة نزع سلاح حزب الله بقوة وبذلك هو يكشف عن الخطة الاميركية التي تتماشى مع رؤية ترامب للمنطقة في نزع حزب الله لسلاحه تمهيداً للتفاوض المباشر مع "اسرائيل" على ترتيبات امنية وحدودية الامر الذي يضغط على الحكومة اللبنانية الرافض حتى الان هذه الخطوة تمسكاً بصيغة تفاوض غير مباشرة. اما حزب الله فهو يرفض اي تفاوض سواء مباشر ام غير مباشر قبل انسحاب الجيش الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة.
فتصريحات براك تتضمن تهديداً مباشراً للدولة اللبنانية وليس لحزب الله فقط باستخدام القوة العسكرية الاسرائيلية، هذا التهديد يضع لبنان عملياً في مواجهة حرب محتملة في اي وقت، بينما اكدت الدولة اللبنانية انها قامت منذ اتفاق 27 نوفمبر 2024 بكل ما يلزم. وقد قدم الجيش اللبناني تقريره الاول بشأن حصر السلاح موضحاً ان نحو 80% من هذا السلاح قد تم التعامل معه جنوب الليطاني في تعاون قائم بين الجيش والمقاومة.
الا ان براك يصر على حماية امن الحدود الاسرائيلية دون اي اشارة لامن لبنان او استقراره، وليست هنالك من ضمانات لانسحاب "اسرائيل" من النقاط الخمسة المحتلة ولا لوقف الانتهاكات اليومية. اذن انها تصريحات مؤثرة على الاستقرار الداخلي للبنان خاصة مع اقتراب الانتخابات النيابية عام 2026 واشعال فتيل فوضى عارمة تزيد من تفكك نظام سياسي هش اصلاً، لاسيما وتتكرر من مصادر دبلوماسية اميركية رفيعة سمفونية "ان الجهود لانتشال لبنان من الانهيار عبر حزمة من الحوافز الاقتصادية والسياسية وصلت الى طريق مسدود"، متذرعة ان حزب الله – حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال – يعيد تسليح نفسه ويقوم بتخزين الصواريخ والمضادات للدبابات والمدفعية، تصل اليه عبر الموانئ البحرية اللبنانية ومن خلال طرق تهريب عبر سوريا، كما ويقوم الحزب – حسب الصحيفة – بصنع بعض الاسلحة الجديدة بنفسه. هذا في وقت طالب حزب الله الحكومة اللبنانية بان تضع على جدول اعمالها دراسة خطة من اجل دعم الجيش اللبناني ليتمكن من التصدي للعدوان الاسرائيلي وفق جدول زمني لتمكينه من تحقيق هذا الهدف.
واخيراً وليس اخراً على لسان رئيس كتلة "الوفاء والمقاومة" في البرلمان اللبناني محمد رعد نسمع فصل الخطاب: "ليكن واضحاً لكل اللبنانيين في السلطة او في الطوائف والقوى السياسية ان اي تنازل للعدو او ابداء تفهم ما او قبول ما او تسويق لذرائع عدوانه الواهية لن يوقف ابتزازه وتماديه وانما سيجرأه على طلب المزيد حتى يسلبنا الوطن كله ...".