مكانةٌ عجزَ الاعداءُ دركَها
لطالما عجزت القوى المادية عن مواجهة القيم المعنوية وحركة الانسان وارادته، ومهما جندت اميركا والدول الغربية الداعمة لكيان الاحتلال كل امكاناتها لاحتواء الصحوة الاسلامية والتحكم باوضاع المنطقة بطرح موضوع المساومة والاستسلام امام "اسرائيل" كسبيل وحيد لحل ازمة الشرق الاوسط، يبقى ايمان الشعوب هو النبع المتدفق الذي يروي بذرة المقاومة ويفضح العلاقات الخفية القائمة بين بعض الانظمة وكيان الاحتلال. فهذه الانظمة همها بث الفرقة والاختلاف بين الفلسطينيين لاطفاء شعلة الصمود بايديهم ولازالت الموانع امام الاعتراف الرسمي بـ"اسرائيل".
ان الواقع الذي لا يقبل الانكار يشير الى ان الصحوة الاسلامية ظهرت بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، والتي بشرت بعودة الدين الى ساحة الفردية والاجتماعية للانسان، وان الغاية الحقيقية تتمثل في انشاء المجتمع الصالح باقامة دولة تؤمن بحتمية اعلاء حاكمية الشريعة، وان ديمومة هذه الثورة امر طبيعي واضحة معالمه بوجود القيادة الحكيمة. فالقول ينم عن القائل والاثر يدل على المؤثر. فدستور معالم الحكم والآداب وقواعد السياسة واصول الادارة للمدن تتجسد في قائد قضى شطراً من عمره في سياسة الامم وتدريب الولاة في ادارة البلاد، وقد انفرد بكلم وجمل اشبه بالعهود المشهورة تستحق ان تكتب بالتبر على الصفائح الخالدة لا بالحبر على الصحائف البائدة، وله عينان نضاختان بصيرة لتسيير شؤون العباد، وثاقبة لدفع الشر عن البلاد.
لقد تناغمت مع كلمة سماحة قائد الثورة الاثنين الماضي رأي الاعلام العالمي ومواقع التواصل والمنصات الافتراضية والقاضية بعدم السماح لاميركا التدخل في شؤون الدول الاخرى، مؤكدة ان لا حق لاميركا التدخل في الشأن الايراني والبرنامج النووي لان اميركا هي المتهمة بالاساس باستعمال السلاح الذري في هيروشيما وناكازاكي.
ان الذي لا يدركه الاعداء المكانة المعنوية والروحية لسماحة الامام الخامنئي وأنّى لهم ذلك وقد سلب الله منهم الدعم والتسديد لما ارتكبوه من ظلم بحق البشرية بدءاً بمجازر الهنود الحمر وانتهاءً بجرائمهم بحق الشعب الفلسطيني. وان من ابرز قضايا التطور السياسي والاجتماعي في عالمنا المعاصر هي قضية العلاقة بين الاسلام والسياسة بكل ابعادها، ومن دون اي مواربة في اشارات سماحة القائد للوحدة الاسلامية التي لابد ان تضم العالم الاسلامي في تضامن سياسي واقتصادي وثقافي امتثالاً لتعاليم السماء، ومن توجيهات سماحته للامة الاسلامية ما تطرق له في "6/2/1991" بهذا المضمار: "على العالم الاسلامي ان يشعر بأمرين: الاول الخطر الجاد والكبير جداً الذي يحدق له اليوم من جانب الاستكبار العالمي – ومن جانب اميركا على الخصوص – ويهدد وجوده وحيثيته واسلامه وحياته واستقلاله اكثر من اي وقت آخر.
لقد غدوا اليوم اكثر سوءاً ووحشية وعدواناً من الماضي وسيزدادون عدواناً في المستقبل. على العالم الاسلامي ان يستشعر هذا الخطر. الصهاينة والانظمة الخاضعة لهم والمترعرعة في كنفهم وكذلك الكثير من الملوك والرؤساء الذين يرون مصالحهم متصلة باميركا والاستكبار العالمي وسيادة الغرب ... الثاني هي ان المسلمين يستطيعون اذا ارادوا ايقاف هذا الخطر واحتواءه ... لقد اتضح ان اميركا لم تستطع كما ادعت وتوهمت وحسبت ان تمرر ما تريده خلال أيام ... اذن كل الشعوب والحكومات والبلدان في افريقيا وآسيا وكل مناطق العالم الاخرى ... بوسعها الوقوف بوجه اميركا ...".
واروع ما تفضل به سماحة الامام الخامنئي خلال كلمة في (1/10/2011) بخصوص القضية الفلسطينية، قائلاً: "ان مشروع الجمهورية الاسلامية لحل القضية الفلسطينية ولمداواة هذا الجرح القديم مشروع واضح ومنطقي ومطابق للعرف السياسي المقبول لدى الرأي العام العالمي. اننا لا نقترح الحرب الكلاسيكية لجيوش البلدان الاسلامية ولا تحكيم منظمة الامم المتحدة وسائر المنظمات الدولية، اننا نقترح اجراء استفتاء للشعب الفلسطيني، من حق الشعب الفلسطيني كأي شعب آخر ان يقرر مصيره ويختار النظام الذي يحكم بلاده ... "، فيما عمل الاستعمار بالتحالف مع الصهيونية العالمية على اقامة كيان استيطاني دخيل في المنطقة يشكل التهديد الرئيس، ولذا التزمت الادارات الاميركية المتعاقبة بضمان أمن "اسرائيل" وضمان استمرار تفوقها العسكري على الدول الاخرى. ولكن كياسة قيادتنا بالمرصاد لهم تفشل المؤامرات القديمة الجديدة بتأييد من الله وحده. "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ... " سورة غافر الاية 51.