طهران: تخصيب اليورانيوم حق لنا بحكم عضويتنا في نظام الضمانات النووية
*دعم دول عدم الانحياز لموقف إيران الرافض لعودة العقوبات تعبيرعن قلق المجتمع الدولي من تجاوزات بعض القوى الكبرى
*لن نتردد في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ولم نتوصل بعد إلى قرار للمشاركة في مؤتمر مصر لإعادة إعمار غزة
طهران-العالم:- قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، خلال مفاوضات نيويورك وتفاهم القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طالبت الأطراف الغربية، على خطى الولايات المتحدة، بإعادة العمل بقرارات عقوبات مجلس الأمن (2006 إلى 2010)، لكن المعارضة الصريحة من جانب الصين وروسيا حالت دون التصديق عليها.
وقال بقائي في مستهل مؤتمره الصحفي الاسبوعي امس الاثنين عن التطورات الدبلوماسية: أهم التطورات تتعلق بالوضع في فلسطين. فعلى الرغم من التفاهم الذي جرى – على ما يبدو – في شرم الشيخ، شهدنا استمرار الهجمات في فلسطين، حيث ارتكب الكيان الصهيوني أكثر من 80 انتهاكا لوقف إطلاق النار، ما أدى إلى استشهاد نحو 100 فلسطيني. كما أن معبر رفح ما زال مغلقا رغم الوعود السابقة، ولم يتم إرسال المساعدات إلى غزة. ومجدداً، لم يفِ الكيان الصهيوني بوعوده، فيما يواصل ضامنو التفاهم صمتهم وتقاعسهم، وهو ما يعني عمليا تأييد استمرار العدوان.
وأضاف: كما كان مؤتمر أوغندا بالنسبة لنا مهما للغاية، من حيث القرارات الصادرة بشأن إيران، والتي عبّرت عن دعم واضح من حركة عدم الانحياز لموقف إيران القائل بعدم قانونية مزاعم الدول الأوروبية الثلاث في إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن. هذا لم يكن مجرد رسالة مكتوبة، بل كان تعبيرًا عن قلق المجتمع الدولي من تجاوزات بعض القوى الكبرى.
وفي ما يتعلق بالحملة الدعائية والروايات الموجّهة ضد إيران وعلاقاتها مع روسيا، قال بقائي: التطورات التي شهدناها خلال الأيام الماضية هي ثمرة جهد دبلوماسي على جميع المستويات. ومع الأخذ في الاعتبار احتمال إساءة استخدام الدول الأوروبية الثلاث للآلية المعروفة الزناد، عملنا طوال العام الماضي على إقناع الأطراف بأن هذا الاستغلال سيؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر.
وأضاف: للأسف، اتبعت الأطراف المقابلة رغبات أمريكا وأقدمت في النهاية على إعادة فرض العقوبات، لكن ما حدث فعليا هو معارضة عضوين دائمين في مجلس الأمن لهذا الإجراء، ما يعني أن المجلس لم يتمكن من اتخاذ قرار بهذا الخصوص، وهو ما جعل أغلبية دول العالم تدعم موقف إيران. فقد أعلنت روسيا والصين موقفيهما بوضوح، وأكدت موسكو أن الدول الثلاث لا تمتلك صلاحية اللجوء إلى هذه الآلية. ولم يكن هذا موقفًا مؤقتًا، بل هو موقف مستمر.
وأشار إلى أن إيران وروسيا والصين قدّمت يوم الاحد رسالة مشتركة أكدت مواقفها، وقال: هذا يعني أنه يجب اعتبار القرار 2231 منتهيا، وعلى أمانة الأمم المتحدة أن تتصرف بناءً على هذا الأساس. صحيح أن الدول الأوروبية الثلاث تسببت في فوضى قانونية، لكن غالبية المجتمع الدولي يعارض هذا النهج. ونحن نتوقع أن ينعكس هذا الموقف عمليًا في السلوك الدولي.
وفي ما يتعلق بموقف إيران من وقف الإبادة في غزة، قال المتحدث باسم الخارجية: موقفنا من قضية غزة واضح جدًا. منذ البداية أكدنا على ضرورة إجبار الكيان الصهيوني على وقف استمرار المجازر في غزة، وكسر الحصار، وإعادة الإعمار. هذا أمر لا يمكن لأي إنسان مسؤول أن يرفضه. قلقنا مبني على التجارب السابقة، إذ لم يلتزم الكيان الصهيوني يومًا بأي وعد قدّمه. ونرى اليوم في لبنان أيضًا أن وقف إطلاق النار يتم انتهاكه، وهذا دليل على أن الكيان ليس صادقًا في أفعاله.
وفي رده على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن عدم وجود قيود على التعاون العسكري والدفاعي مع إيران، قال بقائي: مسار التعاون بين إيران وروسيا في جميع المجالات يشهد نمواً مستمراً. لدينا عدة اتفاقيات أساسية مهمة، من بينها الاتفاقية الشاملة المشتركة التي تشمل تعاوناً واسعاً في المجالات المختلفة، ومنها المجال الدفاعي. نحن نعتقد أن القرار 2231 قد انتهى، والتعاون بين إيران وروسيا سيستمر بجدية.
وأوضح بقائي بخصوص انتهاء القرار 2231 ومضمونه قائلاً: ما نقوله هو أن القرار 2231 قد انتهى. فبحسب نص القرار نفسه، انتهى مفعوله في يومه المحدد، أي في 18 أكتوبر. أما الحقوق التي اكتسبتها إيران بموجبه فلم تتغير. هذا القرار نصّ على حق إيران في تخصيب اليورانيوم. والاتفاق النووي كان بطبيعته تفاهمًا مؤقتًا، تعهدت فيه الأطراف المقابلة برفع العقوبات مقابل أن تقبل إيران بإجراءات شفافية في برنامجها النووي. وقد أكدت 15 تقريرًا رسمياً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام إيران بتعهداتها، بينما لا يمكن للطرف الآخر أن يدّعي الشيء نفسه. ومنذ عام 2018، تُعدّ كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث منتهكة للاتفاق النووي. القرار 2231 انتهى، دون أي تغيير في الالتزامات الأساسية التي قدّمناها.
وردًّا على رغبة الدول الأوروبية الثلاث في استئناف المفاوضات، قال بقائي: الجواب القصير هو: "كفّوا شركم". على هذه الدول الثلاث أن تُظهر أنها تملك القدرة اللازمة لتكون طرفًا موثوقًا به. نحن نرى مؤشرات تدل على أن الطرف الأوروبي نفسه يعترض على تقاعسه. في مقابلة المستشار الألماني كانت هناك إشارات تُظهر أن الطرف الأوروبي، حتى لو أراد، لم يكن قادرًا على أداء دور فعّال في تطورات غرب آسيا، وهذا يوضح أنه يفتقر إلى القدرة على التأثير كطرف موثوق. وقد فسّر الأوروبيون سبب عجزهم عن التأثير بعدم امتلاكهم أدوات القوة العسكرية، وهذا بحد ذاته اعتراف بانعدام الإرادة لدى هذه الدول الثلاث.
وحول زيارة علي لاريجاني إلى موسكو وتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تبادل الرسائل بين إيران والكيان الصهيوني، قال المتحدث باسم الخارجية: نحن نجري مشاورات دائمة وطبيعية مع أصدقائنا في المنطقة، والاتصالات مع روسيا مستمرة على هذا الأساس. حتى اليوم، يزور المبعوث الروسي الخاص لشؤون سوريا طهران لإجراء لقاءات مع مسؤولي وزارة الخارجية. هذه الاتصالات تأتي في إطار المشاورات الثنائية المعتادة.
وفي تعليقه على التفسيرات المشوشة المتعلقة بانتهاء القرار 2231، قال بقائي: ليست هذه المرة الأولى التي تسعى فيها الولايات المتحدة لاستغلال مجلس الأمن. المثال الواضح هو استخدام حق النقض (الفيتو) مرات متعددة لمنع أي إجراء ضد الكيان الصهيوني، حيث استخدمت الفيتو ست مرات خلال الأشهر الأخيرة. كما حاولت سابقًا استغلال المجلس لإعادة فرض العقوبات، إلا أن الدول الأوروبية الثلاث كانت آنذاك تمتلك الإرادة والقدرة لمنع تنفيذ هذا الإجراء. أما الآن، فقد أعلنا معارضتنا لإعادة فرض العقوبات وقدمنا مبرراتنا القانونية. والحقيقة هي أنه لم يُتخذ أي قرار في هذا الشأن داخل مجلس الأمن.
وأضاف: هناك نقطتان أساسيتان، الأولى أن دولتين مهمتين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن عبّرتا بوضوح عن موقفيهما، ولا تزالان متمسكتين به. والثانية أن حركة عدم الانحياز أعلنت معارضتها الصريحة لهذا الإجراء. إن استغلال أي آلية لا يمكن أن يرتّب آثارًا قانونية، إذ إن هذا الفعل وما تبعه من فوضى قانونية لا يتوافق مع الوضع الراهن ولا مع النصوص التي أُلغيت بموجب القرارات السابقة.
وعن التهديدات المطروحة بشأن نزع سلاح حزب الله، قال بقائي: هذا يعود مجددًا إلى التحذيرات السابقة حول عدم التزام الكيان الصهيوني بتعهداته، وهو أمر ليس جديدًا. مسألة سلاح المقاومة هي شأن داخلي، ويعود القرار بشأنه إلى المعنيين أنفسهم.
قال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية ، بشأن المؤتمر المرتقب في مصر لإعادة إعمار غزة: "لم نتوصل بعد إلى قرار نهائي حول المشاركة في هذا الحدث". وأضاف: "أكدنا في بياننا أننا لن نتردد في تقديم أي مساعدة ممكنة للشعب الفلسطيني في غزة".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن إيران لا تعتبر ملفها النووي قضية خلاف دولي أصلًا، وقال: "الكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية هم من حاولوا إدخال هذا الموضوع في الأجندة الدولية بذريعة واهية. القضية النووية الإيرانية ليست قضية نزاع دولي بأي شكل من الأشكال".
وأضاف: "ينبغي النظر إلى هذا الملف في إطار الحقوق المشروعة لإيران ضمن معاهدة حظر الانتشار النووي. حق تخصيب اليورانيوم ليس منّة من أحد، بل هو حق أصيل بحكم عضويتنا في نظام الضمانات النووية".
وفي رده على تصريحات ويتكوف بشأن تبادل الرسائل مع إيران، قال بقائي: "توجد في الأيام الأخيرة اتصالات غير مباشرة وتبادل رسائل عبر وسطاء، كما كان الحال سابقًا، لكن لا يمكن القول إننا نقف على أعتاب عملية تفاوضية جديدة".