kayhan.ir

رمز الخبر: 213371
تأريخ النشر : 2025September26 - 20:01

جنود لنتنياهو تحت مظلة التفاوض

 ايران اليوم تمر بمنعطف تاريخي، وهذه الانعطافة تتضايق بين جنبتين متخالفتين، جنبة هي حفظ الاصول والقيم التي خلقت من ايران الضعيفة ايران قوية مستقلة، وجنبة التخلي عن المباني والقيم والتي تعيد ايران لحقبة ناضل الشعب للانعتاق منها بواسطة ثورته الاسلامية.

وبالطبع حول الشعب الايراني هذه الانعطافة باستقامته الى فرصة تاريخية، فالضغوط التي تفرض اليوم من الخارج والداخل على ايران لتعيدها من مسيرها مسير العز والفخر.

ولا ننسى انه في الثاني والعشرين من سبتمبر عام 1980 مرت ايران بنقطة عطف في الوقت الذي لم تكن تمتلك قدرات اليوم. وحول منها فرصة ومكانة كبيرة  بحيث انه بعد عقود استفاد من نتائج المقاومة الذكية. اذ هاجم العدو بغتة واصاب اجزاء اساسية من القدرة العسكرية لايران متوهماً انه خلال ايام سيحصل على جميع اهدافه ولكن هذا العدو نفسه بعد عشرة اعوام خلال رسالة بعثها لرئيس الجمهورية الايرانية حينها جاء فيها: "والان وكلما طلبتموه – اي ايران – قد تحقق". هذا في الوقت الذي خلال فترة الحرب كانت قوى في داخل ايران اعتبروا من غير الممكن استمرار المقاومة، ويدعون الى اعادة النظر في الاستراتيجية الدفاعية! في حينها طرحت جبهو التحرر – والتي لم تقدم عل اي مساعدة لتحرير المدن المحتلة، وحسب الشهيد سليماني لم تصل اقدام اي منهم الى الجبهة، وصفة التسليم، بعد ذلك وحين هاجمت اميركا بحشد من القوات العراقية، ابدى البعض في الداخل الخوف داعين النظام الى اخذ عبرة من الهجوم الاميركي على العراق، ان هذه الجماعة لم تكن تعتقد منذ البدء بالمقاومة امام اميركا، ولكن الشعب لم يخف ولم يتراجع، وفي عام 2001 و2003 وخلال حرب اميركا على افغانستان والعراق عمد آخرون من نفس طريقة التفكير ومن داخل الحكومة وحواشيها لطرح وصفة الاستسلام، في الوقت الذي لم يكونوا قبلها يؤمنون بالمقاومة.

هذه الموارد كانت ثلاث انعطافات تاريخية حولها الشعب الايراني باستقامته من تهديد الى فرص كبيرة واوصل البلد الى مرتبة اضطر الغربيون لينطقوا بان كل تهديد يتحول الى فرصة كبيرة لنشر الافكار والقيم في ايران.

ان التيار المرعوب الذي لم يؤمن ابداً بالمقاومة قبال نظام الاستبداد وفي نفس الوقت كان يشغر مكانة مهمة من النظام الاسلامي دخل هذا التيار عام 2003 التفاوض مع القوة الغربية لتكون النتيجة 22 عاماً من التفاوض وتقديم المكاسب دون الحصول على ادعاء اخراج ايران من الظروف الخاصة. في هذه الفترة كانت العقوبات على ايران تزداد حتى بلغ الامر لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية. وما كان هذا التيار صادقاً ليقول للشعب الايراني بان المفاوضات هي سراب ادخلت ايران في ظروف خاصة اكثر من قبل.

ان نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية واعتماداً على القبول بنتائج الانتخابات سمح لهذا التيار ليجرب ادعائه وليبقى الشعب موحداً قبال اطماع نظام الاستبداد. فيما الشعب يعلم ان التفاوض مع الغرب ليس لا يقلل من القيود الاقتصادية والتهديدات العسكرية – الامنية وحسب بل يزيد منها. الا ان هذا التيار ضخم من الادعاءات الكاذبة للاعداء موجهاً التقصير الى الشعب ومتبنياته وقيمه، واللافت ان هذا التيار يقول ان القبول بالضغوط النووية للغرب ليست كافية وانما ينبغي الرضوخ لضغوط جامعة ومطلب من نظام الجمهورية الاسلامية الخضوع لجميع مطالب الغرب. وهذا التيار حين كان يعتبر تصريحات وزير اميركي ضمانة فهو اليوم يقول انه رغم عدم وجود اي ضمانة الا انه ينبغي الاستمرار في التفاوض ودفع الثمن مهما كان. واللافت ان الغربيين وبظنهم لما كان هذا التيار المهزوم قد بلغ نهاية الخنوع فيمكن اذن دفع الجمهورية الاسلامية الايرانية للاستسلام، فلا يقبلون بالتفاوض وانما يتحدثون عن الاستسلام المطلق. الا ان حقيقة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ليست كذلك، بل ان حقيقة الجمهورية الاسلامية الايرانية على الارض كما برهنت خلال 47 عاماً من المقاومة قبال استعادة الغرب هيمنته على البلاد. فحقيقة ايران انه شعب بعثر في حرب الـ12 يوماً جميع برامج الغرب، وحقيقة ايران كشعب متحضر يأبى الضيم.

ان الثورة الاسلامية والنظام المنبثق عنها هي اليوم اقوى كثيراً من وضعها في 22 سبتمبر عام 1980 التي نعتبرها اول انعطافة تاريخية ومتفقين على نيلنا الانتصار فيها. فيما ايران اليوم اقوى من جميع الفترات التاريخية، البلد الذي انبرى في يوم واحد  "23 حزيران" من هذا العام لمواجهة نظام هو الاقوى عسكرياً في الغرب وكذلك في مواجهة الكيان الصهيوني، واجبرهما على اعلان وقف اطلاق النار. ايران التي يمتد نفوذها اليوم من بحر عمان الى البحر المتوسط. والبلد الذي تحول الى جهة مهمة وفي عمق ضمائر البشر من اندونيسيا والى المغرب ومنها الى قلب اميركا اللاتينية لا مكان للخوف والتردد فيه.

ان صمود ايران اليوم قبال نظام الاستبداد ادى الى صمود العالم قبال نظام الاستبداد ادى الى صمود العالم قبال نظام الاستبداد، ومن هنا فان العالم يقف مع ايران. فالشعب الايراني خلال مقاطع من التاريخ ودون ان يكون له المكانة الحالية بين الشعوب والحكومات ودون ان يبلغ هذا المستوى من الامكانات الدفاعية وبالتوكل والاعتماد بقدرة الله والثقة بنفسه ينبري لمواجهة المستكبرين وانتصر عليهم، فلا مجال اليوم كي يتنازل قبال مستكبرين اكثر انعزالاً من الماضي.

ان سماحة قائد الثورة – دامت بركاته – قد قال قبل سنوات ان واحدة من اهداف الضغط السياسي والاقتصادي والاعلامي والنفسي للعدو التأثير على اذهان المسؤولين في ايران. ان العدو وخلال 47 عاماً قد جرب الشعب الايراني ووجده الشعب الاكثر صموداً في العالم، فقبل ايام ذكرت قناة 13 الاسرائيلية  ضمن مقطع وثائقي عن حرب الـ12 يوماً ونقلاً عن مسؤول عسكري اسرائيلي رفيع: "كنا نظن انه خلال ثلاثة ايام واقصى شيء خمسة ايام سننهي امر ايران، الا ان انسجام الايرانيين قبال امواج الحرب حال دون ذلك". وفي هذا الفيلم الوثائقي يقول نتنياهو: كنت قبل الحرب التقيت بترامب وبينت له خمسة اهداف للهجوم على ايران، كتصفير التخصيب وتقييد مدى الصواريخ الايرانية الى 300 كم. وقال لي ترامب: انا اتمكن من التوصل لذلك بالتفاوض، وحينها اتفقنا انه اذا لم يحصل ذلك بالتفاوض فانا بطريقتي – اي الحرب – سأنال ذلك. وبالتالي قال ترامب: بأن تقول بالحرب لثلاثة ايام الى خمسة ستحقق الهدف فانا سأدعمك ولكن اذا طالت الحرب كلا. فلماذا قال ترامب انه ينبغي ان لا تطول الحرب مع ايران اكثر من خمسة ايام؟ فهذا السؤال اجاب عليه مسؤول في الاستخبارات الاميركية بالقول: "لو استمرت ايران بالحرب لاسبوع آخر لانتهت قضية غزة كذلك". اي ان اسرائيل ستواجه اندحاراً كبيراً تضطر لسببه ان تخرج من غزة.

بالنظر لهاتين الوثيقتين المنتشرتين من قبل داعمي اسرائيل يمكن القول ان اميركا والكيان الصهيوني والغربيين الذين برزوا في حرب الـ12 يوماً لمواجهة الشعب الايراني، قد اندحروا امام الشعب الايراني وقد اعترفوا بفشلهم. الا ان اموراً تحولت منذ نهاية القتال وتسليم اميركا والكيان الصهيوني قبال قدرة ايران والى اليوم، بين عناصر التيار المتخاذل في ايران والمفاوضات والقبول بمكرراتهم، برهنت ان تأثيرات العدو على اذهانهم قد فعلت فعلها. فهل ان هذا التيار هو جندي للشعب الايراني ام هو حصان طروادة للعدو في الجبهة الايرانية؟ أليس هؤلاء جنود ذلك الجزء من القضية، حيث قال ترامب لنتنياهو ان ما تريد تحقيقه بالحرب مع ايران سأناله بالمفاوضات؟ حقاً ما الذي يفعله جنود ترامب ونتنياهو؟ يقاتلون كي يبلغوا مقاصد اميركا و"اسرائيل". فهل ان جنود ترامب ونتنياهو بالضرورة ان يتواجدوا في مبنى الفرقة الثامنة الاميركية او في مبنى الفرقة السابعة الاسرائيلية كي نطلق عليهم انهم جنودهم؟ فالتيار الذي وبالرغم من ان الغرب قد مكر في الملف النووي وهاجم المنشآت النووية والعسكرية واطلق حرباً على ايران واعاد عقوبات مجلس الامن غير القانونية، مازال يؤكد على التفاوض والاستسلام امام اميركا واوروبا، ويريد "هذا التيار" ما لم يحصل عليه العدو بالقتال ان يحصل عليه باسم التفاوض، أليس هذا التيار هو جندي نتنياهو؟ أليس اشخاص هذا التيار من يقوم بدور الطيارين الاميركيين المعتدين على المنشآت العسكرية والنووية لايران؟ فما الفرق بين ايقاف البرنامج النووي الايراني سواء بالقنابل أم بالتفاوض؟