kayhan.ir

رمز الخبر: 213246
تأريخ النشر : 2025September23 - 19:58

ترامب الناطق بأسم عصابات الفايكنغ

 

 بعد أكثر من اربع سنوات على انسحاب القوات الاميركية من افغانستان يعلن الرئيس الاميركي ترامب "الخميس الماضي" عزمه على اعادة التواجد العسكري الاميركي في افغانستان من خلال استعادة قاعدة "باغرام" الجوية، خلال مؤتمر صحافي جمعه برئيس الوزراء البريطاني "كير ستارمر" عقب زيارة رسمية للمملكة المتحدة. طبعاً التبرير هو مواجهة التحديات التي تفرضها الصين، وان القاعدة تبعد ساعة عن المكان الذي تصنع فيه الصين اسلحتها النووية. وواضح انها عنجهية لا تصدر من رئيس دولة تعتبر نفسها ديمقراطية بامتياز وانما هي تصريحات يدلو بها نيابة عن الدولة العميقة والتي هي اشبه بعصابات الفايكنخ. فما تسعى له اميركا من مخططات – كما هددت كندا وفنزويلا وغرينلاند و... من قبل – لا تخرج عن مقولة اخافة الجميع بعرض العضلات. ولكن الوجهة الحقيقية يبقى الشرق الاوسط والعمل على إبقاء الكيان الصهيوني قوياً ودمجه في جسد الامة كجار حضاري وشريك تجاري وبالتالي كقائد اقليمي، فيما جعل ايران التهديد الاوحد للمنطقة ولذا صار لزاماً اضعاف جبهة المقاومة حسن ظن الغرب عموماً، وبالتالي يصرف النظر عن جرائم الكيان الصهيوني.

وبعد ان حيدت الدول العربية باتفاقيات ابراهام كمشروع للتعايش بين اتباع الديانات السماوية تطمح اميركا لتشكيل كيان سياسي – اقتصادي يضم العرب واليهود. الا ان البقعة الجغرافية الصغيرة والتي توخز الخاصرة الاسرائيلية الضعيفة وبقيت عصية على الانجرار وراء كل المشاريع الاستسلامية هي الجنوب اللبناني. فحالة المقاومة الاسلامية التي ولدت من رحم الجمهورية الاسلامية الايرانية أرقت كيان الاحتلال الذي كان يرى كل شيء على ما يرام بعد ان طرد منظمة التحرير الفلسطينية من الجنوب اللبناني، واقام حكماً كتائبياً في لبنان، الا ان تأسيس حزب الله في برهة هي الاشد حراجة على مستوى المنطقة أجمع ساهم في صعود التيار الاسلامي في فلسطين المحتلة وتراجع المشروع الغربي الصهيوني بتغيير شكل الامة ثقافياً ودينياً وسياسياً. اذ ان الفكرة قائمة على التوسع ولبنان هي النموذج الامثل بالنسبة للعقلية المسيحية المتصهينة. وهكذا كان المخطط حين دخلت قوات الاحتلال الصهيوني الى لبنان عام 1982 لتبقى على حدود نهر الليطاني في الاقل. ولنتذكر كلمة منسق الشؤون الاسرائيلية امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست: "يجب ان يؤخذ في الحسبان احتمال سقوط كاتيوشا شيعية على مستوطنات الجليل وان الاحتكاك بين "اسرائيل" والشيعة لن ينتهي بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان"، بعد الانسحاب من جنوب لبنان إثر ضربات المقاومة.

ويطل علينا اليوم المبعوث الاميركي "توم برّاك" الذي هو ابعد ما يكون عن الدبلوماسية فتصريحاته مملوءة بالتناقض ويتعامل مع الدولة اللبنانية كرجل اعمال يصعّد بضاعته كي يقبل المتعامل بصفقة خاسرة. فبعد ان راهن على تسليح الجيش اللبناني في مواجهة سلاح حزب الله، قال اول امس لقناة سكاي نيوز اننا لن نسلح الجيش اللبناني لانه سيكون قوة امام "اسرائيل" غامزاً الى الاسراع في مسألة نزع سلاح حزب الله، بينما الكل يعلم ببرنامج المساعدة الاميركية للجيش اللبناني منذ تسعينيات القرن الماضي بواقع ثمانين مليون دولار سنوياً، مع الاشارة الى نقل مؤتمر دعم الجيش اللبناني من فرنسا الى الرياض لايجاد آلية لتمويله، وكل ذلك يصب في الضغط على الحكومة اللبنانية للاسراع في تفعيل حصر السلاح وتحميلها المسؤولية. فاذا وازنا هذه التصريحات مع اشارة "براك" الى ان "اسرائيل" لديها خمس نقاط انتشار في جنوب لبنان ولن تنسحب منها وتخرصه: "ان حزب الله عدونا وايران عدوتنا ونحن بحاجة الى قطع رؤوس هذه الافاعي ومنع تمويلها" وادعائه ان حزب الله يتم تمويله شهرياً ستين مليون دولار، يحاول ان يثير فتنة داخل لبنان والتلميح بحرب اهلية ونقل الصراع الى الداخل، ليس الرابح منها سوى الكيان الصهيوني الذي مازال يفرض أمراً واقعاً باحتلاله المناطق الخمس في الجنوب في الوقت الذي وعدت اميركا عند وقف اطلاق النار بين كيان الاحتلال وحزب الله المبرم في 27 نوفمبر 2024 " مستندة الى اتفاق الطائف وقرار مجلس الامن 1701 لعام 2006"، ان تلتزم اميركا بالورقة التي قدمها "توم براك" وهي قاعدة خطوة مقابل خطوة. فليست لم تلتزم "اسرائيل" بوقف اطلاق النار وحسب بل تخطط لتحويل "النقاط الخمس" الى حيز صناعي واقتصادي وحتى سياحي خال من السكان بما يجعلها بمثابة منطقة عازلة تفصل بين القرى الجنوبية والحدود.