يوم لفلسطين
– ليس الوقت لمناقشة خلفيات الحراك السياسي الدولي تحت شعار حل الدولتين، ولا ما يُخفيه من اعتراف غير مشروع بكيان الاحتلال، وتنازل عن حقوق غير قابلة للتفاوض والتنازل للشعب الفلسطيني بكامل أرضه التاريخية، وليس الوقت لمناقشة مدى واقعية هذا الحل وإمكانية تطبيقه، أو فرص قيام دولة فلسطينية عبر الطرق الدبلوماسية، وكيان الاحتلال قام تحت هذا الشعر بنهش جغرافيا القدس والضفة الغربية وصولاً للضم الكامل والحصول على مباركة ومشاركة أميركيّة، والحماية الكاملة بحق الفيتو الأميركي والعقوبات الأميركية المتاحة دائماً لمنع أي حل من المرور عبر المؤسسات الدولية، كما يجري دائماً في مجلس الأمن الدولي، وكما جرى مؤخراً مع قضاة المحاكم الدولية.
– هذا يوم لفلسطين، ويحق للفلسطينيين أن يحتفلوا بإنجاز نصر سياسيّ كبير على المشروع الصهيونيّ، لأن الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية هي في كثير من الحالات التي قدّمت دعماً استثنائياً لكيان الاحتلال حتى تاريخ قريب، ومهما ربطت هذه الدول بين اعترافها بدولة فلسطين ودعواتها للقضاء على المقاومة وإدانتها لطوفان الأقصى، فهي تعلم والعالم كله يعلم، أن هذا الاعتراف ما كان ليكون لولا المقاومة ولولا طوفان الأقصى.
– منذ طوفان الأقصى وفي شهور حرب الإبادة التي يشنّها كيان الاحتلال في شعب فلسطين استعادت القضية الفلسطينية حضورها بفضل المقاومة ودماء الفلسطينيين وتضحياتهم وصمودهم، وسقوط ورقة التوت عن صورة الوحش الذي يمثله كيان الاحتلال والذي كان يحظى بعمليات تجميل وتزوير لتقديمه كياناً حضارياً ديمقراطياً متمدناً، وقد أتيح لشعوب العالم أن تتعرّف في زمن قياسيّ على حقيقة اسمها الحق الفلسطيني وحقيقة موازية اسمها الكيان الإجرامي المتوحش الذي يحتلّ فلسطين، وخرجت الشعوب في انتفاضة ضميريّة متواصلة تهتف لفلسطين حرة، حتى أرغمت حكوماتها على هذا الحد من الاستجابة، وبقدر ما يمثل هذا الاعتراف بالدولة الفلسطينية إنجازاً لشعوب العالم، فهو إنجاز للشعب الفلسطيني ومقاومته وتضحياته العظيمة المستمرة.
– يكفي أن ننتبه إلى أن الحرب الإجرامية التي يشنّها كيان الاحتلال على الشعب الفلسطيني تحمل رسالة سياسيّة عنوانها، لا وجود لشعب فلسطينيّ ولا لقضية فلسطينيّة، وإن وجدا فإن القوة هي الطريق الوحيد للتعامل معهما حتى الإبادة، ويأتي هذا الاعتراف ليقول إن الكيان قد خسر المعركة السياسية وإن العالم يقف موحداً ليقول إن فلسطين هي أرض موجودة بهذا الاسم لدولة وإنها تعود لشعب اسمه الشعب الفلسطيني يملك حق إقامة دولته، مهما كان هذا النص ضعيفاً ومجتزأً باعتماده لدولة فلسطين جزءاً من أرض فلسطين فقط.
– بالمقارنة مع لحظة تاريخيّة مشابهة عام 1974 عندما منحت منظمة التحرير الفلسطينية منصة الأمم المتحدة للتحدّث إلى العالم، وقد كان ذلك في ذروة صعود حركة النضال الوطني الفلسطيني، فإن ما يجري اليوم أكبر بكثير وأهم بكثير وأعظم بكثير، من زاوية الاعتراف بالحق، ومن زاوية حجم الخسارة اللاحقة بالكيان، علماً أن هذا يجري كما يفترض في أسوأ ظروف النضال الفلسطيني، وهذا معناه أن الحديث عن هزيمة المقاومة الفلسطينية مجرد خداع بصريّ، إذ يكفي التمعّن بما يجري لمعرفة موازين القوى الحقيقيّة التي أنتجها طوفان الأقصى وأعاد إنتاجها صمود المقاومة وشعبها بوجه حرب الإبادة الإجرامية المتمادية.
– من حق الفلسطينيين الاحتفال لأن هذا يوم لفلسطين، بكل معنى الكلمة.
البناء