الغرب واللعب على حافة الهاوية مع إيران
صوّت مجلس الأمن الدولي لصالح العودة إلى العقوبات الأممية على إيران، لما كانت عليه قبل الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، بناء على طلب بريطانيا وألمانيا وفرنسا كدول شريكة في الاتفاق وفقاً لبند تفعيل آلية الزناد التي تمنح الدول الموقعة على الاتفاق طلب العودة للعقوبات الأممية إذا لمست خرقاً إيرانياً فاضحاً للاتفاق.
من المعلوم أن تفعيل آلية الزناد مصمّم لحالة تطبيق صادق للاتفاق، يكون خلاله التزام من جانب الدول الموقعة وضبط خرق إيراني فاضح، ومعلوم أنه منذ الانسحاب الأميركي العلني من الاتفاق فشلت الدول الثلاث بالمضي في تطبيق التزاماتها، واعترفت هذه الدول خلال خمس سنوات مضت أنها لا تستطيع تفعيل آلية مالية للتعامل التجاري الطبيعي مع إيران دون المرور بآلية السويفت الخاضعة للرقابة الأميركية وبالتالي للعقوبات الأميركية، بعدما حاولت ايجاد آلية بديلة سميت “انستيكس” وفشلت أوروبا بتفعيلها بعدما انتظرتها إيران سنتين متتاليتين، ما يجعل الطلب الأوروبي بتفعيل آلية الزناد بعد سبع سنوات توقف عن تنفيذ الموجبات منذ 2018، أي منذ الانسحاب الأميركي ما يعادل 70% من عمر الاتفاق، وقبل نهاية مدة الاتفاق بشهر واحد، نوعاً من الاستهداف السياسي البعيد عن نص الاتفاق وروحه.
روسيا والصين شريكان في الاتفاق وكانتا جزءاً من العقوبات الأممية قبل اتفاق 2015 وتقولان اليوم إن أوروبا عديمة الصفة في طلب تفعيل آلية الزناد وإن الطلب فاقد للشرعيّة القانونيّة والأهليّة للطرف صاحب الطلب، وتتفق مع إيران على اعتبار القرار عديم الوجود قانوناً وبالتالي، سقوط إمكانية قيام عقوبات أمميّة، وقيام الدول الأوروبيّة وأميركا ومَن معهما بالسير بالعقوبات، بينما تتمرّد دول العالم على العقوبات وفق الحسابات والمصالح والولاءات، انطلاقاً من تمرّد روسيا والصين المعلن.
إيران اليوم في قلب معادلات اقتصاديّة وجيوسياسية تجعلها قادرة على احتواء عائدات القرار الذي لن يضيف دول ذات قيمة بالنسبة للمبادلات التجارية الإيرانية إلى المشاركين بالعقوبات، لكن بيد إيران القدرة على تنظيم ردود منها إعلان إعادة النظر بالاتفاقية مع وكالة الطاقة الذرية، بينما يعيش العالم ظروفاً سياسية واقتصادية مختلفة عن مرحلة توقيع الاتفاق، حيث إيران جزء من منظومتين اقتصاديتين كبيرتين هما بريكس وشنغهاي، لن تشارك أي منهما بالعقوبات، والمبادلات التجارية في المنظومتين تتمّ بالعملات المحلية للدول.
يبقى أن الأسبوع الفاصل عن نهاية مهلة تفعيل العقوبات قد يحمل المفاجآت، فما جرى يمكن أن يمثل نوعاً من التفاوض على صفيح ساخن، أو اتباع استراتيجية اللعب على حافة الهاوية، ويبقى احتمال ظهور مفاجأة تفاوضية في الربع الأخير من الساعة.
البناء