الاعتراض على الانتخابات السورية انتقاص من السوريين وانتهاك للسيادة
علي مطر
وجهت الانتخابات الرئاسية السورية، صفعة قوية للدول التي تريد إسقاط النظام في سوريا. وشكل فوز الرئيس بشار الأسد بـ 10 ملايين و319 ألفا و723 صوتاً بنسبة 88.7 بالمئة، صدمة كبيرة لمعظم الدول التي راهنت على خسارته، أو على أقل تقدير فوزه بنسبة ضعيفة جداً تجعلها تشكك في شرعيته كرئيس منتخب من أكثرية الشعب السوري.
بعد صدور نتائج الانتخابات، لم يعرف المسؤولون في الكثير من الدول المعادية لسوريا، التعبير عن صدمتهم من الملحمة الديمقراطية التي سطرها الشعب السوري، حتى راح هؤلاء يبحثون عن عبارات للتشكيك بانتخاب الاسد واعتبار هذه الانتخابات غير شرعية، لا سيما أن الحل في سورية تأكد اليوم بأنه ينطلق من الأسد وينتهي عند الأسد.
لقد أكد الشعب السوري على المفهوم الحقيقي للديمقراطية، التي تقوم على مبدأ سيادة الشعب ـ الأمة، بمعنى أن الشعب والأمة يشكلان كياناً معنوياً مستقلاً عن الأفراد، يختار من يريده لممارسة السلطة. وقد أتت الانتخابات السورية على قدر تطلعات الشعب السوري نحو التحول الديمقراطي والعيش باستقلال وحرية تحت كنف الدولة السورية.
الانتخابات نموذج ديمقراطي للمشاركة السياسية
إن الانتخابات هي تلبية لحق من حقوق الإنسان التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث أكد الإعلان على "حق الإنسان وحريته في المشاركة في إدارة شؤون المجتمع الذي يعيش فيه”، هذا الحق احترمته الدولة السورية على الرغم من كل ما تتعرض له.
أما الهدف الاساس من الانتخابات فهو الوصول إلى المشاركة السياسية التي تفضي للاستقرار السياسي والاجتماعي، الذي تعتبر سوريا بأمس الحاجة إليه حالياً، كما أنها تزود السلطة السياسية بالمشروعية المطلوبة لأنها تضمن تمثيل السلطة السياسية للمجتمع بكافة اطيافه.
وقد اعتبرت الامم المتحدة ان الديمقراطية من الاسس التي تقوم عليها حقوق الانسان وضمنت الحق بالانتخاب وحق التعبير عن الآراء كما ضمنت حرية الانتماء للأحزاب ووجود البرلمانات وفصل السلطات والحق في الوصول للسيادة والترشح لها، وأن يكون الأساس الذي تبنى عليه الحكومة هو تنفيذ حاجات الشعب ورغباتهم بما لا يتعارض مع مصلحة البلاد.
لذلك تعتبر الانتخابات وسيلة للإصلاح السياسي عبر مشاركة الشعب بهذا الاصلاح، وبالتالي فإن اختيار الشعب السوري للرئيس الأسد هو تعبير صادق عن رؤية هذا الشعب إلى مستقبل سوريا، التي يحكمها رئيس منتخب من الشعب يأخذ شرعيته كاملةً منه، بدلاً من أن تُحكم من قبل جماعات إرهابية تقتل هذا الشعب.
شرعية الرئيس الأسد
وفق ما تقدم، يمكننا القول إنه بمجرد انتخاب الرئيس الاسد من قبل الشعب السوري، حصل على شرعية دولية، لأن شرعية الرئيس تأتي في الأصل عبر شعبه لا عبر أحد آخر، على عكس الاعتراف بالحكومات. ولم يعد بإمكان أحد الادعاء أن الانتخابات السورية غير شرعية، لأن الكلام عن ذلك يمس بالشعب السوري وكيانه وقراره وحرية رأيه. فهل لو أن الشعب السوري انتخب رئيساً غير بشار الاسد كانت هذه الانتخابات شرعية؟ وفي حال انتخاب الرئيس الاسد تعتبر الانتخابات غير شرعية.
إن التشكيك بالانتخابات السورية هو إهانة للشعب السوري وضرب لمفهوم الديمقراطية التي يتحدث عنها الغرب صباحاً ومساءً، كما يعتبر خرقاً للسيادة السورية، لأن من أسس مفهوم الديمقراطية احترام سيادة الدولة، فالسيادة هي سلطة عليا آمرة غير قابلة للتجزئة، أو التصرف فيها وهي تعود للشعب الذي اختار رئيسه.
ويمكن القول إن كل من اعتبر أن الانتخابات الرئاسية السورية غير شرعية وشكك فيها، ينتهك القانون الدولي ويتدخل بالشؤون الداخلية السورية ويتعدى على سيادة الدولة السورية وحقوق الشعب السوري. وميثاق الأمم المتحدة حظر في المادة الثانية منه التدخل في الشؤون الداخلية للدول، حيث يقول إنه "ليس في الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة” أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما..”. كما ينتهك العديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، في حين أن نتائج الانتخابات تعتبر نهائية وصحيحة.
المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها”
وأكدت المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أن "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها”، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يمنع وصول الرئيس الاسد للرئاسة من جديد، أو أن يشكك في الانتخابات السورية، أو يصادر قرار الشعب السوري واختياره داخل صناديق الاقتراع.
إن الرئيس الاسد هو الرئيس الشرعي للبلاد، وعدم اعتراف بعض الدول بشرعيته لا يؤثر أبداً على مركزه القانوني كرئيس لسوريا، فهناك دول كثيرة تعترف بشرعيته وشرعية الانتخابات السورية، ويكفيه أن الشعب السوري اعترف بشرعيته.
وفي القادم من الأيام، قد نرى الدول التي عارضت الانتخابات السورية تبحث عن مخرج للاعتراف بالرئيس الاسد، والجلوس معه في نهاية المطاف من أجل حل الأزمة السورية، لأن الحل في سوريا يبدأ من عند الرئيس الأسد وينتهي عند الرئيس الأسد كرئيس منتخب للبلاد.