kayhan.ir

رمز الخبر: 211377
تأريخ النشر : 2025August17 - 20:37

اوزار "ممر ترامب"

 

 استتبع الاتفاق الثلاثي بين اميركا واذربيجان وارمينيا بخصوص ايجاد ممر يربط اذربيجان مع نخجوان ويستدعي المرور في الاراضي الارمينية لمسافة 47 كم، استتبع تحليلاً متعدد الجوانب، فالبعض اعتبره موضوعاً منتهياً وآخرون اعتبروه بمستوى "مذكرة تفاهم" تفتقد التفاصيل وطريقة التنفيذ. فيما وصفه البعض اتفاقاً ضمن صلاحيات البلدين؛ اذربيجان وارمينيا، بينما اعتبره بعض آخر تغييراً جيوسياسياً لمنطقة القوقاز مما يستتبع تداعيات اساسية لقوقاز الجنوبية واطرافها "روسيا وايران وتركيا و...". وقال البعض ان هذا الاتفاق ينجر الى العبث بأجزاء من الحدود الشمالية لايران من قبل اميركا لتعمل نفوذها، واعتبر البعض اقتصادياً من ضمن عشرات الممرات الترانزيتية في المنطقة يفتقد محاور استراتيجية. وحول هذه الرؤية نقرأ؛

1 – مع تدخل اميركا في موضوع الطريق بين ضفتي جمهورية اذربيجان تجاوز الموضوع العلاقات بين بلدين، اذ ان منطقة القوقاز الجنوبية تشمل ثلاث دول وبعبارة ثانية خمس دول، فمن جانب تحاذي الحضارة الايرانية وقسماً من الساحة السياسية – الامنية لروسيا، ولذا فان نظم هذه البقعة لا يتحقق دون مشاركة هذين البلدين، لاسيما اذا تم تدخل طرف ثالث فيها، ليس لا علاقة له مع هذه البقعة وحسب بل له خصوصية مع الدول المحيطة. فايران وروسيا لهما حالة خصوصية مع اميركا منذ عشرات السنين. فايران وروسيا من جهة واميركا من جهة ثانية تدرج عبارة العدو في الوثائق الوطنية لكل منهم، والاهم انه خلال الشهرين الماضيين حصل نزاع عسكري بين ايران واميركا. من هنا فمن الواضح ان حضور اميركا كطرف ثالث، وكأنه جهة اساسية! يستبطن اهدافاً خلف الكواليس له الاهداف العدائية، في الوقت الذي حسب القواعد الدولية لا يحق لاي دولة ابرام اتفاق على حدودها البرية او المائية او ايجاد وضعية تضر طرفاً ثالثاً. فالذي حصل هنا لاشك هو اجراء اميركي بماهية امنية – عسكرية وفي الرتبة الثانية اجراء يتمحور في العداء لايران، وبالطبع يكون لروسيا كذلك وله تداعيات جيوسياسية مما يدفع ايران وروسيا للحؤول دون تنفيذ هذا المشروع.

2 – وفق وثيقة منشورة فان تفاصيل هذا المشروع مازال قيد الدرس مما يعكس ان هذه الدول الثلاث في قلق من تداعياته. وهذا لايعني عدم وجود فكرة عن تفاصيله او لم يحصل اي محادثات بينهم اذ ان التفاصيل لم يصادق عليها بعد ولكنها مطروحة. وهذا الموضوع بالنسبة لنا فرصة استثنائية للحؤول دون تنفيذ المشروع لاسيما التفاصيل التي تتعارض مع مصالحنا الامنية. فينبغي ان نعلم ما تمت الموافقة عليه. فسبق لسنوات ان بحث الامر وقبل سنوات تم التفاهم بين البلدين على المقدمات.

وهذا يعني اننا لسنا نواجه ممراً ترانزيتياً وحسب بل مؤامرة، فلا نشك بان ما حصل من اتفاق في واشنطن بمثابة عدم رعاية حقوق وسيادة ايران.

3 – ان كانت اميركا واذربيجان وارمينيا يظنون ان تنفيذ مشروع لا يراعى فيه حقوق ايران وروسيا فهم واهمون. فالخطأ الاول ارتكبته اذربيجان وارمينيا حين ظنا بربط الممر باميركا سيؤدي لاستقرارهما والاطمئنان من مستقبل وضّاء. اذ ان رئيس وزراء ارمينيا "باشينيان" وبسبب ما ابداه من ضعف قد عرض بلده لتهديدات امنية مكررة وخسر موقعيته حين ظنّ ان اتفاقاً بهذه الخصوصيات سيؤدي لاستقرار ارمينيا والتمتع بمواهب اقتصادية سريعة، فعلى ارمينيا ان تعلم ان العداء بين اميركا وايران ليس عداءً سياسياً حول موضوع خاص. فهذا الخصام له وجهة سيادية، اي من جانب فان ايران تعتبر اميركا لتدخلها المخرب في شؤون الاخرين كما حصل في افغانستان والعراق وسوريا، ووقوفها بجانب الكيان الصهيوني المجرم، تعتبرها غير شرعية، ومن جهة اخرى فان اميركا تعتبر ايران عدواً لا يحتمل لذا تسعى لقلب نظامها السياسي، فما نجم عن هذا الاتفاق هو خلق عدو لارمينيا والقوقاز، ولذا فان الاتفاق قد اخل بامن القوقاز وسينعكس اثره على شعبي اذربيجان وارمينيا اولاً.

الامر المهم الاخر هو ان اميركا قد مرت بتجربة حضور عسكري فاشل في هذه المنطقة. اذ ان اميركا وبمعية بريطانيا وعدة دول غربية اخرى قد غزوا العراق بقوة عسكرية وامنية يقرب من 300 الف مقاتل في نيسان من عام 2003، ولكنهم وصلوا الى طريق مسدود بعد ثلاث سنوات. وبعد اربع سنوات اي في عام 2007 اضطرت حكومة بوش لتوقيع اتفاقية مغادرة العراق كدولة مقاومة. ففي الفتر ة من دخول اميركا للعراق الى خروجها فانها ليست لم تجيء بالاستقرار للعراق وحسب بل لم تتمكن من توفير الامن لقواتها.

فالعراق كان قد حارب ايران لثمان سنوات تحول اثر الغزو الاميركي الى دولة مقاومة ضد اميركا. وعلى ارمينيا واذربيجان ان يعلما انهما لن يجدا وضعاً يختلف عن ما آل اليه العراق وان المواجهة مع الاميركان ستبدأ منذ اليوم الاول.

4 – من وجهة نظر ايران وروسيا فان القوقاز ينبغي ان تتحول الى منطقة استقرار وسلام ورفاه، وهذا السلام والاستقرار يفتقد من جهة الى اتفاق بين جمهورية اذربيجان مع جمهورية ارمينيا، ومن جهة اخرى بالنظر الى الخلاف على الاراضي بين البلدين فهما بحاجة الى معالجة اقليمية مع حسن النية الشامل لتعاون دول مثل ايران وروسيا وتركيا. وكانت هذه المعالجة قد فُعلت لعام وعقدت جلسات.

ولا يوجد اي ترديد انه بمقدار ما يكون عدم الاستقرار في القوقاز منافياً لمصالح ايران وروسيا، فان السلام والاستقرار يتطابق ومصالح هذين البلدين. ونقولها اخوية مع المسؤولين الاذربيجانيين والارمينيين لا نرغب في ان تتحول منطقة القوقاز الى صراع بين ايران واميركا او روسيا واميركا.

5 – وفي ايران ينبغي ان يفهم بان ما حصل من اتفاق ثلاثي ليس موضوعاً قليل الاهمية. فللبعض تصريحات غير محسوبة، وللاسف نسمع ذلك من مسؤولين لهم تجربة، وهذا امر مستغرب. فما حصل من اتفاق اذا ما اخذ مجراه سيتسبب في اثارة اختلافات في المنطقة. فايران مضطرة للتدخل بحزم وتحول دون وقع امر له الاثار الامنية السيئة لعشرات السنين.

فهذا الاتفاق سيجعل علاقات ايران مع اذربيجان وارمينيا في وضع مشكك ملؤه سوء الظن. اذن على ايران ان تتدخل – ولا يعني هذا التدخل العسكري -  وتقدم الادلة القوية للبلدين خلال الحوار معهما وبالطبع لابد من مشروع بديل يرضي الجانبين، بعرض سبيل واضح لتحقيقه. ان التحرك الدبلوماسي الاقليمي بشكل ثنائي واوسع من ذلك يمكن ان يوفر السلام والاستقرار والرفاه للمنطقة.

سعدالله زارعي