kayhan.ir

رمز الخبر: 211235
تأريخ النشر : 2025August15 - 19:33

لكل نبي خصوصية إلا أن حسيننا واحد

حسين شريعتمداري

 1 – هنا كربلاء العشرون من صفر عام 61 للهجرة اذ انقضت اربعون يوماً على شهادة الحسين واصحابه. في نفس البقعة جاء جابر بن عبد الله الانصاري الصحابي الجليل وحواري امير المؤمنين "ع"، بمعية عطية العوفي أحد التابعين الموالين لعلي بن ابي طالب "ع" ومن رجال الحديث والتفسير، جاء الى كربلاء لزيارة تربة سيد الشهداء واصحابه.

ان جابر قد فقد بصره في كهولته فيقول لعطية اني لاشم ريح الحسين فمن دون ان يبحث طويلاً يقف على بقعة دفن الحسين فهو على صلة وثيقة بـ"آل الرسول". ان ا باه عبد الله احد 12 شخصاً الذين لم يتخلوا في احد عن مواقعهم طمع الغنيمة اذ كان خالد بن الوليد يترصد واصابه بمقتلة. حينها كان جابر في سن الخامسة عشر اذ حضر معركة احد مع ابيه، وكذلك حضر جميع غزوات الرسول "ص" وقاتل في ركاب علي "ع" في صفين والنهروان والجمل ... وبعد ساعات تحضر قافلة الاسرى من الشام ليشاركوا جابر العزاء بمقتل الحسين "ع" ... انهم يبكون بكاء الغرباء ويشكون رسول الله "ص" الظلم الذي نزل على آل الله...

2 – في تلك الايام من كان يدري ان يتحول اربعين الغرباء الى اكبر ملحمة في انحاء العالم واجتماع لا مثيل له على طول التاريخ.

وكل عام ينعقد اجتماع الاربعين وعشرات الملايين من محبي ابي عبد الله الحسين ليرسموا نهج الحسين على حوافر القلوب، ويختطوا في حرارة العراق التي تفوق الخمسين درجة "خارطة طريق" ذكرى لشهداء كربلاء لاجل استمرار مسارهم يقطعوا مسافة تفوق الثمانين كيلومتر من النجف الى كربلاء سيراً على الاقدام مع ارتفاع العدد سنة بعد اخرى كما يزداد الى عددهم عشرات الملايين من العشاق الذين لم يلحقوا بهم... وتحقق هذا اليوم الحدث غير الممكن حينها.

3 – طفلة عراقية ات تتعدى الخامس من العمر، وبيدها سلة صغيرة تحتوي ازواج خف معدودة، وهي في منتصف طريق جموع السائرين من النجف الى كربلاء تقدم لهم بضاعتها فيما هي حافية القدمين!...

-         كم عمرك يا شيخ؟...84 عاماً ...ما دفعك للمجئ وقد احدودب ظهرك وتتكئ على عصا؟!... جئت لأقول لمولاي الحسين، نحن لا ننساك...

-         سلام عليك ياأخي! من اين مجيئك؟ ... من فرنسا...

-          على رقبتك صليب؟!...نعم انا مسيحي... – مسيحي وتقطع طريق كربلاء راجلاً؟!... يختلف الانبياء الا ان حسيننا ...

-         ايها السائق! لقد انحرفت عن جادة الطريق.من المفرر ان توصلنا الى النجف ولكن...لقد عهدت اهل قريتي ان احضر لهم زواراً ... فانتم في ضيافة قريتنا الليلة، ونكمل في الصباح المسير الى النجف... استميحكم العذر بحق ابي الفضل العباس ان لا تفشلوني عند أهل قريتي! انهم في الانتظار...

-         ما الذي تصنعه يا أخي العزيز! بالله عليك لا تفشلني... لماذا قبلت قدمي؟... قدميك؟!... ليستا  قدميك، انها اقدام جميع الشيعة... فقد علق غبار طريق الحسين عليهما...

-         او حصل خطب ما؟ يسأل الشاب الشرطي العراقي. كلا لا عليك . كل ما في الامر ان تصاحبني لخيمة القيادة!... وحين يصلان الى خيمة القيادة، ينحني الضابط العراقي ليقبل قدمي الشاب المتربتين ... فيندهش الشاب ... واغرورقت عينا الضابط...

4- يكتب مراسل صحيفة "هافينغتون بوست" الاميركية في وصف المسيرة العظيمة: "جانب من هذه المراسم عزاء يصدم كل من يطلع اذ يفاجأ برؤية هذه المشاهد بآلاف الخيم نصبت كمطابخ مؤقتة من قبل قرويي المنطقة على حافة طريق الزوار. وخدمة المواكب يستوقفوا المارة، يشاطرونهم المسير التماساً ليقبلوا دعوتهم التي تحتوي مجموعة كاملة من الخدمات التي تليق بالملوك: ففي البدء يغسلوا الاقدام ومن ثم يقدموا الطعام الجاهز اللذيذ ومن ثم يدعونه للاستراحة فيما تكون الالبسة قد غسلت ثم كويها كل ذلك مجاناً وبمنتهى المحبة...ان وسائل اعلامنا في الغرب يقتطعوا هذه المشاهد".

ويقول مراسل "واشنطن بوست" خلال تقرير: "ان كانت الدنيا قد عرفت الحسين ورسالته وتضحياته لمكن الجميع من العثور على الجذور التاريخية لداعش ويعلموا من اين اتت عقيدة هذه الجماعة في القتل والابادة.

فالبشرية شهدت في كربلاء قبل قرون تأسيس التوحش والجريمة . لقد تلخصت الجريمة والوحشية في قتل الحسين. انها مواجهة الظلام الدامس للنور الساطع.

مواجهة الفساد للفضيلة. من هنا تكون روح الحسين خالدة الى اليوم وتعشقت في حضورها مع زوايا وجنبات حياة هؤلاء الاشخاص... ولا يمكن لاي تعمية اعلامية ان تخفي هذا النور. فمن هو الحسين؟ تساؤل بهذا العمق بحيث يمكنه ان يغير دين الناس، وحينها بالامكان الاجابة على هذا التساؤل عند المسير راجلاً الى حرم الحسين"...

5 – نجد في الاحاديث والروايات، ان بقية الله الاعظم – ارواحنا لتراب مقدمه الفداء – حين ظهوره، يعرّف نفسه للعالم ان ابن الحسين "ع". اذن لابد ان يعرف العالم الامام الحسين "ع"... أليس مسيرة عشرات الملايين في الاربعين وكل عام يزداد من عددهم هو جانب من التعريف بالامام الحسين "ع" لليوم الموعود؟ ان المرحوم آية الله بهجت كان يصنف مسيرة الاربعين في هذا الاتجاه.

 

ولنلتفت الى التعابير الحكيمة لقائد الثورة المعظم: "في وقت سعت مجموعة مصاصة للدماء ليختطفوا اسم الاسلام وينشروا في العالم  باسم الدين الكراهية والوحشية وكل ما هو غير انساني ليصبحوا سبب عار الاسلام والمسلمين.

فالخبر ينتشر في العالم بان عشرين مليون شخص عاشق من مسلمي الشيعة والسنة ينعمون بالعاطفة وفي قمة الجمال والصفاء حضروا كربلاء عند حرم الامام الحسين "ع" ليصدموا العالم. وحينها يثار تساؤل في اذهان غير المسلمين، انه من هو الحسين الذي يحلق الجميع حوله ولماذا لم يذكر لنا هذا النوع من الاسلام، في حين يتم نشر الاسلام الوهابي والسلفي البعيد عن الانسانية في وسائل الاعلام الغربية؟!".

6 – ولكن اربعين هذا العام له طعم آخر، فايران الاسلامية التي ترفع راية العالم الاسلامي قبال عالم الاستكبار، وعادت من حرب الـ12 مع اميركا واسرائيل المدعومة من جميع القوى الصغيرة والكبيرة، عادت منتصرة مرفوعة الرأس. فيما الخصم كان يؤمن ان ايران الاسلامية ستصمد 4 الى 5 أيام! ولكن حين وصلت الحرب لليوم الثالني عشر استجدى الخصم وقف اطلاق النار.

ان زوار الاربعين هذا العام اضافة للشيعة واهل السنة والعديد من المسيحيين والزردشتيين والصابئين و... في اجتماع يقرب من ثلاثين مليون كانوا يباركون الزوار الايرانيين بانتصار ايران الاسلامية على الاستكبار العالمي.

ومن العبارات التي رددها العراقيون اهل الضيافة عند رؤية الزوار الايرانيين "ترابنا تحت اقدامكم وسماؤنا مفتوحة لعبور صواريخكم". وقد غمرتهم نشوة التعبير عن فرحتهم للانتصار ناصبين رسوم وهياكل لانواع الصواريخ الايرانية على طول الطريق فيما تتواصل هتافات الجموع بشعار الموت لاميركا والموت الاسرائيل.