حكومة سلام تلعب بالنار!
العميد مالك أيوب
في خطوة قد تُسجّل في موسوعة غينس «أغبى قرار سياسي في تاريخ الشعوب المنهكة»، قرّرت حكومة نواف سلام أن تحلّ عقدة سلاح حزب الله التي استعصت على «إسرائيل» منذ الثمانينيات، بمهلة زمنية تشبه المواعيد التي يضعها موظف البلدية لإزالة بسطات الخضار قبل يوم العيد. آخر الشهر لتقديم الخطة، وآخر السنة لتنفيذها… وكأنّ الأمر يتعلق بتغيير لون إشارة السير في الشارع وليس بمواجهة أحد أقوى التنظيمات المسلحة التي ركعت لها الجبابرة.
الجيش اللبناني، الذي بالكاد يؤمّن رواتب جنوده ومحروقات آلياته يجد نفسه الآن أمام مهمة مستحيلة اذا ما أراد تنفيذها بالقوة، ويعلم مسبقاً أنّ الهيكل سينهار على رؤوس الجميع ولن يبقى أحد ليروي ما فعله سلام في عهده.
أما حزب الله، فالأمين العام الشيخ نعيم قاسم يقول إنّ «القرار كأنه غير موجود»، والنائب محمد رعد يعتبر تسليم السلاح «انتحاراً». لكن الحكومة، كأيّ هاوٍ للمغامرات الانتحارية، ترى أنّ الانتحار الجماعي قد يكون بداية حياة جديدة… ربما حياة ما بعد الدولة. وهكذا تصبح المعادلة بديهية: واشنطن والرياض تطلبان، سلام يوقّع، الجيش يتورّط، والبلد ينفجر.
هنا تعود القاعدة الذهبية في الكوميديا السوداء اللبنانية: الحرب الأهلية تبدأ بالابتسامة الصفراء… لكنها تنتهي على يد الراية الصفراء، راية حزب الله. وبين الابتسامة والراية، يضيع لبنان بين الوقاحة الدولية والهرطقات المحلية، ويتحوّل لبنان من نسخة «اتفاقية الجميّل 1983» الى نسخة «اتفاقية سلام 2025» تُوقّع في الصباح وينهار البلد قبل العشاء.
سلام الآن في وضع يشبه لاعب شطرنج يُصرّ على تحريك الملك إلى وسط الرقعة وهو تحت مرمى كلّ القطع المعادية، فقط لأنّ سلطة الوصاية تطالبه بـ«اللعب الهجومي». إذا تراجع، يُتهم بالجبن أمام واشنطن والرياض؛ وإذا تقدّم، قد يفتح الباب لصدامات تستحضر شبح الحرب الأهلية مع ما خلفته من مآسي وويلات على جميع مكونات البلد.
يثبت المشهد اللبناني مرة أخرى أنّ السياسة هنا تُدار وكأنها لعبة شدّ حبل بين قاربين يغرقان، والركاب يضحكون لالتقاط الصور قبل أن تبتلعهم المياه. فالبلد الذي يتقن تحويل المآسي إلى نكات يعرف أن خلف ضحكة نواف سلام الصفراء، هناك فوهة بندقية… وخلف كل راية صفراء، تاريخ طويل من الدم والنار والانتصارات، يمتدّ من «الرياض الصفراء» إلى «الراية الصفراء».