طهران: تجويع غزة جريمة غير مسبوقة وأشدّ إبادة جماعية في التاريخ
*مجلس الأمن الدولي عاجز حتى عن إصدار قرار واحد لدعم غزة بسبب عرقلة الولايات المتحدة
*اية مفاوضات مستقبلية ستكون مختلفة تمامًا عما قبل (12 يونيو) ومطالبة أميركا بالتعويض على جدول الأعمال
*إيران لا تزال عضوًا في معاهدة عدم الانتشار واتفاق الضمانات وهي تفي بالتزاماتها طالما استمرت عضويتها
*لا يوجد أي مفتش من الوكالة الدولية في إيران و اي تعاون معها سيكون وفقًا لقانون مجلس الشورى الاسلامي
طهران-تسنيم:-أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحفي امس الاثنين، أنه لا يوجد حالياً أي مفتش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن بقائي أجاب خلال المؤتمر على أسئلة الصحفيين، مستعرضًا آخر المستجدات الدبلوماسية والإقليمية.
واستهل بقائي مؤتمره بتهنئة الصحفيين بمناسبة يومهم الوطني، قائلاً: "لا يمكن تهنئة يوم الصحفي كما لو كان يوماً عادياً، فنحن في إيران والمنطقة نعيش حالة حداد على زملاء فقدوا أرواحهم في سبيل الحقيقة، وكشف الانحرافات، وفضح المجموعات الإجرامية."
وأضاف: "بحسب التقارير، استُشهد أكثر من 230 صحفيًا في غزة خلال الفترة الأخيرة. كما أننا اليوم نستضيف عائلة الشهيد رجب بور، الصحفي الذي استشهد خلال الحرب المفروضة."
وفيما يخص القضية الفلسطينية، قال بقائي: "غزة تتعرض في الوقت نفسه للقصف والقتل بأسلحة أمريكية وأوروبية، بينما تواجه مجاعة خانقة. عدد الشهداء يتزايد بسبب سياسة التجويع المفروضة، وهذه جريمة غير مسبوقة ستُسجل كأشدّ إبادة جماعية في تاريخ البشرية."
وأضاف: "مجلس الأمن عاجز حتى عن إصدار قرار واحد بسبب تعطيل الولايات المتحدة. رغم أن كل الدول – بحسب الوثائق الدولية – ملزمة بتقديم العون الإنساني لغزة، لم يُتخذ أي إجراء فعّال حتى الآن."
ووصف بقائي زيارة الرئيس مسعود بزشكيان إلى باكستان بأنها: "مهمة للغاية في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، وامتداد لسياسة الجوار النشطة التي تتبعها الحكومة."
كما أشار إلى زيارة النائب الأول للرئيس إلى تركمانستان، مؤكدًا أن هذه التحركات تعكس ديناميكية الدبلوماسية الإيرانية.
وحول العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال المتحدث: "إيران أوضحت مرارًا تحفظاتها على الأداء المُسيّس للوكالة، ونؤكد أنها يجب أن تلتزم بمهامها الفنية فقط، دون الرضوخ للضغوط السياسية."
وأكد بقائي أن إيران لا تزال عضوًا في معاهدة عدم الانتشار واتفاق الضمانات، وتفي بالتزاماتها طالما استمرت عضويتها.
كما كشف: "في الوقت الراهن، لا يوجد أي مفتش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران. ويجب أن تُنظم كل أشكال التعاون وفقًا لقانون البرلمان الإيراني، ووزارة الخارجية ملتزمة بذلك."
وتطرق بقائي إلى ما يُعرف بـ"آلية الزناد" لإعادة فرض العقوبات، مؤكدًا: "الدول الأوروبية الثلاث لا تملك حقًا قانونيًا في استغلال هذه الآلية. وقد أوضحنا في الحكومة السابقة كيف سيكون ردّنا إذا أقدموا على ذلك."
وأضاف، إن استخدام مثل هذه الأدوات ستكون له تبعات خطيرة على نظام عدم الانتشار، وعلى هذه الدول نفسها.
وقال بقائي إن زيارة أحد مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران ستُجرى خلال أقل من عشرة أيام.
وفي معرض حديثه عن زيارة الرئيس بزشكيان إلى باكستان وزيارة النائب الأول للرئيس إلى تركمانستان، قال بقائي: "زيارة الرئيس إلى باكستان تُعدّ زيارة بالغة الأهمية، وستفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية. إيران، باعتبارها أول دولة اعترفت بباكستان، والتي لطالما احتفظت بعلاقات جيدة معها، تولي أهمية خاصة لتوسيع هذه العلاقات. وخلال هذه الزيارة، تم التوقيع على 12 وثيقة، وكان من أبرزها تمديد الاتفاقية الثقافية، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات مهمة بشأن التجارة الحرة بين البلدين".
وفي رده على تصريحات وزير الخارجية البريطاني ضد إيران، قال بقائي: "ليس له الحق في إطلاق مثل هذه التصريحات. الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تُشر في أي من تقاريرها إلى أي انتهاك من قبل إيران في أنشطتها السلمية، وهذه التصريحات البريطانية لا تُسهم إلا في إبراز مسؤوليتهم الدولية. ما قاله الوزير يأتي استمرارًا للتقليد القديم للساسة البريطانيين الذين اعتادوا، من منظور استعماري، على إطلاق مثل هذه الادعاءات".
وردًا على العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على قطاع الشحن الإيراني، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية: "لا شك في أن الإجراء الأمريكي يتعارض مع القانون الدولي. لقد تعلمنا خلال العقود الماضية كيف نحافظ على بلدنا، ونواصل طريقنا المشروع، ونتصدى للإجراءات الأحادية الأمريكية. هذه الإجراءات لا تستهدف إيران وحدها، بل تؤثر على جميع الدول".
وفي ما يتعلق بزيارة عراقجي إلى طاجيكستان، قال: "العلاقات الوثيقة بين إيران وطاجيكستان تُعدّ نموذجية. فنحن من جوانب كثيرة شعب واحد. وتأتي هذه الزيارة الثنائية في إطار تعزيز العلاقات مع الدول الجارة".
وتطرق بقائي إلى تصريحات عراقجي حول شروط إيران لاستئناف المفاوضات والمطالبة بالتعويضات، وردود أفعال أمريكا، قائلًا: "أشار السيد عراقجي إلى أن أي مفاوضات مستقبلية ستكون مختلفة تمامًا عن فترة ما قبل (12 يونيو)، نظرًا للتغيرات الكبيرة التي حدثت. ولا شك أن محاسبة أمريكا والمطالبة بالتعويض ستكون على جدول الأعمال".
وأضاف: "إن مناقشة هذا الموضوع بطريقة ساذجة تعكس ضعفًا في الإلمام بالقانون الدولي. ما يُثير السخرية هو السياسات الأمريكية نفسها، حيث ترتكب الانتهاكات وتدعم أفعال الكيان الصهيوني، ثم تحاول تبريرها. يجب على المتحدثين الأمريكيين مراجعة سوابق المحاكم الدولية في قضايا مشابهة، كقضية المنصات النفطية الإيرانية التي أدينت فيها أمريكا".
وبشأن شروط إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال بقائي: "الحديث لا يدور الآن حول كيفية تواجد المفتشين في المواقع، بل نحن حاليًا في حالة تعليق التعاون. وتهدف زيارة ممثلي الوكالة إلى متابعة هذا الموضوع. فنحن نواجه وضعًا استثنائيًا، إذ تعرضت منشآت دولة عضو في معاهدة عدم الانتشار لهجوم غير قانوني من قبل نظامين يمتلكان السلاح النووي، ولم تكن الوكالة محايدة، ولم تُدن هذا العمل، بل أصدرت تقريرًا مهد الطريق لتسييس القضية. نحن في ظروف خاصة وننتظر هذه الزيارة".
وعن مبادرة "المنارة" المتعلقة بالملف النووي الإيراني، قال: "ينبغي بطبيعة الحال أن يوضح أصحاب المبادرة تفاصيلها. موضوع إنشاء كونسورتيوم (تحالف نووي) ليس بالأمر الجديد، ولكننا لم ندخل في تفاصيل هذه المبادرة خلال المفاوضات. من الطبيعي في بلد كإيران، حيث كان الملف النووي مطروحًا منذ 20 عامًا، أن يكون لدى المفكرين والمهتمين رؤى حوله. بالنسبة لنا، فإن التخصيب داخل إيران جزء لا يتجزأ من حقوقنا الأساسية، وأي مبادرة تضمن هذا الحق ستكون قابلة للدراسة".
وحول ما يُقال عن مشاورات ثلاثية بين سلطنة عمان وقطر والسعودية بشأن الملف النووي الإيراني، قال بقائي: "نحن لا نملك أي علم بهذا الموضوع، ولا يمكن تأكيد وجود شيء من هذا القبيل".
وفيما يخص المفاوضات المقبلة مع الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا)، قال: "خلال الاجتماع الذي عُقد في إسطنبول، تم الاتفاق على استمرار الحوار، لكن لم يتم بعد تحديد موعد أو مكان لعقد الجولة التالية. الموضوع الأساسي هو الملف النووي، ونحن منذ البداية دخلنا أي مسار تفاوضي بجدية، ونعتقد أنه يجب أن يكون مثمرًا. ما يُقال خارج إطار المفاوضات لا فائدة منه".
وقال بقائي، تعليقًا على تصريحات عراقجي بشأن استعداد إيران للتعاون الجديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن: "إيران حالياً، بموجب قرار البرلمان، في حالة تعليق للتعاون مع الوكالة. لسنا في وضع أمني طبيعي، سواء من حيث سلامة منشآتنا النووية أو سلامة مفتشي الوكالة. لذلك من الضروري إعادة النظر في طريقة التعامل مع الوكالة. الزيارة القادمة لمسؤولي الوكالة تهدف إلى بحث آلية هذا التعامل، مع الأخذ بعين الاعتبار قرار البرلمان الإيراني".
وفي سياق متصل، تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية عن متابعة قضية الهجمات التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الصحفيين، قائلاً: "بموجب القانون الدولي، فإن استهداف العاملين في الإعلام محظور تمامًا. أي هجوم على الصحفيين يُعدّ جريمة حرب، سواء في فلسطين أو في طهران. هذا الملف قيد المتابعة القانونية والدبلوماسية".
وفي رده على الموقف الأوروبي من إيران والبيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية ضد طهران، قال بقائي: "من الواضح أن هذا البيان هو محاولة للتهرب من المسؤولية، وادعاءاته السخيفة لا تستند إلى أي دليل. من المعروف مَن يقف وراء صياغته، الولايات المتحدة وفرنسا، والهدف منه هو ممارسة الضغط السياسي على إيران. لكن كل هذه الدول يجب أن تتحمل المسؤولية بسبب دعمها العسكري والسياسي لجرائم الكيان الصهيوني".