kayhan.ir

رمز الخبر: 209597
تأريخ النشر : 2025July15 - 20:57

اليمن شوكة بأعين الغزاة

 

 لاشك في ان حدث الثورة الاسلامية الايرانية وامتداداتها كانت تحتاج الى فتر ة زمنية لتتحول الى اثر اسلامي على وعي شعوب المنطقة وعلى الساحة الفلسطينية بالخصوص بعد ان كانت هذه الساحة اسيرة قناعات وقرارات نفوذ متعددة في اعتمادها على قوى منحرفة تشترط لعطائها ان يكون القرار الفلسطيني منسجماً مع اهدافها. الا ان سرعان ما تلاقف جيل جديد في الاراضي المحتلة رسالة الثورة، اذ سجل اول صدام صهيوني بالوجود الاسلامي داخل فلسطين في شتاء عام 1980 حين قامت قوات الامن والشرطة الصهيونية باعتقال مائة شاب في منطقة الخليل بتهمة انتمائهم للجهاد الاسلامي والقيام بعمليات عسكرية ضد سلطات الاحتلال.

وهكذا الحال في اليمن، فبدل ان ينشغل الشباب اليمني بالملذات والبحث عن المغريات اصبحوا يبحثون عن القيم والعدالة والاسلام، اذ اشعل الطلاب والاكاديميون اليمنيون ثورتهم ضد نظام علي عبد الله صالح في الحادي عشر من نوفمبر عام 2011، فكان الشباب محور الارتكاز في الثورة السلمية سقط منهم مئات الشهداء، بعد ان بنى الاميركان في اليمن وجوداً امنياً بالتعاون مع الرئيس علي عبد الله صالح وهم يدركون ان الثورة ستنسف ذلك البنيان، فسعت لحرف الثورة خوفاً على نفوذها في الخليج الفارسي، معتمدة على السعودية رغم البوارج والسفن الاميركية المتمركزة في خليج عدن والطيران يسرح ويمرح فوق الاجواء اليمنية بذريعة محاربة تنظيم القاعدة، فعقدت مع سلطنة عمان اتفاقاً في اذار 1980 لاعطاء تسهيلات في مطار جزيرة "مصيرة" الذي كانت تستخدمه طائرات "ب – 3"... والتوقيع على اتفاق في 24 آب عام 1980 بشأن تسهيلات في ميناء بربرة وميناء مقديشو. كما وزودت السعودية صيف 1980 باربع طائرات اواكس اضافة الى 400 عنصر يشرفون على تشغيلها وطائرتي صهريج وطائرات النقل الستراتيجي "سي – 141 – ستار".

وهكذا تحولت التسهيلات المحددة الى وجود دائم وقواعد ثابتة وكان وزير الدفاع الاميركي حينها "كاسبر واينبرغر" قد صرح بأنه: "في حال الاعتراض على القواعد الاميركية فان حكومته ستسلك سبلاً اخرى لزيادة وجودها في المنطقة".

أما السعودية فلم تكن تتعامل مع اليمن باعتبارها دولة وانما كمجموعة من القبائل تسعى لكسب ولائها، لاسيما باعتماد الشيخ حسين الاحمر لقيادة المجلس الوطني للقبائل، كي تبقى السلطة في اليمن ضعيفة وتابعة لها مالياً وسياسياً.

الا ان اصرار الشعب اليمني على ثورته وازداد الحنق على آل سعود لتدخله في الشأن الداخلي لليمن، فكانت تخرج المسيرات بشكل شبه يومي لاكثر من 3 أشهر رفضاً للوصاية او التدخل الاجنبي، شهدت صنعاء وتعز والحديدة وذمار وصعدة اشد المسيرات الغاضبة ضد آل سعود واميركا، قاطعين مسافة 300 كم سيراً على الاقدام وشعارهم الحياة، فيما اتهم السفير الاميركي حينها الثوار بالمخربين الذين يثيرون الفوضى في البلاد، ما دفع بالشباب للخروج بمسيرات حاشدة في معظم ساحات التغيير في البلاد، تنديداً بتلك التصريحات.

ان اليمن وبعد حرب لسنوات طوال ورغم الدمار والجوع يواصل تقديم الاسناد للقضية الفلسطينية المنسية عربياً، فقد انخرط اليمن في مشاريع النهوض والتقدم العلمي، اذ ادرك قادة انصار الله خطورة المشروع الاميركي الصهيوني بفرض شرق اوسط جديد يقوم على اعادة رسم خرائط المنطقة من خلال تقسيم دول مجاورة لاسرائيل الى كيانات طائفية واثنية تتنازع فيما بينها وتبعدها عن الصراع مع الكيان الصهيوني، ومن ثم تبدأ مرحلة التطبيع لانهاء القضية الفلسطينية والقضاء على كل سلاح يرفع في وجه "اسرائيل"، من هنا استطاعت الحركة "انصار الله" توظيف خبرات محلية لتصنيع صواريخ ذات دقة متناهية وقوة تدمير هائلة ما غير قواعد الاشتباك فلم تعد فاعلاً محلياً عادياً بل قوة عسكرية ذات تطور متقدم، اذ تمكن اليمن من إمساك اميركا من قرنيها وجرتها الى الحلبة التي تجيد القتال فيها باغراق سفنها وقتل ضباطها وجنودها في البحر الاحمر.

وادركت اميركا انها ليست في مواجهة فصيل بل امام دولة تقاتل بثقة وترد في الوقت المناسب وتعيد رسم حدود الاشتباك بقوة. فخلال عمليتها التي استمرت قرابة شهرين والتي كلفت مليار دولار، واسفرت عن فقدان 10 طائرات استطلاع قتالية مسيّرة من طراز 9 ميك، واسقاط 3 مقاتلات من طراز اف 18 سوبر هولرنت ادرك الاميركيون صعوبة محاربة الشعب اليمني العنيد المقاوم فاضطروا الى قبول الهزيمة. وهكذا برزت جبهة التهديدات اليمنية التي تجاوزت العمل العسكري الى ضرب المصالح الاقتصادية في عمق الكيان الصهيوني، وفرضت الحركة نفسها في معادلة التوازنات في الشرق الاوسط.

ويبقى خطاب المقاومة اليمنية انه لطالما استمر عدوان الكيان الصهيوني وجرائمه ضد شعب غزة المظلوم فسيتم استهداف اي سفينة تستخدم لاغراض تجارية للكيان، ومع توقف الهجمات على غزة ستتغير استراتيجية الأمة اليمنية تجاه العدو.

لقد تعودت البشرية عبر تاريخها المعاصر معايشة الرعب في كل حقبة. فبعد الرأسمالية ها هي الليبرالية غير المقيدة تحاول ان تضع ميسم القداسة على سلوكياتها، ولم تستطع العولمة تحقيق الموازنة بين النمو الاقتصادي والنمو الاجتماعي في اغلب البلدان حتى المتقدمة منها، فالحضارات الزائفة لا تنتج سوى قواميس للسلطة المهترئة ابجديتها، التعسف والتبعيض والجريمة.