سياسة الاستفراد فشلت مع المقاومة
رغم امتلاك الدول العربية كل عناصر الصراع المادية والجغرافية والبشرية الا ان المعادلة كانت لصالح الكيان الصهيوني دائماً. فتل ابيب على الدوام هي المحددة لحركة الصراع فلا يوجد تفاوض لانها لا تريده إلا وفق ما تحدد وتشترط، وتل ابيب تهدد علناً بانها ستضرب أية قاعدة طيران لانها تشكل خطراً على الامن القومي الاسرائيلي، وتقتل المئات من الابرياء في دورات اغارة على مخيمات الفلسطينيين والمناطق السكنية للبنانيين بينما السلاح الجوي العربي لا يجرأ على الاقتراب من الاجواء الصهيونية. حتى كانت تجربة المقاومة اللبنانية لتصحيح الخلل في ميزان الصراع مع الكيان الصهيوني والعرب منشغلون بإقامة القمم، اتفاق شباط عام 1985، وقمة ايفران عام 1986 وقمة الاسكندرية بينما تضرب ليبيا مرتين عام 1986 من قبل اميركا، فيقول جورج بوش – كان آنذاك نائباً للرئيس الاميركي – "ان دول الخليج الفارسي كانت راضية على العمل الاميركي ضد ليبيا". ومن قبلها قصف المفاعل العراقي في السابع من حزيران عام 1981.
واليوم يطبق الكيان الصهيوني خطة الجنرالات لدفع سكان قطاع غزة الى الهجرة سواء ً طواعية كانت أم قسرية. اذن هو القضاء على الوجود الفلسطيني بشكل ممنهج من خلال نسف المباني وتسوية مناطق بالارض وانعدام مقومات العيش لتكون غزة غير قابلة للحياة، باتباع سياسة تقطيع غزة مناطق معزولة بلا معابر، كما حصل في الضفة الغربية من قبل بتقسيم المناطق الى الف وباء وجيم كي لا يكون اي تواصل جغرافي.
وقد خصص كيان الاحتلال ميزانية قدرها خمسة مليارات دولار لبناء "مدينة انسانية" في رفح يتم اسكان 600 الف فلسطيني فيها في المرحلة الاولى، تكون خاضعة لحكم عسكري صهيوني.
ونفس السياسة جُربت مع سوريا فبعد سنوات من الحصار والعقوبات الاقتصادية وتجييش التنظيمات الارهابية وخيانة بعض حكام العرب وقعت سوريا فريسة في مخالب اميركا والكيان الصهيوني بعد تنصيب ابومحمد الجولاني رئيساً للادارة المؤقتة وجر هذا البلد المقاوم الى حظيرة التطبيع اذ شارك الجولاني في اكثر من اجتماع مع مسؤولين اسرائيليين في اذربيجان السبت الماضي، ضم الوفد الصهيوني مبعوثاً خاصاً لرئيس الوزراء نتنياهو وشخصيات امنية وعسكرية، والترتيب لفتح مكتب تنسيق اسرائيلي في دمشق، كما عقد الجولاني اجتماعاً مع مستشار الامن القومي الاسرائيلي "تساحي هانغبي" في العاصمة الاماراتية ابوظبي بتنسيق من الرئيس الاماراتي "محمد بن زايد"، مع اغراءات تقترح على الجولاني بضم طرابلس واجزاء من البقاع اللبناني الى سوريا. واخرها تصريح المبعوث الاميركي "توماس برّاك" بان لبنان قد يواجه تهيداً وجودياً واذا لم يحل مشكلة حزب الله فسيعود الى بلاد الشام.
وهو تدخل سافر في سيادة الدول، متناسياً هذا المبعوث ان العدو الاسرائيلي مستمر في انتهاك وقف اطلاق النار وتعمده الاعتداء اليومي على لبنان مانعاً المواطنين من العودة الى قراهم، بالطبع مع اصرار الغرب على تسليم سلاح المقاومة دون قيد للقضاء عليها كي تستفرد "اسرائيل" بلبنان مستقبلاً. فوزير المالية الصهيوني "سموتريتش" قد طالب حكومته بضم لبنان الى الكيان. وكذلك تصريح نتنياهو بان الحركة الصهيونية كانت قد تنازلت - في مؤتمر فرساي الذي عقد عام 1919 – عن مطالبها بمياه نهر الليطاني في جنوب لبنان الذي كان من المقرر ان يكون مصدر المياه الرئيس للاستيطان اليهودي!
الا ان المقاومة في لبنان لن تحيد عن صراعها الذي اختطته منذ اليوم الاول بالرغم من كل التضحيات. فكم كانت تصريحات سماحة السيد سامي خضرا "عضو المجلس المركزي في حزب الله لبنان" مثلجة للصدور حين يضع البصمة الواضحة لضمانة المسار، فيقول: "ان فتاوى وخطب قائد الثورة الاسلامية سماحة السيد علي الخامنئي "دام ظله" لها اثرها داخل ايران وخارجها. إنه مرشد الامة وقائدها في مواجهة الامواج العاتية الى بر الامان، وهو الذي يرفع راية كربلاء منذ انتصار الثورة الاسلامية ناصراً للمستضعفين والمظلومين في اي مكان بوجه اعداء الانسانية، وعلى العالم الاسلامي ان يجتمع تحت هذه الراية. والمفروض من كل احرار العالم ان يعرفوا الحق والحقيقة في المنطقة: ان هناك قائداً واحداً هو الامام السيد علي الخامنئي "دام ظله".
اما على صعيد المقاومة اليمنية فما تقوم به من استهداف لخطوط الملاحة البحرية المرتبطة بالكيان الصهيوني يحدث شللاً في المركز بتحطيم الاقتصاد وايجاد خلل في البيئة الامنية في صياغة لمفهوم المقاومة الاقتصادية وكسلاح ستراتيجي حيث لم تعد القبة الحديدية كافية لطمأنة رؤوس الاموال. وكما قيل ان الامبراطوريات تسقط حين تفقد قدرتها في ادارة التناقضات بين الداخل والخارج.