الوعد الصادق ومصير شبكات التجسس الاسرائيلية في ايران
علاء الرضائي
المجتمع الايراني مجتمع متعدد القوميات والاعراق، الى جانب ان ايران دولة متراميةالاطراف اغلب جغرافيتها او مساحات شاسعة منها غير مسكون او ذا كثافة سكانية قليلة، مع انتشار للصحاري وكثافة للغابات ووجود سلاسل جبلية كبيرة ووعرة.
يضاف الى كل ذلك طبيعة الحياة الايرانية والعلاقة بين المدن الكبيرة والارياف، من مساكن في المدن وفلل ومزارع على اطرافها وفي حواشيها وقراها.
هذه الحالة وماطرأ عليها من هجرة كثيرين من الاطراف الى المدن الكبرى كعمال ومزارعين ووجود تجمعات مهاجرة (حتى من خارج ايران) كالافغان بالتحديد، وما يضاف اليها من تساهل الأمن معهم بأعتبارهم أناس فقراء وكادحين، ادى الى"عشعشة" بعض العناصر المتآمرة والخائنة والإنفصالية في اطراف المدن الكبرى، حتى وصل الأمر الى اقامة ورشات صناعة مسيرات واختيار مواقع اطلاق المقذوفات من على أسطح البيوت او المرتفعات خارج المدن.
ولعل المتابع يستغرب من عدد الذين يلقى القبض عليهم اليوم بتهمة العمالة والتجسس لصالح الكيان الاسرائيلي، في حين اننا لو دققنا في الأمر سنجد ان القضية غير مستغربة في سياقاتها القائمة مع وجود حوالى 100 مليون انسان او اكثر يعيشون على الارض الايرانية بينهم بضعة ملايين من جنسيات أخرى.
أضف الى ذلك أن ملف المعارضة الايرانية بكل تفاصيله من التنظيمات الملكية واليسارية الى الانفصالية تم تسليمه امريكياً وبريطانيًا وسعودياً الى الموساد الاسرائيلي، وحتى الذي لا يزال بيد اجهزة المخابرات الاخرى، الدولية والاقليمية (ومنها العربية) فهو ينسق مع الموساد، وبالتالي فأن هؤلاء الذين يلقى القبض عليهم عناصر إنفصالية تعمل مع الموساد الاسرائيلي.. وفيهم الكوردي والعربي والبلوشي والفارسي (من الملكيين وجماعة رجوي وبعض الاحزاب اليسارية) وهؤلاء على حدّ زعمهم هدفهم اسقاط النظام الاسلامي ليقيم كل منهم "دولته المستقلة" والتي تتداخل حدودها احياناً مع رفاقهم في الخيانة من القوميات الاخرى!
اما سهولة القاء القبض عليهم، فالأمر يعود لسببين:
1. لدى الأمن الايراني اشراف واسع على المجموعات المناوئة والانفصالية.
2. التعاون الشعبي المذهل، حتى ان بعض ابناء العشائر العربية أقاموا بانفسهم وبالتعاون مع قوى الأمن الداخلي نقاط سيطرة وتفتيش.
"ان اعادة ترتيب المخازن والبساتين والمنتجعات الشخصية اطراف المدن بإمكانه ان يحدّ كثيرا من عمل أجهزة المخابرات الاجنبية واختراقاتها.
يضاف الى كل ذلك، قطع أسباب ارتماء ضعاف النفوس في احضان دولة اخرى، لاسباب اقتصادية، مذهبية، سياسية واجتماعية.
الى ذلك، فأن المتابع لما تنشره القوى الانفصالية العميلة خلال الفترة الذي سبقت العدوان الصهيوني على الجمهورية الاسلامية وحتى ما بعد النهاية العدوان، يصل الى بعض النتائج ومنها:
1- ان هذه القوى ليس لديها اي مشروع "بديل" للجمهورية الاسلامية وانها ربطت نفسها بأجهزة المخابرات العالمية والاقليمية فحولت من تزعم أنهم "مناضليها" الى مجرد مرتزقة يقومون بعملية احتضان الجواسيس وعناصر الموساد والMI 6 و CIA، لتنفيذ عملية قتل ضد دورية شرطة و شرطة المرور او حمل معدات الجاسوسية والسلاح عبر الحدود مع البلدان الأخرى او داخل ايران.
2- كانت هذه القوى العميلة تتصور ان العدوان سيقضى على الجمهورية الاسلامية وانها ستحط في مطار طهران بعد يومين او ثلاثة من انطلاقة العدوان! لكن أملها خاب وأصيبت بنوبة يأس شديدة، أفقدتها ما تبقى لها من عناصر وحلفاء.
3- هناك خلافات عميقة وتراشق بين جميع اصناف المعارضة والقوى الانفصالية، يصل الى حدّ السباب ولربما الاقتتال والتآمر، فلا الملكي يقبل بالجمهوري، ولا انفصالي مُعتَرف به من قبل القوى الداعمة للمركزية.
اضافة الى الخلافات العميقة داخل كل واحدة من هذه المصنفات والمسميات.
4-فقدان هذه القوى للقواعد الجماهيرية، خاصة بعد تعرض البلاد للعدوان ونجاح الخطاب الاعلامي الايراني في حشد جميع ابناء الشعب خلف القيادة.
5- الضربة التي طالت عملاء الموساد في داخل ايران، كانت في الحقيقة موجهة بالدرجة الاولى الى القوى الانفصالية وسائر العملاء من ملكيين وجماعة خلق المنافقة، لأن هذه القوى هي التي تقدم الدعم للموساد مقابل المال والدعم السياسي والاعلامي.
6- وباستثناء إعلام الكراهية الطائفي الذي تبثه هذه القوى العميلة ضد اتباع مذهب اهل البيت(عليهم السلام) بسبب بعض الممارسات غير المنضبطة في عاشوراء، فأن هذه القوى ليس لديها اي شيء تقوله لعناصرها والعالم، سوى انها كـ"الشحات" أو "المتكدي" ينتظر ان يتفضل عليه الامريكي والصهيوني بعدوان على الجمهورية الاسلامية، غافلين من ان الأمريكي والاوروبي والصهيوني له حساباته الخاصة التي لا تأخده وسائر الخونة والعملاء في الحسبان.
7- يضاف الى ذلك التخبط الصهيوني في تسويق العملاء، ففي حين يسوق أحد عملاء الموساد المعروفين رضا بهلوي نجل شاه ايران المقبور، يقوم آخر بالتسويق للقوى الانفصالية، علما ان بين الملكيين والانفصاليين حرب طاحنة اشد من حرب الملكيين مع جماعة خلق (المعروفين بالمنافقين في ايران)، وقد تجلت بعض اوجه هذا التطاحن الى اشتباكات بين مؤيديهم في اوروبا.
8- والأمرّ (من المرارة) على بعض القوى الانفصالية العميلة، خاصة مايعرف بـ"الاحوازية" التي كانت متحالفة مع صدام في حربه ضد الجمهورية الاسلامية ومن ثم تحالفت مع الانظمة والقوى التكفيرية، هو ان البلدان التي كانت تدعمها ادانت العدوان على ايران واعلنت عن عدم تعاونها مع المعتدين(ولو في ظاهر الأمر!)، وبالتالي ليس لديهم دعم شعبي ولا دعم اقليمي ولا دولي... ومن مال الله يا محسنين!!