kayhan.ir

رمز الخبر: 208995
تأريخ النشر : 2025July02 - 19:18

ماذا عن اجتماع ترامب نتنياهو؟

 

ناصر قنديل

 بعيداً عن الخطاب الإعلاميّ لإعلان النصر على إيران يعرف دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو ما تقوله تقييمات أجهزة مخابرات كل منهما حول حقيقة أن المعضلة الإيرانية زادت تعقيداً، وأنها تحتاج لإعادة تقييم جدّية هادئة، طالما أن التفاهم مع النظام القائم يبدو إذا حدث مجرد مرحلة مؤقتة وأن الهدف الاستراتيجيّ يبقى إسقاط النظام، وقد ظهر أن حسابات الحرب لإطلاق ديناميّة تسقط النظام لم تكن في مكانها، وبعدما كشفت قدرات إيران الصاروخيّة عن معضلة استراتيجية أخرى لا تقلّ خطورة عن المعضلة النوويّة التي يجب التعامل معها تفاوضياً بعدما فشلت الحرب في حلها، لأن القضية ليست في تدمير منشآت نوويّة بل في تدمير القدرة على النهوض مجدداً نحو برنامج نوويّ ربما يكون أشدّ خطورة إذا تمّ في الظل، ومع وجود هذه القدرة الصاروخيّة وضعف قدرات الدفاع الجوّية في مواجهتها كماً ونوعاً لا بدّ من التحضير الذي يستغرق وقتاً لتأمين مستلزمات أي حرب جديدة، إذا سنحت الظروف بخوضها، لكن كل ذلك لا يجب أن يمنع مواصلة خطاب النصر لقطف ما يمكن من ثمار في المحيط العربي، الذي لم يتفاعل مع الحرب، كما رغب وكما توقع الأميركي والإسرائيلي.

ثمّة نقاش في دوائر أميركية وإسرائيلية مضمونه الاعتراف بأن هناك عدم استجابة الرأي العام العربي لدعوات مساندة الحرب على إيران، رغم كل التوقعات المعاكسة وفقاً لمسار التحضير السياسي والإعلامي تحت عنوان التحالف بين العرب خصوصاً في الخليج ( الفارسي)و”إسرائيل” بوجه الخطر الإيراني المشترك، وأن الشيء نفسه حدث في الشارع الغربيّ الذي خاضت حرب إعلاميّة ضخمة لضمان مساندته مثل هذه الحرب، وأن السبب في اتجاه الرأي العام الغربيّ والعربيّ نحو مساندة إيران عائد بنسبة كبيرة إلى الحرب على غزة وما يرافقها من توحّش وإجرام، وأن الشارع العربيّ والغربيّ الغاضب من “إسرائيل” لا يستطيع أن يساندها في أيّ حرب تخوضها، بل يكفيه أن يرى لحظة ضعفها أمام الصواريخ الإيرانيّة كنوع من العقاب الذي لم يجرؤ أحد على إنزاله بالمجرم والقاتل الذي واصل لعشرين شهراً قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات ودور العبادة على سمع ونظر العالم دون حسيب أو رقيب.

ثمّة اعتقاد في الدوائر اللصيقة بصنع القرار في البيت الأبيض أن وقف الحرب على غزة سوف يُحسّن من صورة الرئيس ترامب، وسوف يتيح نوعاً من الصفقة العربية الأميركية لتعويم بنيامين نتنياهو لقاء وقف الحرب على غزة، ولو بصيغة تشبه ما يجري مع وقف إطلاق النار في لبنان، التوقف عن تدمير المباني والبنى التحتيّة وملاحقة بنية المقاومة، ومنطلق واشنطن هو أن غياب نتنياهو سوف يعني فتح الطريق لضعف “إسرائيل” أمام إيران وقوى المقاومة، وبمثل ما يسعى ترامب للحصول لنتنياهو على عفو يُنهي المحاكمة التي تهدّد مستقبله السياسيّ، فهو يسعى لجائزة عربية بحجم تطبيع دولة وازنة مثل سورية إن لم تكن السعودية جاهزة بعد لهذا التطبيع، لكن التطبيع السوري يحتاج تغطية عربيّة وتركيّة، يسعى ترامب لتوفيرها، ومثلما سوف يكون الاتفاق المقترح لغزة الذي سوف يتبنّاه الأميركي ملتبساً ومتدرّجاً على مراحل، كذلك سوف يكون الاتفاق على التطبيع مع سورية، بحيث يبدأ التنسيق الأمنيّ قبل السلام، ويبدأ التطبيع قبل السلام ويبدأ السلام دون حسم مصير الجولان، ويترك الأمر طويلاً كي لا يُحرج الحاكم السوري بالتوقيع على التنازل عن الجولان أو يُحرج الإسرائيلي بوضع التفاوض على الجولان فوق الطاولة.

نظريّة الاتفاق في غزة والتطبيع مع سورية لها تتمة في الضلع الثالث وهو لبنان، وفق معادلة استعادة التقسيم المذهبيّ للعرب، فالمعركة مع إيران ومع حزب الله هي معركة مع الشيعة يجب أن يساهم فيها السنة العرب بنظر واشنطن، والمساهمة المطلوبة ليست عسكرية بل أمنية وسياسية وإعلامية، ويجب عدم استبعاد تفكير نتنياهو بجولة حرب على الجبهة اللبنانية يجري الإعداد الأميركي والعربي لتحويلها الى ديناميكية لطرح مستقبل سلاح حزب الله على الطاولة كثمن لوقف الحرب، طبعاً إذا ضمن الأميركي والإسرائيلي أن حزب الله لن يقفز إلى الجبهة الأمامية ويفتك بالقوات الإسرائيلية المنهكة، وربما يستعيد أراضي يحتلها الإسرائيلي ويثبت فيها، واذا ضمن الأميركي والإسرائيلي أن حزب الله لن يستطيع تسديد صواريخه الاستراتيجية الدقيقة نحو العمق الإسرائيلي، ومن الممكن أن هذه احتمالات يتمّ فحصها خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن، نحو حرب أيلول الثانية؟