kayhan.ir

رمز الخبر: 208822
تأريخ النشر : 2025June29 - 20:27

هنيئاً لأمة وَلْادّة للأبطال

 

 عندما تنعدم الفجوة بين النظام والشعب يستحيل على الاعداء ان يخترقوا نسيج هذه الامة الصالحة. فالقوة والسلطة اذا كانتا بيد الصالحين فهما مصدر خير كثير في حياة الناس، فالاختلاف اذن في الايدي التي تمسك بالسلطة وتملك القوة، فاذا كانت ذات ارادة وعزم حقيقي، كما تصفها سورة مريم الآية 12 "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" فستقود امة واعية تتحمل مسؤوليتها تجاه الاجيال القادمة. ومصداق هذه الامة شهدناه عندما استقبل الشعب الايراني اول امس عدداً من ابنائه الاطهار من قادة عسكريين وعلماء نوويين وطلاب مدارس ونساء واطفال بينهم رضّع، فحملوهم على الاكتاف بثبات وقوة وبإجلال لا يوصف كأبطال اسطوريين، مما يعكس مظهراً آخر من مظاهر التضامن بكل شموخ وعظمة، والصفعة المدوية التي يوجهها الشعب الايراني الى اميركا والكيان الصهيوني وهي اكبر وقعاً من الصفعات التي وجهها لهما خلال 12 يوماً من العدوان. اذ ظن الاعداء ان الشعب سيترك الساحة فور اول هجوم ولكنه رسم ملحمة خالدة في الوحدة والتلاحم تكون العامل المعزز لقوة الردع لدة القوات المسلحة. ورغم الم فقدان الشهداء الا ان ذكراهم عامرة في القلوب اليقظة كي تواصل الاجيال القادمة السير على دربهم بثبات، وان كل واحد من هؤلاء الشهداء بمثابة بذرة تولد ابطالاً آخرين، وستظل فترة الاثنى عشر يوماً جوهرة مضيئة في سجل صمود الايرانيين عبر التاريخ، انها كبرياء أمة الذي لا يضاهيه اي شيء آخر.

ويستحق هذا الشعب وقفة وقار واحترام وعرفان في زمن تقسو فيه القلوب فتكون كالحجارة أو أشد قسوة، كما ويستحق ان يوضع وساماً على صدره وقلادة تطوق عنقه لهذا الحراك الاجتماعي والتربوي والديني والسياسي، ليلتمس المراقب جمال وروعة النقلة التي خطها هذا الشعب في مسيرة لا تخلو من الصعاب. وان العبارة لتغفل عن جوانب حية من مواقفه المعاصرة بعد ان مرت على امتنا الاسلامية سنون ظلام تحت وظأة ألوان من الاستعمار تعثرت فيها مسير النهضة واستوقفت سبل الابداع. ولان مصطلح الثورة كان يعني التجديد والارتقاء، فقد باشرت الثورة في الجمهورية الاسلامية الايرانية بالخطاب التربوي الديني والذي بدأ بتربية الاجيال فهم روح التعاليم الاسلامية من اجل حياة افضل.

وكم ردد شيبة وشباب هذا الشعب شعار هيهات منّا الذلة، الا انه في باكورة هذا الشهر صدحت حناجره اقوى من اي وقت مضى، لتترجم الشعار واقعاً معاشاً تشير اليه الآيات "171 – 173" من سورة الصافات: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون".

فالشعب الايراني يتبع اطروحة خاصة به في الجانب النظري والفكري وفي نوعية النشاط الذي يقوم به حتى وان تشابهت الخصائص او تطابقت مع شعوب في العالم الاسلامي/ كالاصل الاسري والعرقي والتكوين اللغوي والمذهبي او الديني والثقافي العام، والتكوين الاقليمي الجغرافي. وهذا الامر يختلف عن ما يجري في عالمنا المعاصر باعتماد الدولة المركزية لقوانين مكتوبة بما يكفل السلطة التدخل المستمر والحاق المؤسسات الشعبية بها عن طريق وضع النظم والتحكم في الاجراءات ورقابتها، وانما المهم هو الجانب الطوعي الذي هو اساس التكوين والبقاء والمحدد الاساس والوحيد في مرجعيتها: القرآن والسنة، ثم ترد بعد ذلك العوامل المحددة الاخرى المتعلقة بالتاريخ والتجربة الحالية. ولا نقول شططاً اذا اشرنا الى استمداد الاصالة من فجاج ومنعرجات جبال البرز وزاغروس الممتدة بطول البلاد وما حملته من رموز وألغاز فلسفية اذا تم تفكيكها لاتضحت ما تنطوي عليه من دروس وعبر.

فالقوى العنصرية المتطرفة المعادية للعدل والسلام والتي مارست سياساتها العدوانية ضد الشعوب – لاسيما الشعب الفلسطيني الذي يتعرض منذ اكثر من نصف قرن لعدوان صهيوني غاشم – قد تلقت اول ضربة قاصمة باقامة النظام الاسلامي في ايران اذ شكلت تهديداً حقيقياً للاهداف الصهيونية التوسعية، وذلك بالتأثير على الرأي العام وتصعيد حالة الجهاد بين المسلمين.

وقد اصرت الجمهورية الاسلامية الايرانية على نهجها عملياً من خلال مواقف وتوجيهات الامام الخميني "ره" التي فضحت العلاقات الخفية القائمة بين الانظمة العربية والاسلامية واميركا، والمشاكل الداخلية التي تعصف بالعالم الاسلامي فكرست لديها روح الاستسلام.