الإمام علي النقي الهادي (عليهما السلام) مرجع أهل العلم والفقه والشريعة
تبارك الامة الاسلامية في هذا اليوم ولادة الامام علي النقي الهادي عليه السلام، هو أبو الحسن علي بن محمد، المشهور بالإمام الهادي وعلي النقي، هو عاشر أئمة الشيعة عليهم السلام. والده الإمام محمد الجواد عليه السلام تاسع أئمة الشيعة. يلقب هو وابنه الحسن بـالعسكريين، وإنّما لقّبا بذلك لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليهما في سامراء التي كانت يومها معسكراً للجند.
ومن أشهر ألقابه الهادي والنقي، النجيب والمرتضى والعالم والفقيه والأمين والطيب. يكنى بأبي الحسن الثالث، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن الإمام الكاظم عليه السلام المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن الإمام الرضا عليه السلام المكنى بأبي الحسن الثاني.
أجمع أرباب التاريخ والسير على أنّ الإمام (ع) كان علماً لا يُجارى من بين أعلام عصره، وقد ذكر الشيخ الطوسي(قدس سره) في كتابه الرجال مائة وخمسة وثمانين تلميذاً وراوياً، تتلمذوا عنده ورووا عنه.
وكان مرجع أهل العلم والفقه والشريعة، وحفلت كتب الرواية والحديث والمناظرة والفقه والتفسير وأمثالها بما أُثر عنه، واستلهم من علومه ومعارفه.
وقال محمّد بن الحسن الأشتر العلوي: «كُنْتُ مَعَ أَبِي عَلَى بَابِ المُتَوَكِّلِ، وَأَنَا صَبِيٌّ فِي جَمْعٍ مِنَ النَّاسِ، مَا بَيْنَ طَالِبِيٍّ إِلَى عَبَّاسِيٍّ وَجَعْفَرِيٍّ، وَنَحْنُ وُقُوفٌ إِذْ جَاءَ أَبُو الْحَسَنِ، تَرَجَّلَ النَّاسُ كُلُّهُمْ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لِمَ نَتَرَجَّلُ لِهَذَا الْغُلَامِ، وَمَا هُوَ بِأَشْرَفِنَا وَلَا بِأَكْبَرِنَا وَلَا بِأَسَنِّنَا، وَاللهِ لَا تَرَجَّلْنَا لَهُ.
من خصائص الأئمّة(عليهم السلام) ارتباطهم المنقطع النظير بالله تعالى وبعالم الغيب، وذلك هو مقام العصمة والإمامة، ولهم ـ كالأنبياء ـ معاجز وكرامات، تُوثّق ارتباطهم بالله تعالى، وكونهم أئمّة معصومين، وللإمام الهادي(ع) أيضاً معاجز وكرامات سجّلتها كتب التاريخ.
لقد دوهم بيت الإمام(ع) ليلاً من قبل شراذم السلطة في مدينة سامراء، وتمّ تفتيشه فلم يجدوا فيه شيئاً يحسبونه وثيقة إدانة له، بل وجدوا الإمام(ع) جالساً على الحصى والرمل، وهو متّجه صوب القبلة إلى الله عزّ وجل، وكان يتلو آياتاً من القرآن الكريم، فحملوه على حالته هذه إلى المتوكّل العبّاسي ـ وهو أطغى سلاطين عصرهم ـ وأدخلوه عليه بحالته تلك، وكان الطاغية المتوكّل في مجلس شراب ولهو، وكان بيده كأس الخمر، فناوله إلى الإمام(ع)، فامتنع(ع) منه وقال: «ما خامر لحمي ودمي قط، فأعفني منه، فعأفاه، وقال: أنشدني شعراً أستحسنه، فقال: إنّي لقليل الرواية للأشعار، فقال: لا بدّ أن تنشدني فأنشده:
بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ ** غُلْبُ الرِّجَالِ فَما أَغنتهُمُ الْقُلَلُ
وَاسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ مِنْ مَعَاقِلِهِمْ ** فَأُودِعُوا حُفَراً يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا
استُشهد الامام عليه السلام في الثالث من رجب 254ﻫ بسامراء المقدّسة، ودُفن فيها. ومن الزيارات المروية عنه(ع) زيارة الجامعة الكبيرة، وهي من أوسع الزيارات الجامعة وأشهرها، وقد قال عنها العلّامة المجلسي(قدس سره): «إنّها أصحّ الزيارات سنداً، وأعمّها مورداً، وأفصحها لفظاً، وأبلغها معنىً، وأعلاها شأناً».
وقد تصدّى الكثير من العلماء الأعلام لشرحها وتفسيرها وتأويل ما ورد فيها ممّا يُوجب الإيهام، وفكّوا معانيها المغلقة دفعاً للاعتراض وردّاً للانتقاد، ومنهم العلّامة المجلسي الأب والد صاحب البحار، وكذلك السيّد محمّد السيّد عبد الكريم الطباطبائي البروجردي، والسيّد عبد الله شبّر، وغيرهم من الأعلام.