kayhan.ir

رمز الخبر: 206706
تأريخ النشر : 2025May18 - 22:27

مقاومة تجذرت في عمق التاريخ

 

 توعد الكيان الصهيوني على لسان وزير حربه "يسرائيل كاتس" استهداف قائد حركة انصار الله "السيد عبد الملك الحوثي" اذا واصلت صنعاء اطلاق الصواريخ. ان هذا التهديد يعكس ان الصهاينة يحسبون الحساب لظاهر الحركة بأنها حركة سياسية اسلامية مسلحة في اليمن ظهرت شمالي اليمن في التسعينات من القرن الماضي اسسها "بدرالدين الحوثي" الزعيم الديني للحركة عام 1992، تهدف لمكافحة التخلف الاقتصادي والتهميش السياسي بالرغم من ان الائمة الزيديين قد حكموا اليمن مئات السنين وانتهت عند شيوع ظاهرة القوميين العرب زمن جمال عبد الناصر وتغيير اسم البلاد الى الجمهورية العربية اليمنية في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962. هذه الحسابات الخطأ هي التي حيرت الغرب منذ الحملات الاولى بقيادة السعودية في نوفمبر عام 2008 ومن التحالف العربي الذي فشل هو الآخر مع ما زود الغرب من أحدث الاسلحة والخبراء لضرب انصار الله. ودخل الغرب على الخط مباشرة باطلاق تحالف "حارس الازدهار" كقوة لحماية البحر متعددة الجنسيات يتكون من عشرة بلدان من بينها بلد عربي واحد وهو البحرين، ليعلن وزير الدفاع الاميركي "لويد اوستن" في 19 من ديسمبر عام 2023 اتخاذ خطوات للتصدي لهجمات انصار الله على السفن في البحر الاحمر. ولم تثمر هذه الهجمات كذلك، فاستأنفت اميركا في 16 مارس 2025 تنفيذ غارات جوية متواصلة على اهداف تابعة لانصار الله في صنعاء وصعدة والبيضاء وذمار، فلجأت واشنطن الى وقف اطلاق النار والقبول باتفاق عمان، بعد ان استمرت الضربات الصاروخية على "اسرائيل".

ان قدرة القوات اليمنية الصاروخية تعزو الى انظمة اطلاقها المتحركة من مواقع مختلفة وصعوبة الوصول للمعلومات الاستخباراتية، ورصد نشاط عمليات الاطلاق في الوقت الذي تتجنب حركة انصار الله اطلاق الصواريخ في الليل مما يصعب على المقاتلات ملاحظة وميض الاطلاق وضربه. فلم تنجح الضربات الجوية التي شنتها واشنطن في ردع القوات اليمنية عن مواصلة هجماتهم على السفن في البحر الاحمر او اطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه "اسرائيل". هذه المقاومة المستميتة دفعت الغرب ليفكر في هجوم بري. اذ تقول مصادر دبلوماسية بان هنالك خطة لشن عملية برية بقيادة قوات خليجية ومن اليمنيين التابعين الى المجلس الانتقالي الجنوبي وبدعم اميركي يهدف استعادةالسيطرة على مدينتين الحديدة وصنعاء، دون مشاركة برية مباشرة من القوات الاميركية باستثناء وحدات خاصة. وفرض حصار بحري لاغلاق ميناء الحديدة واحتجاز اي سفينة تحاول الدخول دون اذن او تفتيش أو ابعادها عنوة، حتى يتم ضرب الميناء عسكرياً. ان نذر الخطة هذه بدأت بالعدوان الاسرائيلي على محافظة الحديدة أول أمس، فتمت مهاجمة ميناء الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة باستخدام عشرين مقاتلة شاركت في الهجوم بعد ان قطعت مسافة ألفي كيلومتر وتزودت بالوقود في الجو، وادعى الاحتلال بتدمير البنية التحتية بالمينائين. وجاء هذا القصف بعد ان استهدفت انصار الله بصواريخ فرط صوتية خلال الاسبوع الماضي مطار "بن غوريون" كان اخرها مساء الخميس فنشرت الرعب ضمن دائرة اوسع على امتداد المناطق التي انطلقت فيها صفارات الانذار وهرع ملايين الصهاينة الى الملاجئ، بالرغم من ان المطار محمي – حسب قائد منظومة الدفاع الجوي الاسرائيلي السابق العميد "ران كوخاف" – بعدة طبقات دفاعية وهي: القبة الحديدية، العصا السحرية، حيتس 2، ثاد، حيتس 3"، الا انها فشلت جميعاً لاسباب فنية او هندسية او تشغيلية. مما شكلت العملية تحولاً استراتيجياً كبيراً لانه من الناحية العسكرية والامنية اسهمت في ضرب نظرية الامن الصهيونية، وهذا ما اعترف به زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" وعضو الكنيست "افيغدور ليبرمان" بان الردع الاسرائيلي يحترق وحكومة نتنياهو عاجزة عن اعادة الامن للاسرائيليين....وان صاروخاً يمنياً واحداً يجبر ملايين المواطنين على الهروب الى الملاجئ بعد 17 شهراً من الحرب. وجاء الرد اليمني - بعد تصعيد الكيان جرائم الابادة والتجويع في غزة –  بالتزامن مع زيارة ترامب للمنطقة وفي لحظة خطابه في قصر اليمامة بالرياض. فالرسالة التي ارادت اليمن توجيهها الى كيان الاحتلال، بانها تقابل التصعيد بالتصعيد اي كلما صعد العدو من جرائم في غزة فان انصار الله سيقابلون ذلك بتصعيد اقوى في قلب تل ابيب، وليس هذا عصياً على القوات اليمنية بعد ان نجحوا في الحصار البحري لفرض عزلة على الكيان. ولن يتراجع اليمن عن موقفه المبدئي وهو ما اثبته منذ اليوم الاول.

اذن فالفشل الذي يواكب الصهاينة هو في عدم فهم العمق التاريخي للمقاومة اليمنية وهم يتصورون ان هذا الصرح وليد معاصر ويمكن اعمال النسخ التي تتطابق وهبوطهم الحضاري واسسهم التي لم تتجذر يوماً ما فيما حكم الهاشميون اليمن لالف عام ولهم رصيد عقائدي لألف واربعمائة عام، خلق من الشعب اليمني بنيان مرصوص تزول الجبال ولا يزول.

فلم يتعرض بلد لما تعرض له اليمن من غزوات انتهت بهزيمة الغزاة في كل مرة، في ضوء تقاليده الوطنية وشعبه المقاتل وروح البطولة والكرامة. فخلال تاريخنا المعاصر اصطدمت دولة بني المهدي الزيدية مع الحملة الايوبية على اليمن فاجبروا اهل اليمن القوات الايوبيةعلى التراجع، وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني "القرن السادس عشر" تواصلت المقاومة اليمنية الى ان طردت الاتراك حتى سواحل عدن. ثم حاول المستعمر البريطاني عام 1839 التوغل في اليمن لكنه فشل وتكبد خسائر كبيرة واجبرته على مغادرة عدن.

فكيف واليوم ان ترسخت المقاومة اليمنية بالعمق الولائي ليعطي للعمق الوطني لوناً سمائياً.