هل حان وقت سقوط النتن/ياهو.. وانهيار الكيان الصهيوني؟
د. جمال زهران
جميع الشواهد، تشير إلى أنّ هناك أزمة في العلاقات الأميركية/ الصهيونية، بين الرئيس ترامب، وبين النتن/ياهو (رئيس عصابة الكيان الصهيوني)، شخصياً. فهل هي أزمة عارضة وتزول، أم أنها أزمة هيكلية مركبة بين طرفين، وهما في الأصل والجذور والتاريخ والمصالح، طرف واحد؟! وهل هي مؤقتة في إطار التكتيك، أم أزمة في الاستراتيجية، حيث يبدو أنّ الوظيفة المطلوبة من الكيان الصهيوني، وفي ضوء معطيات موضوعية، قد آن أوان إعادة هيكلتها، عما كان سائداً من قبل؟! وهل هي أزمة شخصية بين رئيس أميركا (ترامب)، وبين النتن/ياهو؟ قد تزول بزوال أحدهما؟! وبهذا المعنى فإنّ ترامب، مستمر لمدة (4) سنوات، بينما القابل للتغيير والإزاحة هو شخص النتن/ياهو؟! فقد وصل الأمر لدى هذا النتن/ياهو، إلى أنه قد تصوّر، أنه يوظف أميركا ورئيسها، عبر اللوبي الصهيوني واليهودي داخل أميركا، لحساب دولة الكيان، وكأنّ هذا الكيان أضحى مستقلاً عن الإرادة الأميركية، يستفيد منها وقتما يشاء، ويتحداها وقتما يشاء، ويوظف أميركا كلها لحسابه وقتما يشاء!! ومن ثم لا يجوز لأميركا ورئيسها – أياً كان جمهورياً أم ديمقراطياً، أن يخرج عن المشيئة الصهيونية، أو الأوامر الصادرة من مكتب رئيس عصابة الكيان! وقد تناسى بل وتجاوز هذا النتن/ياهو أنّ الكيان الصهيونيّ، كاملاً، بعصابة الحكم فيه، موظفون لصالح المشيئة الأميركية، وليس العكس. ويظهر هذا النتن/ياهو دائماً بغروره أنه هو الذي يتحكم، بل ويحكم أميركا، وأنّ الرئيس الأميركي، ما هو إلا دمية في يده، يحركها كما يشاء، وقتما يشاء!
إنّ المشهد بوقائعه الآن، وفي هذه الأيام، يشير على ما يبدو، إلى واقع جديد، قد تتشكّل ملامحه خلال الأيام المقبلة.
فالوقائع الجديدة في المشهد، أنّ الرئيس الأميركي ترامب، استدعى رئيس عصابة الكيان (النتن/ياهو)، إلى البيت الأبيض، الشهر الماضي، وتعامل معه، مثلما تعامل مع زيلينسكي (رئيس أوكرانيا). حيث فاجأه بأنّ هناك حواراً دبلوماسياً مع إيران، وأنّ جولة المفاوضات الأولى ستنعقد بعد أيام في مسقط (عُمان)، وأنه تمّ استبعاد خيار توجيه الضربة العسكرية، التي كانت حكومة الكيان تفضله، في إطار التصعيد المستمر، ولتصبح “دولة” الكيان هي الدولة المهيمنة على المنطقة كلها والإقليم! واعتبر اللقاء بين ترامب والنتن/ياهو، وهو الثاني منذ تولي ترامب الرئاسة في (20) يناير 2025م، لقاء فاشلاً، وعاد النتن/ياهو مكفهرّ الوجه وحزيناً، وغير قادر على النطق! ثم فوجئ النتن/ياهو، بعد أن قامت أميركا بالعدوان على اليمن، دفاعاً عن الكيان الصهيوني، مع إطلاق يد النتن/ياهو في غزة يفعل فيها ما يشاء من تدمير وتخريب ومجازر ضدّ الشعب الفلسطيني، إلا أنّ إعلان ترامب المفاجئ من أيام، وقف الحرب على اليمن، في ضوء وساطة عُمانية، وهذا في تقديري، قرار أميركي يتفق مع المصلحة الأميركية الكاملة، بعد أن استنزفت الخزانة الأميركية في تحمّل نفقات الحرب التي وصلت إلى (2) مليار دولار، خلال شهر! فما بالنا لو استمرت الحرب على اليمن، وبدون انجاز أيّ شيء، وبدون إجبار اليمن على التراجع والاستسلام، عن ضرب البارجات الأميركية، وإسقاط الطائرات الأميركية التي تجاوزت العشرين طائرة، وعن ضرب الكيان الصهيوني، وآخرها ضرب مطار “اللد” (بن غوريون بالصهيوني)، ووقف الملاحة فيه حتى الآن، بل أعلنت اليمن عن فرضها حصاراً شاملاً على الكيان الصهيوني ومطاراته جميعها، حتى إيقاف العدوان الصهيوني على غزة. ولم يثن الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء، وميناء الحديدة، بـ (30) طائرة (مرّت للأسف بدول عربية، أو خرجت من قواعد عسكرية أميركية في دول عربية!)، اليمنيين عن استمرار المواجهة، الأمر الذي أدخل الرعب في أميركا، واستشعروا خطر الاستمرار في العدوان والحرب على اليمن.
فالحوار والتفاوض الأميركي مع إيران، ووقف الحرب الأميركية ضدّ اليمن، كخيارين أميركيين كاملين، بدون التنسيق مع الكيان الصهيوني ورئيس عصابته، وللمرة الأولى، كشف عن تداعيات خطيرة، ربما تنحصر في عنوان كبير هو: “أميركا… أولاً في ذلك الوقت”! وفسّرت دوائر صهيونية أن ترامب يتخلى عن الكيان، ويتركه لحاله، يتصرّف وحده في الإقليم بدون مساعدة أميركا، وتطور الأمر عملياً، بالإعلان الأميركي عن ترامب شخصياً، بوقف الاتصالات المباشرة بين ترامب والنتن/ياهو، والإعلان أيضاً عن عدم زيارة ترامب للكيان خلال جولته في المنطقة، بعد أن كانت مدرجة ضمن الجدول، بل وصل الأمر إلى أن ترامب اشترط، أو المتحدث عنه، قال إنه حال التزام النتن/ياهو و”عصابته”، بوقف الحرب في غزة، والوصول إلى اتفاق شامل، يمكن تعديل برنامج الرئيس، وزيارة الكيان، مشترطاً أن يتمّ ذلك، قبل القيام بزيارته. إلا أنّ الواقع يشير إلى فقدان النتن/ياهو، للتوازن والتركيز، إزاء ما يحدث من ترامب، الذي جعل الكيان الصهيوني في مواجهة مع مصيره، بعيداً عن أميركا!
في ضوء ما سبق من تطورات، هل يمكن القول بأنّ الأزمة فعلية، بين ترامب والنتن/ياهو، وبين أميركا والكيان الصهيوني الغاصب؟! أم أنها أزمة عابرة، وقد تمرّ رغم الخسائر المحتملة؟!
في تقديري، أنه في ظلّ عوامل عديدة، منها تعرّض الكيان الصهيوني لأزمة الانهيار من الداخل، وأنّ التظاهر باستخدام القوة المفرطة وبالمخالفة لكلّ القوانين الدولية، قد يؤجّل الإعلان عن هذا الانهيار بعض الوقت. ويبدو أنّ صنّاع القرار في أميركا، أدركوا مؤخراً، أنه في حال استمرار دعم الكيان الصهيوني للأبد، واستمراره ككيان وظيفي، وهو حماية المصالح الأميركية، قد تتهدّد المصالح الاستراتيجية الأميركية. ولذلك فمن المحتمل أن تعيد أميركا/ ترامب، هيكلة استراتيجيتها في الإقليم. ومن ملامح هذا التغيير، قد تتركز خلال الزيارة التي يقوم بها ترامب للإقليم خلال هذا الأسبوع، والتصريحات التي يتمّ الإدلاء بها على لسان ترامب ومساعديه، وما تتمّ ترجمته من اتفاقيات جديدة من المتوقع حدوثها. وقد تتمثل هذه الاتفاقات، مع السعودية ودول الخليج، ومع إيران، وفك الحصار على الشعب الفلسطيني، ووضع طريق للحلّ للقضية من خلال رؤية أميركية، قد لا يكون لا الكيان الصهيوني، ولا النتن/ياهو وعصابته، دور فيها أو حتى وجود! وقد تبدأ الخطوات بالتخلص من النتن/ياهو، وعصابته، ودفع العجلة تدور في إطار تغييرات كبرى، ليصبح ترامب هو غورباتشوف أميركا، ودعونا نتابع ونقرأ الأحداث المتسارعة جداً…