kayhan.ir

رمز الخبر: 205988
تأريخ النشر : 2025May05 - 20:11
منافس دقيق وجديد لصواريخ "ثاد" و"حيتس" بمدى لأكثر من 1200 كيلومتر..

الكشف عن صاروخ "قاسم بصير" مقاوم للحرب الإلكترونية بقدرة تجاوز كافة الأنظمة المضادة

 

طهران تسنيم:- كشفت وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة عن الصاروخ الباليستي "قاسم بصير" الذي يبلغ مداه 1200 كيلومتر، ويتمتع بنظام توجيه متطور يمكّنه من إصابة أهداف صغيرة كالحظائر الخاصة بالمقاتلات، دون أن يتأثر بحرب العدو الإلكترونية.

و بحسب الصور والمعلومات المنشورة، فإن صاروخ "قاسم بصير" يُعد نسخة مطوّرة من صاروخ "الشهيد الحاج قاسم" الباليستي الذي يصل مداه إلى 1400 كيلومتر، والذي أُزيح الستار عنه للمرة الأولى عام (2020 ).

وصاروخ "الشهيد حاج قاسم" هو صاروخ تكتيكي يعمل بالوقود الصلب، مكوَّن من مرحلتين، يزن 7 أطنان، ويحمل رأسًا حربيًا بزنة 500 كيلوغرام، ويبلغ طوله 11 مترًا. يدخل الغلاف الجوي بسرعة 11 ماخ ويصيب هدفه بسرعة 5 ماخ، ما يضعه ضمن فئة الأسلحة فرط الصوتية (هايبرسونيك).

وقد أُعلن عند الكشف عنه أن تصميم هذا الصاروخ يسمح بزيادة مداه إلى 1800 كيلومتر.

وفي عام (2023 )، وخلال زيارة الشهيد آية الله رئيسي لمعرض الصناعات الدفاعية، تم عرض ميزة جديدة في صاروخ "الحاج قاسم" تمثلت في تطوير منصة الإطلاق، ما أدى إلى تقليص كبير في زمن تجهيز الصاروخ للإطلاق مقارنة بالمنصات السابقة.

وتُظهر الصور المنشورة للمنصة الجديدة أن تصميمها اعتمد على تقنية "DRU" أو "وحدة الإسناد الديناميكية"، وهي نظام ملاحة دقيق يقدم بيانات دقيقة حول موقع وزاوية منصة الإطلاق، مما يتيح تنفيذ الإطلاق فور نشر المنصة، ومن ثم طيّها ومغادرة الموقع سريعًا.

وقد استُخدمت هذه التقنية سابقًا في تصميم منصات إطلاق صواريخ "خيبرشكن" و"فتاح"، والتي، وفقًا لما أعلنه العميد حاجي زاده عند الكشف عن "خيبرشكن"، ساهمت في تقليص زمن الإعداد للإطلاق إلى سدس الوقت المعتاد للصواريخ المماثلة.

استنادًا إلى هذه المعطيات، يمكن القول إن "قاسم بصير" يتمتع بمواصفات مشابهة لصاروخ "الشهيد الحاج قاسم"، ويُطلق من ذات المنصة، إلا أن هناك تطورين رئيسيين طرآ على رأسه الحربي:

أولهما، يتمثل في نظام التوجيه المختلف. فبينما تعتمد الصواريخ الباليستية الإيرانية غالبًا على مزيج من التوجيه بـ GPS والـ INS، فإن صاروخ "قاسم بصير" يعتمد أسلوب توجيه جديد، ما يمنحه دقة أعلى وقدرة أكبر على مقاومة التشويش الإلكتروني في المراحل المختلفة من مساره، بدءًا من الإطلاق وحتى إصابة الهدف.

والسبب وراء هذا التوجّه هو أن منظومة التوجيه عبر الأقمار الصناعية (GPS) قابلة للتشويش من خلال عمليات الحرب الإلكترونية، ولا شك أن العدو سيحاول عبر وسائل متعددة إرباك الصواريخ الباليستية وتضليلها لإحداث انحراف في إصابتها للأهداف.

أما في نظام التوجيه بالقصور الذاتي (INS)، فيتم تزويد منظومة الصاروخ بعدة جيروسكوبات ومقاييس تسارع، تعتمد على معلومات الهدف المحددة مسبقًا، لتحديد موقع الصاروخ نسبة إلى الهدف. وفي هذا النظام، تقوم الجيروسكوبات بقياس السرعة الزاوية للصاروخ وتوجيهه بدقة نحو الهدف، مما يمنع انحرافه عن المسار.

لكن نظرًا لاعتماد هذا النظام على المتغيرات الفيزيائية والجوية، إضافة إلى السرعة العالية للصاروخ في المرحلة النهائية، فإن دقته تكون أقل مقارنةً بالتوجيه عبر الأقمار الصناعية، ما يُصعّب إصابة الأهداف الصغيرة والضيقة مثل ملاجئ الطائرات ومدارج الهبوط.

وقد أظهرت تجربة عمليات "الوعد الصادق" أن العدو نفّذ حربًا إلكترونية شاملة للتشويش على إشارات GPS في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة، ما أجبر الصواريخ الإيرانية، سواء الباليستية أو كروز أو المسيّرات الانتحارية، على الاعتماد على نظام INS، مما أدى إلى تراجع نسبي في دقة الإصابات.

من هنا، كان لا بد من تطوير نظام توجيه للصواريخ الباليستية يجمع بين الدقة العالية والمقاومة الفعالة للحرب الإلكترونية.

وقد أثبت نظام التوجيه البصري – لا سيما باستخدام كاميرات التصوير الحراري – كفاءته العالية في تحقيق إصابات دقيقة، إلى جانب مقاومته الكبيرة للحرب الإلكترونية، إلى درجة شبه مناعة من التشويش. إذ يعتمد هذا النظام على كاميرا مثبتة في رأس الصاروخ الحربي، تقوم بالتقاط الصور في الوقت الفعلي لتحديد الهدف بدقة وضربه مباشرة.

لكن من سلبيات هذا النظام أنه يؤثر على مدى الصاروخ، وهو ما يفسّر انخفاض مدى "قاسم بصير" مقارنة بـ"الحاج قاسم". ومع ذلك، فإن المدى الجديد، رغم تراجعه بمئتي كيلومتر، لا يزال كافيًا لضرب أهداف داخل الأراضي المحتلة.

وليست هذه المرة الأولى التي يُستخدم فيها التوجيه البصري في الصواريخ الإيرانية. فقد كان الشهيد حسن طهراني مقدم أول من طرح فكرة تزويد الصواريخ الباليستية المضادة للسفن بأنظمة بصرية، ونتج عن ذلك تطوير صاروخ "قدر 87"، الذي يُعد نسخة مطوّرة من رأس صاروخ "تندر 69" باستخدام هذا النوع من التوجيه.

لاحقًا، استُخدمت هذه التقنية في صواريخ "الخليج الفارسي"، و"فاتح مبين"، و"ذو الفقار بصير".

ومن المزايا الأخرى التي يتمتع بها صاروخ "قاسم بصير" قدرته العالية على المناورة، بفضل التعديلات التي أُجريت على زعانف التوجيه في رأسه الحربي، ما أتاح له تنفيذ مناورات في المرحلة النهائية من الطيران.

وتُعد هذه القدرة بالغة الأهمية، إذ إن جميع منظومات الدفاع الصاروخي في العالم عاجزة عن التصدي لصواريخ فرط صوتية قادرة على تغيير مسارها أثناء الطيران. وقد أثبت صاروخا "فتاح" و"خيبرشكن 2" هذه الحقيقة خلال عملية "الوعد الصادق 2"، حين تمكّنا من اختراق أعتى أنظمة الدفاع الأمريكية والإسرائيلية.

بناءً عليه، يمكن القول إن صاروخ "قاسم بصير" قادر على استهداف الرادارات ومنظومات الدفاع الجوي المعادية، ممهّدًا الطريق أمام باقي الصواريخ الإيرانية للوصول إلى أهدافها، ليكون بذلك ثاني صاروخ إيراني مخصص لاختراق الدرع الصاروخي، إلى جانب "فتاح".

وإلى جانب قدرته على اختراق الدفاعات المتعددة الطبقات، يستطيع "قاسم بصير" إصابة حظائر الطائرات ومدارج القواعد الجوية الإسرائيلية بدقة عالية، وإذا تم استخدامه بشكل مكثف، فإنه قادر على توجيه ضربة موجعة لقدرات سلاح الجو الإسرائيلي.

ويحمل هذا التطوير في صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب، ويُطلق من منصة متطورة ذات سرعة إعداد وإطلاق عالية، رسالة واضحة للكيان الصهيوني، الذي سبق له أن ذاق مرارة الصواريخ الإيرانية.