kayhan.ir

رمز الخبر: 204893
تأريخ النشر : 2025April15 - 20:21

متى يتوقف العدوان «الأميركي ـ الصهيوني» ومَن يردعه؟!

 

د. جمال زهران

 يُصرّ العدو «الأميركي ـ الصهيوني»، على ممارسة أبشع صور القتل العمديّ والتدمير الشامل والإبادة الجماعيّة والتطهير العرقيّ، في كل أنحاء المنطقة العربية، على وجه الخصوص، ولعلّ أبرزها، ما حدث ويحدث في غزة (تدمير شامل)، وفي جنوب لبنان بل وفي العاصمة بيروت/ الضاحية (تدمير شامل أيضاً)، وفي اليمن (تدمير شامل)، وفي سورية (تدمير شامل)، ويُصرّ في الوقت نفسه أن يشيع أنّ قوته لا تقهر، ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهها! كما أنه يُصرّ على إجبار الجميع أن يستسلم ويزداد انبطاحه، بما فيها قوى المقاومة وجبهاتها المتعددة، وأنّ أيّ تفاوض يجب أن يتمّ تحت النار! وتلك هي الكارثة الكبرى التي تعيشها منطقتنا العربية، دون بقية مناطق العالم، للأسف، وكأنه مكتوب على هذه المنطقة، التخلف والدمار والقهر والظلم والاغتصاب، وشلل الإرادة، وفقدان المناعة، وكلما أفاقت بعض الرؤوس، يكون مصيرها، القطف!

والأمر الذي لا شكّ فيه، أنّ منطقتنا العربية تواجه أسوأ محنة تاريخية، وقد سبق أن واجهت محناً كثيرة من قبل، لكنها كانت الأقل طبعاً! فقد العدو الأميركي ـ الصهيوني، قواه العقليّة، عندما أمسكت المقاومة بقيادة حماس والجهاد وشقيقاتهما، بالمبادرة، وصنعت «طوفان الأقصى»، في السابع من أكتوبر 2023م، ووجّهت ضربة في العمق، وفشلت كلّ أجهزة الدفاع والاستخبارات الصهيونية بل والأميركية، في المعرفة المسبقة بهذا الهجوم المقاوم، الذي نجم عنه قتل وخطف للصهاينة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي عزّز من مكانة المقاومة، وأكد قدراتها العسكرية والاستراتيجية والاستخبارية، بدرجة غير مسبوقة، وعلى مدار أكثر من 75 سنة منذ تأسيس الكيان الصهيوني والنكبة الأولى في عام 1948م.

لذلك، فإنّ المشهد الواضح أمام كلّ ذي عينين، أنّ هناك استهدافاً أميركياً ـ صهيونياً، مدعوماً من أوروبا وقوى الشر في العالم، لمنطقتنا العربية عامة، والأرض الفلسطينية في غزة والضفة الغربية خاصة. فالقتل والتنكيل عمدياً والمجازر اليوميّة، والأمر لم يتوقف على استهداف وقتل المدنيين (رجالاً/ نساء/ أطفالاً)، بل وامتدّ إلى طواقم الإسعاف، وطواقم الأونروا (الأمم المتحدة)، وطواقم المستشفيات للحيلولة دون إسعاف المصابين من أهل غزة خاصة، وطواقم الإعلام، حيث تجاوز عدد الذين استشهدوا أكثر من (200) إعلامي حتى الآن، فضلاً عن التدمير لكلّ مباني البشر، ومساكنهم وخيام الإيواء، ومدارسهم، ومستشفياتهم، وجامعاتهم، بل إنّ الدمار شامل امتدّ لكلّ أنحاء غزة، حتى أصبحت غير صالحة للإقامة الآدمية. كما أنّ استهداف البشر، مباشرة، وقتلهم والتنكيل بهم، حتى خلال شهر رمضان المعظم، وعيد الفطر، يؤدي إلى تشتيت أهل غزة، وعدم استقرارهم! وافتقادهم للشعور بالأمان مع الترحال الدائم بين كلّ أجزاء غزة، وسط حصار شامل منذ 18 سنة متصلة وزاد بعد طوفان الأقصى! وما يؤلم العدو الصهيوني ـ الأميركي، هو ذلك الصمود الأسطوريّ لشعب فلسطين في غزة، والإصرار على عدم القبول بالترحيل والتهجير القسري والطوعي (القسري أيضاً). ولذلك عندما يأتي طرح ترامب بعد توليه الرئاسة الأميركية في 20 يناير 2025م، ولفترة ثانية، بالتهجير القسريّ لشعب غزة إلى دول مجاورة هي (مصر/ الأردن)، فإنّه يكمل الجريمة الكاملة، بالتحالف العضوي بين أميركا والكيان الصهيوني (وهو أداة هذا الاستعمار). حيث إنّ إعادة الكيان الصهيوني بقيادة عصابة الحكم (نتنياهو وأعضائها)، إلى العدوان واستمرار دمار غزة، ونقض اتفاقية وقف العدوان على غزة، وتبادل الأسرى، قد حدثت نتيجة موافقة صريحة من أميركا، لهذا النتن/ياهو، وأعلن ذلك البيت الأبيض، بدون تردّد، الأمر الذي يؤكد ذلك التحالف العضوي الاستعماري بين أميركا أياً كان رئيسها (جمهوري أو ديموقراطي)، وبين الكيان الصهيوني الذي هو الحبل الصُريّ للمستعمر، الأميركي (وريث الاستعمار الأوروبيّ الذي زرع هذا الكيان)!

لذلك نحن أمام عدو واحد هو (الأميركي ـ الصهيوني)، ونرى ترجمة نشاطاته، الموحّدة في الإقليم. فالكيان يضرب كما يشاء في غزة، وفي جنوب لبنان (أكثر من 2000) خرق لوقف النار الذي دخل حيّز التنفيذ وفقاً للقرار الأميركي (فجر 27 نوفمبر الماضي)، بل يضرب في بيروت حتى قبل عدة أيام! ثم يواصل ضرب سورية وفي كلّ منطقة، بعد إسقاط نظام بشار الأسد، ليظهر الكيان في الصورة والمشهد بأنه «الجوكر» الذي لا ينافسه أحد، ولا يقدر على مواجهته أحد! وسط صمت عربي وإسلامي مشبوه!

وباعتبار أنّ اليمن (جبهة الإسناد المقاومة لغزة)، تبعد عن الكيان الصهيونيّ، أكثر من (2000) كلم، فإنّ أميركا في إطار التحالف الأميركي الصهيوني، وفي إطار توزيع الأدوار، قامت بتولي مواجهة هذه الجبهة بنفسها وأسلحتها، ونفذت أكثر من (300) غارة عسكريّة على صنعاء والحُديدة، بل وأسرفت في الدمار والخراب والقتل للمدنيين، كما يحدث في غزة على يد عصابة الكيان، إلى درجة إشاعة أوهام بأنها قتلت قادة اليمن (وهو ما يثبت كذبه). وعلى مدار شهر كامل قامت أميركا بصرف مليار دولار كما أعلنت صحيفة «واشنطن بوست» وغيرها، على الطلعات الجويّة، ولم تحتسب خسائر الضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني. حيث أعلن قادة عسكريون أميركان، أنّ تأثير هذه الضربات الأميركية محدود، وأنه لا تزال قوة وقدرات اليمن العسكرية بالدرجة ذاتها من القوة، وأن التدمير سيستغرق نحو (6) أشهر!

نحن إذن أمام عدوان شامل للعدو الأميركي الصهيوني، يُصرّ على تنفيذ المؤامرة، والتدمير الشامل والتهجير القسري لسكان فلسطين، وإرهاب الشعب العربي وإرهاب الحكام – الذين تمّ منعهم من التصرف الشجاع! واكتفوا بالرفض لهذا التهجير، وكفى، دون أن يصحب ذلك بأي إجراءات تعوق المخطط التآمري لهذا الأميركي الصهيوني! ولم يتعلم هذا العدو من خسائره في كلّ جولة من الجولات في المنطقة. فقد نسي هذا العدو خسائره وهزيمته في كلّ مكان ذهب إليه وفي كلّ واقعة، حتى أنه أصبح (نمراً في ورق)، يتباهى بأسلحته الهجوميّة، وبتطوّره التكنولوجي ويهاجم عن بُعد، ودون قدرة على الاشتباك المباشر. فقد هُزم العدو الأميركي في فيتنام (1965 – 1973م)، وهُزم في الصومال (1996م)، وهُزم في لبنان (1982م)، وهُزم في أفغانستان (2001 – 2021م) بعد أن صرفت أميركا (2) تريليون دولار في عشرين سنة، تجرّ أذيال الهزيمة، وسلمت السلطة قبل خروجها إلى (الطالبان)! وسيحدث ذلك في إقليمنا العربي، وسيندم هذا العدو الأميركي الصهيوني، وسيخرج مذلولاً… مكسوراً، وإلى غير رجعة، وستأخذ أميركا العدو الصهيونيّ في يدها، إنْ وجدته آنذاك. وأرى ذلك قريباً جداً، وهو زوال الكيان الصهيونيّ وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، بإذن الله.

ولذلك نرى أنّ استمرار المقاومة، ودعمها بكلّ السبل (الشعوب # الأنظمة)، هي أكبر وأقوى خيار لدعم الأمن القومي المصري والعربي، بل أكبر وأقوى السبل من أجل إجبار العدو الصهيوني ـ الأميركي، على إيقاف عدوانه، وردعه حاضراً ومستقبلاً، في ما بعد، والله الشاهد