kayhan.ir

رمز الخبر: 204592
تأريخ النشر : 2025April09 - 20:22

مواكبة الإعداد العسكري للإقتدار الدبلوماسي

 

 قد تلتبس على من لاخبرة له في الشأن السياسي مواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية حيال تحولات الوضع في المنطقة ونهجها المتبع مع القوى الدولية الذي يتماشى مع مبدأية الثورة.

فالجمهورية الاسلامية الايرانية اعتمدت نظاماً يجمع الحاضر والماضي، بدءاً بالاستفتاء الذي حصل بعد خمسين يوماً من انتصار الثورة الاسلامية اذ كان سابقة لم تشهدها كل الثورات العالمية من قبل حتى الثورة الفرنسية التي ادعت وضع نهج ديمقراطي للحكم، إذ ان زعماء كل ثورة يعطون لانفسهم الحق بوضع نظام اساسي للبلد بينما جاءت لبنات ادارة البلاد بشكل ممنهج منسق في ايران، فالشعب هومن رفض نظام الشاه المقبور وهومن اختار القائد الا ان الامام الراحل لم يحد عن مطالب الامة ودعى لاستفتاء يحدد نوع الحكومة فكانت الاغلبية الساحقة من صوتت على نظام الجمهورية الاسلامية وتوزيع مؤسسات الدولة على نمط هرمي يكون المرشد على رأسها يستمد شرعيته المدنية من انتخابات تجري لتعيين ممثلي الشعب باشراف من اهل الحل والعقد يجمعون الكفاءات العلمية القانونية اضافة للعلوم الشرعية السماوية ليعرض على العالم ديمقراطية من نوع آخر بعيدة كل البعد عن الليبرالية الغربية.

وهكذا توزعت خبرات الشعب على ضمان أمن البلاد بتدعيم القدرات النظامية بإشارة من سماحة الامام الخميني "ره" بإنشاء لبنة الحرس الثوري الاسلامي كظهير للجيش في ساعات العسرة وبلغ بها ان تعرض ايران اليوم مدناً صاروخية تحت الارض ولديها قدرة ردع اي اعتداء وتملك اسلحة تجهلها اميركا والغرب بامكانها قصف قاعدة "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي، التي تبعد 4 آلاف كلم، وهوالذي تسبب في تراجع حدة الخطاب التهديدي الاميركي ودفعها للموافقة على ان تكون المفاوضات غير مباشرة وحصرها في الملف النووي كما اشترطت الجمهورية الاسلامية، رغم ما سعى اللوبي الصهيوني المسيطر على ادارات القرار في العالم الغربي لجرها الى حرب مع ايران. وهذا التغيير طرأ على خطاب ترامب في البيت الابيض يوم الاثنين في حضور نتنياهو حين قال: سنرى ما يمكن ان يحدث ... واعتقد ان الجميع متفق على ان التوصل الى اتفاق سيكون افضل.

فجاء رد وزير الخارجية "عراقجي" الثلاثاء الماضي: ان التوصل الى اتفاق مع اميركا ممكن في حال اظهرت ارادة حقيقية في المحادثات المقررة بين البلدين في عمان.... وهدفنا الاساس هو تحصيل حقوق الشعب الايراني ورفع العقوبات. مستنداً على قرار مجلس الامن رقم 2231 الذي يؤكد شرعية البرنامج النووي الايراني.

وفي الاثناء تسرب الادارة الاميركية عن رغبتها في التفاوض، حيث نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول في الادارة الاميركية ان فريق المبعوث الخاص للشرق الاوسط "ستيف ويتكوف" قد ارسل رسائل يحث فيها طهران على اجراء محادثات مباشرة عبر سلطنة عمان... وسيسافر الى طهران اذا وجهت له دعوة لزيارتها.

ان الدبلوماسية المقتدرة للجمهورية الاسلامية قد اجهضت كل مخططات نتنياهو. ففي كل مرة قام بها الكيان الصهيوني بحرب عدوانية أو ما تسميه بضربة اجهاضية احياناً وهجوماً مضاداً مسبقاً احياناً اخرى، ردد قادته السياسيون والعسكريون مبررات مماثلة مع اختلاف الصيغ والعبارات بحيث تبدو مجرد اجراء دفاعي، وهي النظرية الامنية المرتكزة على مبدأ الحرب الوقائية وطبقته عام 1980 الشهر السادس حين قصف الكيان الصهيوني المفاعل النووي العراقي بعملية اسماها "بابليون" استغرقت اقل من دقيقتين بعد عبور طائراته ثلاث دول عربية، ورغم ان العراق قد وقع مع فرنسا عام 1975 على اتفاق شامل خاص بالطاقة النووية، ولكن لم تعر اي اهمية للعملية باسرها.

وكم حذر الامام الخميني من خطر النزعة التوسعية لـ"اسرائيل" وعدم قناعتها بحدودها الفعلية...وانتهاج سياسة الخطوة خطوة لتحقيق اهدافها المشؤومة ولو كان قد تم استيعاب تحذير الامام هذا جيداً لاغلق الطريق امام مختلف الطروحات الاستسلامية التي يتوهم اصحابها انهم يتمكنون من خلالها تقييد "اسرائيل" بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية. فالمخطط الاميركي الذي يتم تنفيذه بواسطة الكيان الصهيوني لن يتوقف عند جنوب لبنان وغزة والضفة الغربية بل يستهدف الاسلام في كل مكان، ولن يتخلى عن هدفه المشؤوم في السيطرة على بلاد المسلمين من النيل الى الفرات.

فالمشكلة ليست في إجراء الحوار بل في ملابساته وعندما اصرت طهران شروطها على ترامب لاجراء الحوار غير المباشر فهي تعي ما تقول لاختبار نواياه الحقيقية لان طهران لا تثق باميركا وهذا ما اثبتته التجارب حيث لم تلتزم في الماضي بأي من تعهداتها ومواثيقها.