سلمت يداك يا سيد بزشكيان بداية حسنة
حسين شريعتمداري
1 – ان الدكتور بزشكيان رئيس جمهورية بلدنا من الشخصيات المحبوبة لدى الشعب لصدقه وبساطة عيشه، ودعمه للثورة الاسلامية وللنظام، وان ما يشغله توفير الرفاهية للشعب. ومن البديهي حين تترجم هذه الخصوصيات الى الواقع العملي ستكون مبعث أمل وحلالة عقد.
وبالامس اعفى السيد بزشكيان مساعده للشؤون البرلمانية "شهرام دبيري" من مهامه ومنصبه الذي كان قد عينه فيه بالحكومة الرابعة عشر، بعد ان تأكد من قيام "دبيري" برحلة ترفيهية الى القطب الجنوبي، وهذا الاعفاء الذي صدر من السيد بزشكيان هو موقف يرضي الله ويستحق التقدير.
2 – ان السيد بزشكيان خلال مرسوم القرار الذي أصدره لإنهاء عمل مساعده "دبيري" قد قال: "بعد التأكد من الاخبار التي بلغتنا اتضح لنا انك كنت في رحلة ترفيهية الى القطب الجنوبي خلال عيد النوروز. وبما اننا في حكومة تفتخر بأتباع مولى المتقين، لاسيما ونحن في وضع لاتزال فيه الضغوط الاقتصادية ثقيلة على الناس، والمحرومون كثر في بلادنا، فأن السفر الباهظ الثمن للمسؤولين الرسميين حتى ولو كان على حساب النفقة الشخصية ليس بالامكان الدفاع عنه وتبريره، اذ لا يتوافق مع مستوى المعيشة البسيطة للمسؤولين".
مؤكداً على "ان صداقتكم الطويلة وخدماتكم القيّمة في منصب المساعد البرلماني لا تمنع من الالتزام بالصدق والعدالة والوعود التي قطعناها على أنفسنا للشعب وبناء على هذا فأننا معذورون من الاستمرار في العمل معكم في الحكومة الرابعة عشر".
3 – ان السيد بزشكيان وخلال موقفه هذا قد ترجم كلام سماحة الامام الخميني "رضوان الله تعالى عليه" والذي هو غيض من فيض، ترجمه عملياً حين قال الامام الراحل: "ان الذين يقطنون البيوت الفارهة ويتنعمون بلا أي منغصات وفي غياب عن ما يعانيه الحفاة المحرومون الذين هم العمود الفقري للثورة، هؤلاء يمكن اعتبارهم متفرجين ولم تمس ايديهم النار مثل هؤلاء ينبغي ان لا يُقلَدوا المسؤوليات الحساسة، فادا حصل ذلك لربما باعوا الثورة بليلة وضحاها لتذهب جهود الشعب الايراني ادراج الرياح".
4 – كما وانتخبنا هذه التوجيهات الحكيمة لسماحة قائد الثورة المعظم من بين عشرات التوصيات المشابهة، وهي توصية مستلة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: "يقول أمير المؤمنين "ع" ان الحياة ينبغي ان تقاد نحو الزهد. فإذا شعرنا اليوم في الجمهورية الاسلامية ان الحياة المعاشية تتجه نحو حياة طبقة الاشراف والمرفهين فهو دون شك نوع من الانحراف القطعي. اذ ينبغي ان نسير نحو الزهد. ولا نقول بمستوى معين من الزهد الذي يعيشه اولياء الله "لا اقصد ذلك وانما على المسؤولين من الدرجة الاولى ومن الدرجة الثانية وحتى الدرجات الادنى ينبغي ان يعيشوا الزهد حسب مقدرتهم، ومن ثم ان يتواصلوا مع عامة الناس".
5 – يذكر انه خلال بداية هذا الشهر "الشمسي" تم نشر خبر لسفر السيد "شهرام دبيري" مساعد رئيس الجمهورية للشؤون البرلمانية، وعقيلته الى القطب الجنوبي كانت تكلفتها باهظة وتفوق الملياري تومان، مما تسببت في موجة من الشعور بالاسف مصاحب للاستغراب واعتراض الشعب، فالخبر كان مؤسفاً وموجعاً. وبعد ان نشر الخبر تم تكذيبه من قبل مكتب المساعد البرلماني للسيد بزشكيان واعلن: "لقد نشرت شائعة بخصوص سفر المساعد البرلماني لرئيس الجمهورية الى القطب الجنوبي ولا صحة لهذا الخبر..."! وقيل ان "الصور التي نشرت ليست حديثة"! فلم تتطابق الوثائق والادلة المنتشرة مع هذا التكذيب للخبر، كما ان نفس السفر لم يتم تكذيبه وانما الجدال يدور في نطاق الوقت الذي حصل فيه، حين افادوا "ان الصور المنشورة قديمة"!....
6 – ان تكذيب الخبر الذي تؤكد صحته الادلة والقرائن لم ينحصر عند المعاونية البرلمانية لرئيس الجمهورية، إذ انبرت وسائل الاعلام التابعة للحكومة بتكذيب الخبر! كما ان وكالة الانباء الحكومية "ايرنا" والموقع الرسمي لإعلام الحكومة "باد" اعتبر الخبر من الشائعات وكذبته! في الوقت نفسه انبرى بعض المقربين من الحكومة "على مواقعهم" بأنه اذا تم العثور على "شعرة" في أوساط قوى الثورة فسيصنعون منه جبلاً كقمة افيرست، مرجحين انه بالسكوت عن هذه الظاهرة غير اللائقة فسيتم تكذيب الخبر! كما ان التصريحات حمالة الاوجه لآخرين لها ما يناسبها من الرد! ولكن لماذا؟ فهذه "التكذيبات الكاذبة" ما سببها؟! ولماذا يصرون على اضمار هذه الواقعة المؤسفة ليس عن انظار الشعب وحسب بل حتى عن اعين رئيس الجمهورية المحترم؟!أليس هؤلاء الذين يراهنون دوماً على مماهات الحكومة المصداق الحقيقي لصحبة من لا يصاحب؟! وهل يمكن بعد ذلك لرئيس الجمهورية المحترم ان يثق بادعاءات هؤلاء في مماهاتهم لمسير الحكومة؟!
7 – ان تأكيد السيد بزشكيان على "الوفاق" والتي وثقها بتوصيات القرآن وتأكيدات أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة الشريف، هي محل تقدير إلا أن المماهاة مع اشخاص ليسوا اهلاً للصحبة حتى وان انبثقت عن صداقة طويلة الامد، لا تخضع لمفهوم الوفاق بل هو تصرف ضار لا يتطابق مع مكانة شخصية محبوبة كرئيس الجمهورية.
وهذه الاشارة تضمنتها كلمة السيد بزشكيان في مرسومه، حين قال: "ان صداقتكم الطويلة وخدماتكم القيمة في منصب المساعد البرلماني لا تمنع من الالتزام بالصدق والعدالة والوعود التي قطعناها على انفسنا للشعب."
8 – ان الذي نتوقعه من رئيس الجمهورية أو أي من مسؤولي النظام ان يدققوا في وضع العاملين ضمن الدائرة التي تخضع لهم، ولا يتم استخدام كل من يتمتع بعيشة طبقة الاشراف أو شملته احكام أمنية أو التناغم مع اعداء النظام، أو دعم مثيري الفتن و... فأن هكذا اشخاص هم ممن تنطبق عليهم مقولة صحبة نصف الطريق، إذ هنالك احتمال قوي بعدم صدقهم في ادعائهم بمماهاة النظام.