kayhan.ir

رمز الخبر: 203809
تأريخ النشر : 2025March10 - 20:29

كواليس التطهير العرقي في سوريا

 

هواجس يعيشها المواطن السوري جراء نهر الدم الذي يجري في الساحل من اعمال إبادة وتطهير عرقي تتزامن مع ملامح الحكم المركزي القائم على عصبية طائفية وفئوية ضيقة، انها دوامة الحرب الاهلية المستدامة التي تتفجر كالقنابل الموقوتة في ارجاء البلاد، لتتحول الى ساحة مفتوحة لصراعات عابرة  للحدود، فقد اصبحت تركيا صاحبة حق مشروع في التدخل بالشأن السوري، ويواجه الجيش التركي ابناء سوريا داخل بلدهم، بذريعة حماية الامن القومي، وتم تجنيد "الامن العام" من عناصر تركية وشيشانية، فهي مساع لاستعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية وبداية مشروع اقليمي.

وصحيح أن فتيل الثورة في الساحل السوري لربما اشعله الفقر وحالة البطالة بعد اخراج ما يقرب من نصف مليون موظف من الخدمة، وقطعت رواتبهم، الا ان تركيا لم تكن بمنأى عن تطورات الاوضاع فهي ترى ان سوريا جزء لا يتجزأ من المجال الحيوي الذي يشكل الامتداد الخارجي للامن القومي التركي، وهذا يفسر الوجود العسكري والحضور الامني منذ وقت مبكر، فكانت ولا تزال تتطلع الى المزيد من التوغل داخل سوريا، اذن فهي ضالعة في الكثير من التطورات السياسية التي طرأت وتطرأ على سوريا ولكنها محكومة ضمن سقوف وضوابط رسمتها اميركا.

كما ولا يمكن لداعمي حكومة الجولاني وبالذات تركيا التنصل مما يحصل في سوريا. فخلال اربعة اشهر تم اعدام أو اغتيال أو اختطاف اكثر من ألفي علوي في سوريا، لا لشيء إلا لفكر طائفي مقيت يسيطر على القرار في دمشق.

فهنالك ميليشات تأتمر بأوامر تركيا معروفة بالجريمة والقتل والسلب والنهب لا تربطهم بالمواطنين أي صلة اجتماعية أو انسانية ومنها؛ فرقة "سليمان شاه" المعروفة بأسم "العمشات" يتزعمها محمدحسين الجاسم، وفرقة الحمزة المعروفة بأسم "الحمزات" يتزعمها سيف بولاد. اذ قامت هذه العناصر بالهجوم على المدن الساحلية بحجة البحث عن محسوبين على النظام السابق، وهي في الحقيقة لها مهمة محددة في ترويع السكان لاخلاء منازلهم ومحالهم التجارية وبالتالي يقومون بتغيير ديموغرافي ممنهج. هذا اضافة لعناصر ما يسمى الجيش السوري الحر التي تقوم بمهامها في مناطق من حلب وحضرت مسرعة لتنفيذ اوامر المخابرات التركية في تصفية العلويين في الساحل، واسكان مئات الالاف من السوريين الذين يقيمون في تركيا ولم يعودوا الى مناطقهم بعد. هذا المشهد اشبه بما قام به الجيش التركي في شمال العراق بعد ان اجبروا سكان مئات القرى في محافظة دهوك على النزوح.

ان تركيا قد استغلت غياب السلطة العراقية عن الاراضي الكردية في اقليم كردستان منذ عام 1992 فأنشأت اول قاعدة عسكرية لها، في الوقت الذي لا توجد اتفاقية رسمية وكل ما في الامر ان تركيا تجدد من جانبها فقط الاتفاقية الموقعة مع نظام المجرم صدام عام 1991، وحسب مستشار الامن القومي العراقي "قاسم الاعرجي" فانه يوجد مائة موقع وقاعدة عسكرية تركية على الاراضي العراقية.

وبعد اعلان حزب العمال الكردستاني تحوله من العمليات العسكرية الى النشاط السياسي بدأ الحراك النيابي داخل العراق للضغط بغية اخراج القوات التركية من البلاد واغلاق قواعدها العسكرية ليس في اقليم كردستان بل في مناطق اخرى بما في ذلك قاعدة "زليكان" العسكرية الواقعة شرق الموصل في ناحية بعشيقة، وقاعدتي بامرين ومتين في الاقليم. وكان رئيس لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب العراقي "كريم المحمداوي" قد طالب بإخراج القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني قائلاً: ان اللجنة ماضية في هذا الحراك لعقد جلسة للتصويت على قرار يقضي بخروج القوات التركية اذ لم يعد هنالك مبرر خاصة بعد دعوة زعيم حزب العمال لوقف العمليات العسكرية...اذ يشكل هذا الوجود تعدياً على السيادة العراقية سيما ان هذا لم يتم بموجب اتفاقيات رسمية مما يجعله بمثابة احتلال للاراضي العراقية.

إلا ان الحل الامثل لقضية إخراج هذه القوات يتم من خلال تدويلها واصدار قرار اممي يطالب بانسحاب القوات التركية من العراق. فلدى تركيا اطماع لا حد لها في سوريا والعراق وبيدها ورقة المياه تضغط بها دوماً، وعمدت خلال الفترة الماضية على تأسيس شركات متعددة في مجالات اقتصادية مختلفة لا يمكن للعراق حالياً الاستغناء عنها. وقد فتحت في سوريا حساباً خاصاً لربطها بطريق بري يصل للخليج الفارسي فتصدر كافة بضائعها من جهة ومن جهة ثانية لايصال الغاز القطري الى اوروبا عن طريق اراضيها. هذا التشابك الاقليمي استغلت فيه انقرة الجانب المذهبي كشماعة تحذر بها من تمدد شعبية حزب الله بعد ان برهن الحزب عملياً وقوفه الى جانب اخوانهم الفلسطينيين لا بالتصريحات بل في تقديم القرابين تلو القرابين.