المقاومة اكثر ما يغيظ اميركا
عندما يتجرأ حثالة مثل ترامب على رفع سقف الابتزاز تزداد حالة الدفاع لدى الحكومات العربية. فالنسخة الثانية من ترامب تعزيز لاحادية القطب، ويستشف ذلك من تصريحاته على كافة مناطق العالم بدءً بدول جوار اميركا وانتهاءً بالشرق الاوسط. وليست بالضرورة ان تكون مواقف وآراء ترامب من متبنياته، اذ هو اقل من ان يخطط وينظر، ويتوهم انه عبقري لا يفهم في حل المشاكل احد سواه.
فصاحب فكرة تهجير سكان غزة هو صهر ترامب "جرايد كوشنر" وهو مستشاره في الولاية الاولى، ورجل الظل وهو مهندس خطة السلام "صفقة القرن" التي طرحها ترامب. حينها صرح "كوشنر": يجب على "اسرائيل" ان توطن سكان غزة في صحراء النقب بينما تنتهي من تنظيف القطاع، وعندما سئل في ندوة بجامعة هارفارد عما اذا كان ينبغي السماح للفلسطينيين بالعودة الى ديارهم في غزة، اجاب: ربما ولكن غزة لم تعد موجودة حقاً الان.
وبخصوص جزيرة غرينلاند، عبرت واشنطن خلال اكثر من مناسبة خلال القرنين الماضيين عن رغبتها بالاستحواذ على هذه المقاطعة الاستراتيجية، فالعرض الاول للدانمارك كان عام 1867 لشراء الجزيرة وتلته عروض اخرى في الاعوام 1910 و1946، لاهمية الموقع الجيوسياسي للجزيرة فهي على منتصف الطريق بين موسكو ونيويورك. الى جانب ان السيطرة عليها ستكون نقطة مراقبة للسفن والغواصات البحرية الروسية والصينية.
الا ان الذي يقف حائلاً أمام عنجهية واستهتار اميركا والصهيونية هو الردع المستمر والذي هو في مواجهة ترسيخ فكرة الهزيمة الاستراتيجية والتجريد من الحقوق، ولن تجدي التصريحات والمؤتمرات بان نعتبر احتلال اميركا لقطاع غزة هي تصريحات عدائية لن تخدم الاستقرار في المنطقة بل تصب الزيت على النار، او ان ندعو الادارة الاميركية والرئيس الاميركي "ترامب" الى التراجع عن هذه التصريحات غير المسؤولة والمتناقضة مع القوانين الدولية. أو مطالبة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والامم المتحدة عقد اجتماع لمتابعة التصريحات واتخاذ الموقف الحازم، فما هكذا تورد يا سعد الابل!
فلو تابعنا تصريحات سماحة قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي "مد ظله العالي" بخصوص ضرورة ابقاء جذوة المقاومة متقدة وعدم القبول بشروط اميركا فهي خارطة طريق على كافة المستويات.
فبالامس صرح سماحته بالقول: "ان التفاوض مع اميركا ليس عقلانياً واذا قامت بتهديدنا فنهددها ايضاً، والتجارب السابقة اثبتت ان التفاوض لا يؤثر في حل مشاكل البلاد" واكد سماحته: "اذا تعرض الاميركيون لامننا فسنعرض امنهم للخطر دون شك".
إن لغة الندية هي التي تفحم مصاصي الدماء وقتلة الاطفال، وليس القبول بكل ما يحاولون املاءه. ونعني بالندية هنا لا التكافؤ والتوصل لممارسة في قبال ممارسة الخصم، وانما الاستعداد اولاً وهو وصف قرآني "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، ومن ثم فرض الحقوق الشرعية وعدم السماح بالاستفزاز اصلاً حين يوصي القرآن النبي "ص" "يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" اي ان يكون شديداً مع الاعداء الكفرة وهو نفسه الكتاب يوصي النبي ان يكون ليناً مع سائر الناس: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك".
اذن هنالك صرح باسق فيه عز المسلمين وكهف للمستضعفين لابد ان يقام على حفظه وعدم التردد او الخوف، والقرآن يشهد: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ...ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله...".
وجميع هذه الحالات التي وصفها القرآن شهدنا مصاديقها اليوم من خلال مقاومة غزة لحرب ضروس دمرت كل امكانيات الحياة اليومية فلم يهنوا ولم يحزنوا وهم معرضون لابشع ظلم من قبل سماسرة الحروب امثال المعتوه ترامب ونتنياهو، فهما يتصوران القضية قد خصمت بالآلة الحربية والتجويع والخراب، ولكن في داخلهما خوف وهلع شديدين من استمرار حالة المقاومة وعدم استسلامها، فلجأ المستشارون والواهمون الى عرض متاع الدنيا على الاهالي المنكوبين في مخطط لتمييع الحالة الثورية وامتصاص روح المقاومة، ولكنهم خسأوا حين وجدوا من ينصرهم من اخوانهم في جبهات الاسناد في لبنان واليمن والعراق، وبوجود الامام القائد كظل وفير يقيهم شر السلطويين ونفاق بعض المسؤولين في الحكومات العربية، وكسند قوي يعتمد الحكمة في القرار مع ما يحاول ترامب من فرض انواع العقوبات المناقضة لمعايير القانون الدولي، بحظر الكيانات الطبيعية والاعتبارية الايرانية.