kayhan.ir

رمز الخبر: 20143
تأريخ النشر : 2015May30 - 21:18

ماذا عن احتمالات انهيار الحلف البراغماتي التركي - السعودي؟

هشام الهبيشان

في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن تطور مسار العلاقات التركيه –الايرانية ،وتأثير هذا التطور على مسار حرب السعودية على اليمن،وعن مسار قضية اعدام الرئيس المصري السابق محمد مرسي وخصوصآ من الجانب التركي الذي يسعى لتحويل قضية وملف الاعدام الى قضية رأي عام دولي وهذا ما أتضح مؤخرآ من خلال جولات الرئيس التركي اردوغان على عدة دول غربية وشرقية،ومسار تطور الاحداث على الارض الليبية التي تشهد ساحتها حالة صراع علني بين تركيا وقطر من جهة والسعودية ومصر والامارات من جهة اخرى ،ومن هنا يمكن قرأة ان هذه الملفات بمجملها ستضع مسار التقارب السعودي –التركي تحديدآ على صفيح ساخن ،فبعد ان أتضح بالفترة ألاخيرة لجميع المتابعين ان مسار العلاقات التركية السعودية قد تطور بشكل ملحوظ وخصوصآ بالفترة الاخيرة بعد قيام الرئيس التركي أردوغان بعدة زيارات للرياض رد عليها السعوديون بزيارات أخرى لأنقرة، والواضح ان هذه الزيارات قد ساهمت الى حد ما بتحريك المياه الراكده بين العاصمتين، وساهمت ألى حد ما ببناء جسور التقارب بين البلدين، وخصوصآ بعد تعهد النظام التركي بحماية أمن المملكة السعودية ودعم عدوان عاصفة الحزم الذي تقوده اليوم السعودية بتحالفها العشري "ناتو العرب” على القطر اليمني الشقيق، ولكن بالتزامن مع كل هذا وذاك فقد شكلت زيارة اردوغان لطهران مؤخرآ ،وتصعيده بخطابه العدواني أتجاه النظام المصري ،حالة من الشكوك حول طبيعة وشكل هذا التقارب المستقبلي لهذه العلاقات بين أنقرة والرياض.

وهنا بالتحديد يقرأ بعض المتابعين ان التقارب بين أنقرة والرياض للأن لم تكتمل معالمه بعد، ولم تعلم بعد ماهي المده الزمنية المتوقعة لاستمراره؟، والسبب يتلخص بوجود تجارب تاريخية "فاشلة” لكلا النظامين بعلاقات التقارب فيما بينهما فقد سبق ان لامست حالة التقارب بين "النظامين” حدودآ استراتيجية في التقارب "بمطلع عام 2011 تزامنآ مع انطلاق ما يسمى ب”الربيع العربي”، وقد كانت حينها انموذجآ اقليميآ بحالة التقارب تلك وقد اعتقد البعض انها قد تؤسس لحلف اقليمي جديد، ثم انهار كل ما تحقق على هذا الطريق مع أول خلاف دار حول الملف المصري، وانفتاح شهية كلا البلدين للسيطرة على البلد الجريح، وهذا ما أفرز حينها حالة من الاستقطاب وفجر خلافات حول مصر والشرعية للنظام القديم وشرعية النظام الجديد، بين البلدين، تداعيات خلاف كلا البلدين حول دورهما بمصر ما بعد 30 يونيو 2013 قد لا تمحى بسهولة،وخصوصآ مع طرح قضية اعدام الرئيس المصري السابق محمد مرسي،فاليوم تنتظر أنقرة سماع رسالة علنية من الرياض حول موقفها من قضية اعدام الرئيس المصري السابق محمد مرسي ،هذا الملف بالتحديد قد يحمل تطورات دراماتيكية بالعلاقة بين الرياض وانقرة ، وهذا بطبيعته ما يخشى منه كلا "النظامين” حاليآ بخصوص حالة التقارب الاخيرة ، فالخشيه ان يتكرر سيناريو خلاف التجارب السابقة، لذلك نرئ الان حالة من الشكوك المتبادلة بين الجانيين حول طبيعة هذا التقارب وأطره المستقبلية، فالوقائع التاريخية تقول ان السياسات التركية -السعودية تحمل العديد من نقاط التناقض وعدم التقارب.

وهنا وفي ذات السياق، فلا يمكن للنظام "التركي” في طبيعة الحال، أن يتبع نهج أقليمي جديد يؤسس لحاله اقليمية جديدة يكون عنوانها "تحالفات الطوائف الاسلامية” كما يريدها النظام السعودي ،فالنظام التركي بالنهاية هو نظام براغماتي، ويتعامل مع الكثير من أزمات المنطقة حاليآ على مبدئ الشريك الذي لايريد ان يخسر احدآ، وهذه الحقائق المذكوره سابقآ لايمكن لأي شخص متابع لسياسة النظام التركي في الاقليم مؤخرآ بشكل عام أن ينكرها، فهذه الحقائق بمجملها قد تكون هي ألانتكاسة الاولى للحلف السعودي -التركي، فألاتراك لايمكنهم بأي حال من الاحول ان يكونوا شركاء للسعوديين، بمقابل تخليهم عن براغماتيتهم النفعية من الايرانيين أقتصاديآ وامنيآ وحتى سياسيآ، وهذا ما ظهر واضحآ وجليآ من خلال زيارة أردوغان ألاخيرة لطهران.

فألاترك بدورهم يعلمون أن السعوديون بهذه المرحلة يعانون من أزمة أقليمية خانقة وحربهم على اليمن قد تكون صدى حقيقي لهذه ألازمات وقد ترتد نتائج هذه الحرب بشكل سلبي على السعوديين، ويعلم النظام البراغماتي التركي جيدآ ان مادفع السعوديون للتقارب مع الاتراك هو مصلحة مرحلية قد تنهار بأي فترة زمنية مقبلة، فتحالفات المصالح المرحلية هي تحالفات غير دائمة، ومن هنا يبدوا ان هذا التقارب المرحلي سيتم دون تأثير وتغيير جذري على استراتيجية كل نظام في المنطقة، وهذا بسبب أن هناك اختلافآ في سياسة تعاطي الدولتين في التعامل مع الأزمة السورية والوضع العراقي الفوضوي بشكل خاص، والخلاف حول النظام المصري الجديد.

ختامآ، تؤكد زيارة اردوغان لطهران مؤخرآ أن النظام التركي مازال يملك من الأوراق ما يجعله قادرآ على بناء تحالفات اقليمية بعدة أتجاهات، وأنه مازال يتعامل مع مجمل ملفات المنطقة مؤخرآ بناء على براغماتية نفعية لأنقرة،كما تؤكد حالة التصعيد ضد النظام المصري ان الاتراك غير معنيين اليوم بمساعي السعودية لتقريب وجهات النظر بين النظام المصري والنظام التركي ،والواضح ان السعوديون يعلمون هذا جيدآ، ومع كل هذا وذاك فما زال السعوديون يتمسكون ويناورون بدعم الورقة التركية لهم وحتى وان كان هذا الدعم أعلاميآ، المهم بنظر الدوائر الرسمية السعودية هو أيصال رسائل هذا الدعم للداخل السعودي لأظهار حجم قوة الدعم الاقليمي والدولي للسعودية بحربها العدوانية على اليمن، وبذات ألاطار فمازالت هناك خشية سعودية من ان تدفع براغماتية النظام التركي الى ممارسة سياسة مزدوجه لاتخدم الأهداف والأجندات التي يحملها النظام السعودي الجديد،وما تحمله هذه الاهداف والأجندة من متغيرات خطرة ومغامرات ومقامرات جديدة قد تقلب الطاولة على الجميع بالمنطقة كل المنطقة، ومن هنا سننتظر القادم من ألايام وما يحمله من متغيرات جديدة بالمنطقة، لنستوضح التطورات المستقبلية لطبيعة العلاقات التركية السعودية المستقبلية، وتأثير هذه العلاقات سواء أكانت ايجابية ام سلبية على مسار حرب السعودية على اليمن ومسار وتطورات ألاحداث بمصر بما يخص قضية اعدام الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومسار الحرب على سورية وتطورات المشهد الليبي.