ترحيل شعب قضية فيها نظر !
بعد حرب عام 1948 تم ترحيل قرابة نصف سكان فلسطين من بيوتهم – 700000 من عرب فلسطين – وتدمير نحو 600 قرية والاستيلاء على ممتلكاتهم وابعادهم عن ارضهم والتي عرفت فيما بعد باسم النكبة .اذ ان ممارسة عملية التهجير بمثابة ركيزة اساس في تشتيت المجتمعات .
واليوم نجد الحديث عن قضية مشابهة يراد فرضها على سكان قطاع غزة بعد ان وضعت الحرب اوزارها . فالمبعوث الاميركي للادارة الاميركية الجديدة لشؤون الشرق الاوسط – ستيف ويتكوف – بات يقلق من وقوع حوادث منفلتة – حسب تصريحاته – تنجم عن تداخل يومي لامفر منه بين الاسرائيليين والفلسطينيين على ارض غزة وبالقرب منها فيبادر لحلول طويلة الاجل بالقول - اذا لم نساعد سكان غزة واذا لم نجعل حياتهم افضل واذا لم نعطهم شعورا بالامل فسيكون هنالك تمرد - .
من هنا تدرس ادارة ترامب – حسب شبكة ان بي سي – نقل جزء من سكان غزة الى اندونيسيا ! والبالغ عددهم مليوني نسمة بذريعة تسهيل عملية اعادة الاعمار .
وهنالك معلومات تفيد بان مشروعا قدم الى مسؤولين بارزين في الكونغرس الاميركي بشان تهجير سكان غزة الى دول الجوار . فصحيفة – يسرائيل هيوم – كشفت خطة اسرائيلية عرضت على مسؤولين كبار من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين ونالت مباركتهما اذ سيتم الترويج لها عقب الموافقة عليها . وتشمل الخطة اربع مبادرات اقتصادية لاربع دول في المنطقة هي – مصر والعراق واليمن وتركيا -- بحيث تقبل هجرة طوعية وليس بالاكراه . وان المبادرة يرعاها علنا عضو مجلس النواب الاميركي – جوي ويلسون - وتقضي ان اميركا ستشترط استمرار مساعداتها الاقتصادية لمصر وتركيا واليمن بشرط خروج السكان من غزة . اذ ان اميركا تقدم سنويا لمصر 1 مليار و300 مليون دولار من المساعدات الخارجية كما وتقدم للعراق واليمن سنويا مليار دولار بينما تقدم لتركيا 150 مليون دولار . والملفت ان اميركا تعتبر المشروع حلا اخلاقيا جراء تقاعس المجتمع الدولي حسب زعمها .
بدوره طرح وزير المالية الاسرائيلي – بتسلئيل سموتريتش – خطة تدريجية للسيطرة على قطاع غزة وهو ما تناقلته صحيفة -- وول ستريت جورنال – الاميركية على لسان الوزير اقترح خطة هجرة للوصول الى حسم نهائي وهذا هو الحل الانساني الصحيح لسكان غزة والمنطقة باكملها بعد 75 عاما من اللجوء والفقر والمخاطر . اذ ان اسرائيل لن تكون قادرة بعد الان على تحمل وجود كيان مستقل في غزة يقوم بطبيعته على كراهية اسرائيل والرغبة في تدميرها .
وليست الفكرة وليدة يومها اذ في عام 1955 وضعت اسرائيل مخطط امني بواجهة اقتصادية واجتماعية لتوطين عشرات الالاف من الفلسطينيين في مشاريع التنمية الزراعية الجديدة بسيناء فيما خصصت اميركا الجزء الاكبر من التمويل للمشروع الذي قدر بنحو 30 مليون دولار ونوقشت الفكرة مع الرئيس المصري الاسبق – جمال عبد الناصر - الا ان الاحتجاجات والانتفاضة التي قام بها الفلسطينيون والتي عرفت فيما بعد بانتفاضة – هبة مارس – قد اجهضت المشروع الذي اطلق عليه حينه بمشروع جونستون .
وخلال احتلال اسرائيل لسيناء عام 1967 الى عام 1973 تكرر طرح المشروع وسمي مشروع العريش .
ومن خلال تحقيق كشفت صحيفة – هارتس – النقاب عن التشابه بين مخططات تهجير الفلسطينيين في الماضي و الحاضر فاستعرضت الصحيفة جوهر ومضمون بروتوكولات الحكومات الاسرائيلية المحفوضة في ارشيف دوائر الكيان الصهيوني .
ولاتختلف هذه الافكار عن افكار اليمين الاسرائيلي المتطرف اليوم .
وان اساس الفكرة هي خلق حالة من – الهجرة الصامتة – بطريقة لاينظر الى اسرائيل على انها متورطة فيها . وذلك بارسال من له دراية بالمجتمع الغزاوي فيختلط مع التجمعات السكانية بالقطاع - ما يصطلح بالطابور الخامس – من اجل اقناع الوجهاء بالتشجيع على المغادرة الطوعية .
وحسب وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق – موشي دايان –
: اذا دفعنا لتنفيذ الخطة لتهجير عشرين الفا في كل دفعة فاننا نعلن بهذا عن ترانسفير وبالتالي سنفسد الامر كله لذا لابد ان
تكون العملية بطيئة وكانها امر طبيعي اذان اي شيء معلن سيكون مصيره الفشل - .
وهكذا نجد ان العدو يخطط لكل عملية حرب او سلم بمساندة العالم الغربي برمته بينما المفروض من العالم الاسلامي والعربي خصوصا ان يكون اكثر حيطة وفطنة لان الامر يهمهم بان يفوتوا الفرص على الاعداء في حالة السلم كما فوتتها المقاومة الاسلامية حين الحرب بتقديم كل غال ونفيس . وكما شدد سماحة القائد – ان صمود المقاومة وصبر الشعب الفلسطيني اجبرتا الكيان الصهيوني على التراجع –
اليس الاجدر على الحكومات العربية ان تضع هي الحلول الدائمة بدل ان تضع رؤوسها تحت الرمال بانتظار من يملي عليها ما تفعله .