عراقجي: ايران لديها الجاهزية الكاملة للرد على أي تهديد من الكيان الصهيوني
*استمرارالعلاقات القوية مع الدول التي حافظت على شراكتها الاستراتيجية معنا ووقفت الى جانبنا اولوية
*العديد من الانجازات التي شهدتها إيران في المجالات الدفاعية أو النووية تحققت رغم العقوبات المفروضة
*مستعدون للدخول في مفاوضات بناءة للوصول الى اتفاق بنفس صيغة الاتفاق النووي السابق
*حزب الله لا يقتصر على كونه قوة مقاومة بل قوة سياسية بارزة ولديه قاعدة اجتماعية كبيرة في لبنان
* طبيعة تعاملنا مع سوريا تعتمد على سلوك الطرف الآخرلا نتخذ قراراتنا بناءً على تغييرات شكلية أو شعارات
*قرار قبول وقف إطلاق النار هو بيد حماس والفلسطينيين وأيًا كان خيارهم سنقف إلى جانبهم وندعمهم
طهران-مهر:- أكد وزير الخارجية عباس عراقجي أن قرارات ايران بشأن سوريا لا تعتمد على الشعارات أو التغيرات الشكلية، بل تُبنى على الأفعال. وقال: "كيفية تعاملنا مع سوريا تعتمد على سلوك الطرف المقابل هناك. إيران تتمتع بحسن نية كاملة وتسعى لتحقيق الاستقرار في سوريا".
وصرَّح عراقجي، وزير الخارجية خلال مقابلة مع شبكة تلفزيونية صينية، برأيه حول قضايا إقليمية ودولية متعددة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية-الصينية، قال عراقجي: "وثيقة التعاون الاستراتيجي لمدة 25 عامًا بين إيران والصين تقدم رؤية واسعة جدًا للتعاون بين البلدين في جميع المجالات".
في مقابلة مع قناة CCTV الصينية خلال زيارته الأخيرة إلى بكين، أوضح وزير الخارجية الإيراني أن إحدى أولويات السياسة الخارجية للحكومة الرابعة عشرة في إيران هي استمرار العلاقات القوية مع الدول التي حافظت على شراكتها الاستراتيجية مع إيران ووقفت بجانبها في الظروف الصعبة. وأضاف: "زيارتي إلى الصين تُعد أول زيارة ثنائية لي خارج منطقة غرب آسيا، واختيار بكين جاء بسبب الأهمية الكبيرة التي نوليها للعلاقات مع الصين".
وأشار عراقجي إلى أن أحد مؤشرات العلاقات الممتازة بين إيران والصين يتمثل في التفاعلات رفيعة المستوى بين البلدين، مثل اللقاء الأخير بين رئيسي البلدين الذي عُقد الشهر الماضي في مدينة كازان بروسيا، واصفًا هذا اللقاء بأنه "بالغ الأهمية" وحقق العديد من الإنجازات. وأكد أن العلاقات السياسية بين البلدين تسير بوتيرة جيدة، مع استمرار تبادل الوفود بين طهران وبكين في مجالات مختلفة تشمل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والشباب والأمن.
وفي رده على سؤال من مذيع قناة CCTV حول العلاقة بين إيران والصين، قال وزير الخارجية: "وصف إيران والصين بأنهما شريكان استراتيجيان تعبير دقيق"، مشيرًا إلى أن التعاون بين البلدين لا يقتصر على العلاقات الثنائية، بل يشمل أيضًا التشاور الوثيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية. وأضاف: "خلال اجتماعي مع وزير الخارجية الصيني في هذه الزيارة، الذي استمر قرابة أربع ساعات، ناقشنا تطورات المنطقة وكيفية التعامل معها، وتعزيز التعاون المشترك في هذا الإطار".
وأكد عراقجي استعداد إيران لاستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي. وقال: "تفاوضنا بحسن نية لأكثر من عامين مع دول 1+5، وتمكنا في النهاية من الوصول إلى اتفاق وصفه العالم بأنه إنجاز دبلوماسي كبير. نفذنا الاتفاق بحسن نية، لكن الولايات المتحدة اختارت، دون أي مبرر، الانسحاب منه، ما أوصل الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم".
وأضاف: "ما زلنا مستعدين للدخول في مفاوضات بناءة ودون تأخير حول برنامجنا النووي، على أن يكون الهدف منها الوصول إلى اتفاق. الصيغة التي نراها مناسبة هي نفس صيغة الاتفاق النووي السابق: بناء الثقة بشأن برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات. ونحن على هذا الأساس مستعدون للمفاوضات".
وأشار عراقجي إلى الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في الاتفاق النووي (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا) التي عُقدت في جنيف، مضيفًا: "تم تحديد موعد الجولة الثانية وستُعقد خلال أقل من أسبوعين. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، من الطبيعي أن تضع الإدارة الجديدة سياستها، وسنقرر بناءً على ذلك. أما الصين وروسيا، فهما عضوان مؤثران في المفاوضات السابقة، ومن وجهة نظرنا يجب أن تستمرا في أداء دورهما البنّاء في هذه المحادثات، وهذا ما نريده".
وقال عراقجي: "منذ عام 2015 مرّت 10 سنوات وحدثت تغيرات كبيرة. انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي كان خطأ استراتيجيًا كبيرًا وواجهته إيران بردود فعلها. توسعت العقوبات الأمريكية، والمنطقة تعاني من أزمات، خاصة في غرب آسيا. لكن رغم كل ذلك، أبواب الدبلوماسية لا تُغلق أبدًا".
وفي ختام حديثه، أوضح: "كمسؤول دبلوماسي، أؤمن بأنه حتى في أصعب الظروف يمكن إيجاد حلول دبلوماسية. الأمر يعتمد على مدى وجود الإرادة السياسية، وعلى مدى إبداع وابتكار الدبلوماسيين في اكتشاف مسارات جديدة وصيغ مبتكرة لتحقيق اتفاق. إذا وُجدت الإرادة السياسية لدى الأطراف الأخرى، قد يكون العثور على حل صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا".
صرح وزير الخارجية ردًا على سؤال، بأن "مستقبل المقاومة لا يزال مشرقًا، وحزب الله لبنان يواصل عملية إعادة بناء قدراته بشكل مستمر".
وأضاف: "ليست هذه المرة الأولى التي يفقد فيها حزب الله قائده، ومع كل مرة يحدث ذلك، يعود حزب الله إلى الساحة اللبنانية أقوى وأكثر ثباتًا".
وأكد الوزير أن حزب الله لا يقتصر على كونه قوة مقاومة، بل إنه أيضًا قوة سياسية بارزة في لبنان، ولديه قاعدة اجتماعية كبيرة. وقال: "حزب الله يتمتع بحضور سياسي قوي في لبنان وسيستمر في هذا الحضور".
وفي ردّه على سؤال حول طبيعة تعامل إيران مع سوريا في ظل الظروف الجديدة، أن ايران تنتظر أن تعلن الحكومة الانتقالية سياساتها تجاه المنطقة والدول الأخرى، وتحقق الاستقرار المطلوب. وأضاف: "نحن لا نتخذ قراراتنا بناءً على تغييرات شكلية أو شعارات، بل بناءً على الأفعال".
وأشار عراقجي إلى أن طبيعة تعامل إيران مع سوريا "تعتمد على سلوك الطرف الآخر هناك. إيران تتحلى بحسن النية وتسعى إلى تحقيق السلام في سوريا، ونرغب في المساهمة في استقرار سوريا وضمان أمن جميع المكونات فيها".
وشدد على أهمية تعاون دول المنطقة لتحقيق هدف إنشاء حكومة شاملة تضم جميع المكونات والجماعات السورية، مع الحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة الوطنية السورية. وقال: "لا ينبغي أن تتحول سوريا إلى ملاذ للإرهابيين أو مصدر تهديد لجيرانها والمنطقة. هذه مبادئ متفق عليها بين جميع الأطراف في المنطقة".
وأكد عراقجي رفض إيران لأي تدخل خارجي في شؤون سوريا، مشددًا على أن "الشعب السوري هو صاحب القرار النهائي لأنه الحاكم الحقيقي لبلاده. دورنا يقتصر على المساعدة في تمكينهم من اتخاذ قرارات صائبة، حتى نرى سوريا تنعم بالسلام وتعيش بسلام مع جيرانها".
وفي سياق حديثه عن التطورات الأخيرة في سوريا، قال عراقجي: "كنا على علم منذ أشهر بأن الجماعات المعارضة والمناهضة للحكومة السورية تُعيد تنظيم صفوفها للقيام بعمليات عسكرية. وقد نقلنا هذه المعلومات إلى الحكومة السورية، كما علمنا أن روسيا قدمت معلومات مشابهة للرئيس بشار الأسد".
وأضاف: "رغم توقعاتنا بحصول تحركات عسكرية، إلا أن التطورات حدثت بسرعة كبيرة بشكل لم يكن متوقعًا، ولم يتمكن الجيش السوري من المقاومة كما كان متوقعًا. حتى الرئيس بشار الأسد نفسه لم يكن يتصور أن يكون أداء الجيش بهذا الشكل".
كما أكد وزير الخارجية في تصريحاته بشأن غزة وحركة حماس، أن "الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق هدفه الأساسي من الهجوم على غزة. إسرائيل دخلت غزة بهدف القضاء على حماس، لكنها اليوم مضطرة للتفاوض مع الحركة نفسها بشأن وقف إطلاق النار".
وأضاف: "لقد أوضحنا مرارًا أن أي وقف لإطلاق النار تقبله حماس والفلسطينيون سيكون مدعومًا من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. قرار قبول وقف إطلاق النار هو بيد حماس والفلسطينيين، وأيًا كان خيارهم، سنقف إلى جانبهم وندعمهم".
وانتقد عراقجي بشدة مواقف الدول الغربية تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، مشيرًا إلى أن "رغم أن مجلس الأمن الدولي لم يتمكن من اتخاذ أي إجراء لوقف هذه الجرائم بسبب الضغوط الأمريكية، فإن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية للعمل على منع استمرار هذه الجرائم".
ودعا إلى ممارسة ضغوط دولية على الولايات المتحدة والدول الأوروبية والاحتلال الإسرائيلي لوقف هذه الاعتداءات، مؤكدًا أن على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل فاعل لوقف هذه الانتهاكات.
ردًا على تهديدات جديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بشن هجوم على إيران، أكد وزير الخارجية ، أن "إيران مستعدة تمامًا لمواجهة أي تهديدات جديدة من هذا الكيان، ولدينا الجاهزية الكاملة للرد".
وأضاف: "آمل ألا يرتكب الصهاينة مثل هذا الجنون، لأن نتيجته ستكون حربًا شاملة".
ورغم ذلك، شدد عراقجي على أن إيران متمسكة بالمسار الدبلوماسي، قائلاً: "نواصل اتصالاتنا ومشاوراتنا مع دول المنطقة وأصدقائنا، مثل الصين. نعتقد في النهاية أن العقلانية ستنتصر، ولن يُسمح باعتداءات يمكن أن تحمل عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها".
وصرح وزير الخارجية ، بأن العلاقات بين إيران والسعودية، التي استُؤنفت منذ أكثر من عامين بوساطة صينية، تسير في مسار إيجابي، قائلاً: "العلاقات بين البلدين تسلك طريقًا جيدًا، وكلا الطرفين راضٍ عن استئناف العلاقات ويجدان فيها فوائد مشتركة".
وأضاف: "هناك العديد من الإمكانيات في العلاقات بين البلدين التي لم تُستغل بعد، وأعتقد أن المسار سيكون تدريجيًا وبطيئًا ولكنه مستمر بثبات".
ووجه عراقجي شكره إلى الصين على جهودها في هذا الصدد، مشيرًا إلى أن "الجهود الصينية المخلصة أثمرت عن نتائج إيجابية".
وأكد ثقته في الصين، قائلاً: "لدينا ثقة كبيرة في الصين ونرى فيها حسن النية. الصين تتمتع بعلاقات اقتصادية جيدة مع مختلف دول المنطقة وتحظى بالاحترام، مما يمثل ميزة لها يمكن استخدامها لتعزيز دورها السياسي في حل الخلافات بين دول المنطقة".
وأبدى عراقجي استعداد إيران لدعم الدور الصيني قائلاً: "إيران ترحب بهذا الدور ومستعدة للتعاون لتحقيق هذه الأهداف".
كما أكد عراقجي، أن العقوبات أداة "غير إنسانية وتنم عن التسلط والبلطجة" تستخدمها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ضد إيران. وقال: "تم استخدام هذه الأداة ضد إيران لأكثر من 40 عامًا، لكنها أثبتت عدم فعاليتها. صحيح أنها فرضت علينا تكاليف باهظة، لكنها أجبرتنا على الاعتماد على إمكانياتنا الداخلية والوقوف على أقدامنا".
وأضاف: "العديد من التقدمات التي شهدتها إيران، سواء في المجالات الدفاعية أو النووية، تحققت على الرغم من العقوبات".
وشدد عراقجي على أن العقوبات تحمل في طياتها ضغوطًا وصعوبات، لكنها "لم تستطع ولن تستطيع أن تجبر الشعب الإيراني على الاستسلام أو التخلي عن مبادئه وأهدافه".
الرئيس بزشكيان سيشارك في قمة شنغهاي
أشار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى أهمية عضوية إيران في مجموعة "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون، وقال: "من المقرر عقد قمة شنغهاي في الصين، والسيد بزشكيان يعتزم حضورها. لدينا أفكار جيدة ويمكننا أن نساعد شنغهاي في تحقيق أهدافها".
وفي رده على آخر سؤال من مقدم البرنامج حول ما يتمنى تحقيقه في عام 2025، تمنى عراقجي في بداية حديثه بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد والعام الصيني الجديد، وقال: "آمل أن يكون العالم خاليًا من الحروب والجرائم والاعتداءات، وأن يسود العدالة والإنصاف، ويطبق القانون، ويحاسب أولئك الذين انتهكوا القوانين. وفي النهاية، أتمنى أن يسود العقل في العالم في عام 2025".