kayhan.ir

رمز الخبر: 200284
تأريخ النشر : 2025January04 - 20:02

اما نائمون أو سكارى أو مجانين!

 

حسين شريعتمداري

1 ـ الذين تشغلهم هذه الايام تحضير وصفة التفاوض مع اميركا بدل ان يسعوا لحل بعض  المشاكل المطروقة، هؤلاء إما سذج فلا يتمتعون بفطنة كافية، أو لا يحسنون الصنع فيلبسون عجزهم في حل المشاكل بغطاء التفاوض مع اميركا، او لا سامح الله لهم ارتباط مع الاعداء جراء طمعهم او انخداعهم، او كما قال السيد روحاني ـ وبالطبع لا يتواءم  مع نهجه وسلوكه! ـ انهم مجانين.

ورغم كون وصفهم بالسذج هو الحكم الاكثر تفاؤلاً بخصوص هؤلاء، الا ان كل واحدة من الاحتمالات  المذكورة بخصوص مقترحي المفاوضات مع الاميركان، مما يصح اطلاقه،  وفي هذا الحال لا يصلحون ان تفوض اليهم مسؤوليات في ادارة الدولة دون أي شك!

2 ـ الامر الملفت انه خلال العقدين السابقين بدأ التطرق لخوض مفاوضات مع اميركا من قبل بعض التيارات الداخلية والمماهية مع وسائل الاعلام الاجنبية، في نفس الوقت يتم ضخ الرأي العام بكم من التصريحات والمدونات المثبطة والباعثة على اليأس وتهويل المشاكل وبيان العجز عن مواجهتها و...! وسبق ان اشرت الى الغرق الاصطناعي وهي من الاساليب المعقدة في العمليات النفسية. يستهدف العدو منها لضخ اليأس والانغلاق  في المجتمع وبالتالي ايصال رؤاها كخارطة طريق للتخلص من الانسداد المصطنع. ونرى ـ وعندنا وثائق جمة على ذلك ـ ان اعداء الخارج يقومون بتوظيف  اذنابهم او السذج ومعيبي التفكير في الداخل باستغلالهم للوصول لمآربهم.

3 ـ ان الجنرال "فرانسيسكو فرانكو" طاغية اسبانيا الذي حكم بالحديد والنار 36 عاماً (1939 ـ 1975)، حين عزم مهاجمة مدريد وقلع الحكومة الجمهورية، خاطب انصار الجمهورية المسيطرين على مدينة مدريد، قائلا: "انا قادم الى المدينة من اربع جهات؛ الشرق والغرب والشمال والجنوب بطوابير من الجنود والعتاد، ولا تظنوا  انها اربعة اعمدة اذ هنالك طابور آخر في داخل المدينة ومن بينكم ينشط لصالحنا! انهم "الطابور الخامس" وحين وصل جيش فرانكو الى مدريد، كان الناس مستعدين للتسليم اذ ان الطابور الخامس قد انجز مهمته من قبل بضخ اليأس والانغلاق المستقبلي مما تسبب في خنق انفاس الناس وجعل الحياة مرة لهم، ففيما كانوا هم من يفتعل الفوضى والقلاقل، عملوا على ان ينسبوا جميع المشاكل للنظام الموجود وفتحوا لهم نافذة واحدة وهي الرضوخ لحكم الجنرال  فرانكو! وهكذا  تمت تهيئة ارضية سهلة لمجيء الجنرال فرانكو الدكتاتور مصاص الدماء ليحكم 36 عاماً ـ حتى وفاته ـ. وهكذا دخل مصطلح الطابور الخامس الى قاموس السياسة.

4 ـ وهذه الايام لجأت طبقة من ادعياء الاصلاح، ولهم مسؤوليات في الدولة، وفي تصرف يتماهى مع ما يصبو له المسؤولون الاميركان (ندعو ان يكون التماهي مجرد صدفة)، بضخ اليأس في الرأي  العام مؤكدين على ان التفاوض مع اميركا هو الطريق الوحيد للتخلص من المشاكل. لنقرأ؛

"ينبغي ان نعلم ان لا حل إلا التفاوض. فلابد ان نسعى في حل مشاكلنا مع العالم ومع اميركا عن طريق التفاوض"! أو "ينبغي ان نتفاوض مع السيد ترامب؛ فمن غير الصحيح ان تبقى مشاكل البلد معلقة"! و"لاجل حل المشاكل، لا سبيل لنا سوى التفاوض مع اميركا"! او "ان مصالحنا تتحقق في التفاوض المباشر مع اميركا"! و...

5ـ بالامس اعرب "ريتشارد نفيو" مهندس العقوبات على ايران، خلال مقال نشرته مجلة "فارين افيرز" الاميركية، اعرب عن تشاؤمه لفشل العقوبات على ايران. وبخصوص احتمال مهاجمة ايران، قال ايضا؛ "ان تداعيات الهجوم العسكري على ايران ثقيلة جدا، اذ فيه احتمال فشل واضعاف حيثية اميركا". ويؤكد "ريتشارد نفيو"؛ "ان التفاوض هو الطريق الوحيد لمواجهة ولجم ايران" (لجم ايران وليس حل المشاكل!  هكذا يعبر ادعياء الاصلاح).

6 ـ ان سماحة قائد الثورة، في كلمة توجيهية يشرع بتوجيه العتاب لاشخاص، حسب قوله "من يدعون الدرك السياسي" و"يدعون ان لهم باع في السياسة والاطلاع على اوضاع العالم" ولكن يحصرون سبيل حل المشاكل في التفاوض مع اميركا! ومن ثم يخاطبهم في بيان حكيم ومستدل؛ "حسناً كيف يمكن حل المشاكل مع اميركا؟ انه تساؤل حقيقي و جاد. لا نريد ان نتخاصم مع بعضنا، مجرد سؤال: كيف تحل المشكلة مع اميركا؟ بان نجلس ونتفاوض ونأخذ من اميركا عهداً، هكذا تحل المشاكل؟ بان نجلس مع اميركا ونتفاوض ونأخذ منها عهداً بان عليك ان تفعلي هكذا وان لا تفعلي الامر الكذائي، ستنحل المشاكل؟ خلال مسالة بيان الجزائر، بخصوص تحرير الرهائن في عام 1981، اجتمعتم مع اميركا وتحدثتم ـ وكنت حينها عضواً في مجلس الشورى الاسلامي، ولم اكن حاضراً في المجلس  اذ كنت في جبهات القتال، في مدينة اهواز ـ حينها كان السادة هنا في طهران قد جلسوا وتحدثوا مع الاميركان بشكل غير مباشر وانما بتوسط حكومة الجزائر، بالطبع كان القرار من المجلس ولم يكن الامر غير شرعي، فاخذوا العهود  وابرموا الاتفاقيات، ان حرروا ارصدتنا، وارفعوا العقوبات عنا، ولا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية، وبدورنا سنطلق سراح الرهائن. فاطلقنا سراح الرهائن، فهل التزمت اميركا بعهودها؟ وهل رفعت اميركا العقوبات؟ وهل ارجعت ارصدتنا المسدودة؟ كلا، ان اميركا لا تفي بالعهود؛ حسنا، فهذه كانت مفاوضات واجتماعات مع اميركا. وكذلك الحال في خطة العمل المشتركة؛ قالوا اذا خفضّتم النشاط الصناعي النووي ـ لم يجرأوا على قول التعليق ـ ان خفضوا الى المستوى الكذائي، وفعلنا نحن ذلك، فهل سترفعون العقوبات؟ نعم نفعل ذلك، نفعل ذلك، فهل فعلوا ذلك؟ انهم لم يلتزموا. اذن فالتفاوض لا يحل مشكلاتنا مع اميركا".

7 ـ واستمراراً لنفس التوجيهات (خلال استقباله اعضاء التعبئة الثورية قبل عامين) تفضل سماحته؛

"نعم ان مشكلتنا مع اميركا يحلها أمر واحد؛ ما هو؟ ان نعطي الاتاوات لاميركا، وليس لمرة واحدة، اذ ان الاميركيين لا يقتنعون باعطاء الاتاوة لمرة واحدة، فان اعطينا اليوم الاتاوة، سيعودون غداً، ويطالبون باخرى.

فاليوم يقولون علقوا البرنامج النووي ـ بدءاً يقولون 20% وبعدها 5%، ومن ثم يقولون انهوا البرنامج من اساسه ـ ومن بعدها يقولون بدلوا الدستور، ومن ثم ارفعوا مجلس الخبراء، ان الاميركان يأخذون الاتاوات. فان اردتم ان تحل المشاكل مع اميركا فعليكم فعل ذلك، ان تعطوا الاتاوات باستمرار. ان اميركا تريد ذلك: ان احبسوا انفسكم خلف جدران الحدود، اجعلوا ايديكم خالية الوفاض، علقوا كل الصناعات الدفاعية. فاي ايراني شهم مستعد ان يقدم على هكذا عمل باعطاء الاتاوات؟ انا لا اقول ان نكون حنفاء للجمهورية الاسلامية، فلربما هنالك من لا يقبل بالجمهورية الاسلامية ولكنه متحيز لايرانيته، يعتز بايرانيته، فهكذا شخص كذلك غير مستعد لتقديم الاتاوات لاميركا. اذ ان اميركا لا تكتفي باقل من ذلك؛ لماذا لا تدركون ذلك؟ فالتفاوض مع اميركا لا يحل مشكلة. فان كنتم مستعدين لتقديم الاتاوات، ليس لمرة واحدة ولا مرتين بل باستمرار، في جميع الشؤون  الاساسية، لتعبروا جميع الخطوط الحمر. نعم فحينها ستترككم اميركا وشأنكم، كما كان الامر خلال فترة الشاه".

8 ـ ولنذكر  دعاة التفاوض مع اميركا، ببيتين للشاعر "ابو سعيد ابوالخير"؛

سألت حكيماً عن حال الدنيا فقال

ماء او هواء او اساطير الاولين

فقلت ان كان كذلك فعلام التعلق؟

قال اما نائمون او سكارى او مجانين