اطمئنوا يا سادة لقد خدعوكم!
حسين شريعتمداري
1 ـ التأم الجمعة الماضية في جنيف، وفد من وزارة الخارجية الايرانية، حسب اتفاق مسبق، مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الاوروبي للتفاوض! ولم ينشر بعد تفاصيل ما جرى في هذه المفاوضات بين الجانبين، إلا ان المدونة التي بين يدينا تختص اساس عملية التفاوض، وفيها اشارة الى جانب من كل الذي جرى الى الآن.
2 ـ فالاخبار افادتنا ان المفاوضات التي اجريت بين الترويكا الاوروبية الدول الثلاث؛ فرنسا، وبريطانيا، والماني) خلف الكواليس، تطرقت لمواضيع كانت على جدول الاعمال مثل؛ "البرنامج النووي الايراني، العقوبات، التدخل الايراني في حرب اوكرانيا، التوتر في المنطقة، وحقوق الانسان و..."!
3ـ ولنلقي نظرة سريعة لموضوع المفاوضات! فان البرنامج النووي وحسب إقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشهادة الوثائق المتوافرة، تخضع لأعقد وأوسع عمليات الاشراف، ولطالما صرحت الوكالة الدولية بسلميتها. فيما يعتبر موضوع الدعم العسكري الايراني لروسيا في حرب اوكرانيا، ادعاء لا اساس له، من قبل الغربيين، وحتى ان رئيس جمهورية اوكرانيا "زيلنسكي" قد نفى ذلك، فيما الدعم المالي والتسليحي الاميركي والاوروبي لاوكرانيا امر لا غبار عليه. فمن يمكنه ان ينكر ان لاميركا واوروبا الدور الاول في خلق جميع حالات التوتر الاقليمي، وكانتا حمالتي حطب المعارك. فقد تم الدعم التسليحي والمالي والسياسي من قبل اميركا واوروبا للكيان الصهيوني المجرم والذي ارتكب مجازر في غزة بلغت خمسين الف انساني بريء من بين الضحايا عشرات الآلاف من الاطفال والنساء. كل ذلك يحصل بشكل رسمي وبيّن. فان اتهام اوروبا بخصوص نقض حقوق الانسان في ايران! بالنظر للمماهاة الاوروبيين ومن دون غطاء لكيان الاحتلال الصهيوني في جرائمه، لهو الاشد حقارة من ان نخضعها للبحث و...
4 ـ وهنا يثار السؤال الآتي والموجه للحكومة المحترمة ووزارة الخارجية المحترمة؛ الم يكن لكم خبر عن موضوع المفاوضات التي اجريت يوم الجمعة مع الاتحاد الاوروبي، حين استجبتم لهذه المفاوضات الحقيرة ـ مع شديد الاعتذار ـ ؟!
ان اميركا واوروبا ليستا متهمتان، في جميع الموضوعات الخاضعة للبحث، بالتمرد على القوانين وحسب بل ان يديهما ملوثتان بالجريمة. فلماذا سمحتم لمجرمين محترفين ليستقرا في مكانة الشاكي ليحاكما الجمهورية الاسلامية الايرانية التي هي ضحية لجرائمهما؟!
5 ـ ان هذه القضية المشينة لها وجه آخر هو الآخر مما يؤسف له، وهو ما لم يتوقع من الحكومة المحترمة. لنقرأ!
*في الرابع عشر من اكتوبر هذاا لعام، فرض الاتحاد الاوروبي العقوبات على ثلاث شركات للطيران الايراني بذرائع واهية ومختلقة بتورط هذه الشركات بارسال الصواريخ والمسيرات الى روسيا! الادعاء الذي نفاه حتى زيلنسكي نفسه.
*وفي السابع عشر من اكتوبر هذا العام، صادق الاتحاد الاوروبي خلال اجتماع مشترك غير مسبوق مع دول مجلس التعاون للخليج الفارسي، صادق على بيان ضد ايران حول الجزر الثلاث. وقد تم التعبير في هذا البيان لاول مرة على اصطلاح "الاحتلال" ضد ايران الاسلامية.
*في الثامن عشر من نوفمبر هذا العام، فرض الاتحاد الاوروبي العقوبات على شركة الملاحة البحرية للجمهورية الاسلامية الايرانية بذريعة دورها في نقل المسيرات الايرانية الى روسيا!
*في الثاني والعشرين من نوفمبر هذا العام، تمت المصادقة على ما تقدمت به الترويكا الاوروبية (فرنسا، بريطانيا، المانيا) بمعية اميركا، على اقتراح مذكرة القرار التي دونتها ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية وقدمتها الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
6ـ مع كل الشرح الآنف ذكره وهو غيض من فيض، كان المتوقع من الحكومة ومن وزارة الخارجية المحترمة، ان توجه ادانة لاوروبا بتهمة عدائها دون دليل او سند ضد ايران الاسلامية!
وان تجرها للمحاكمة وليس ان تجلس جلسة المتهم! وليت بدل ان تطرح وزارة الخارجية ولاسيما الفريق المفاوض من دبلوماسيي بلدنا، تلك العبارات الروتينية، امثال؛ "وجرت المفاوضات بشكل جيد"! و"ابدى الجانبان آراءهم في جو دبلوماسي"! وما أشبه هذه العبارات المعسولة، بدل ذلك كان عليهم ان يبينوا للشعب انه لماذا استجابوا لهكذا مفاوضات تتضمن تلك المواضيع المذكورة سلفاً مع الجانب الاوروبي الذي قد تمت الاشارة لبعض مواقفها؟!
7 ـ ونحن لا نشكك في صدق السادة، ولكن مع شديد الاعتذار، ينبغي القول، انه لامجال للتشكيك في مهنية هؤلاء الأعزة ومدى فطنتهم السياسية! فيا ايها السادة!
صدقوا لقد خدعوكم!
وبالتالي يمكن القول، وبفم مليان، ان تنظيم هذه المفاوضات في هذا التوقيت هو لاجل اشغال ايران بامور جانبية، للتعمية على الهجوم الذي شنه التكفيريون في سوريا.
والحكاية تطول بهذا الخصوص نرجئها لوقت آخر.