kayhan.ir

رمز الخبر: 19825
تأريخ النشر : 2015May24 - 21:26

خصخصة الحروب وعولمتها : ’داعش’ و’بلاك ووتر’ نموذجاً

علي عوباني

فظائع "داعش” لا يضاهيها ولا يقاس بها سوى الفظائع الأميركية و”الاسرائيلية” عبر التاريخ، فالباحث عن الوجه الخفي لهذا التنظيم، لربما يكتشف ملامحه عبر منظمات من صنيعة الاستخبارات الاميركية، كـ”القاعدة” و”بلاك ووتر”، وغيرها من تنظيمات إرهابية تجنّد المرتزقة وتشن حروباً بالوكالة عن دول الاستعمار والهيمنة، وتستخدم لتشويه صورة الاسلام.

"داعش” من سنخية "بلاك ووتر”، تلك الشركة الامنية الاميركية السيئة الصيت، التي ذاع صيتها خلال الاحتلال الاميركي للعراق وتحديداً عام 2007 جراء الفظائع التي ارتكبتها في هذا البلد ومنها مجزرة ساحة النسور الشهيرة. الى أن دورها المشبوه غاب فيما بعد تحت مسميات وهمية (زي اكاديمي..) ليعود ويظهر مؤخراً بشكل ملموس في تدريب المسلحين السوريين في بداية الازمة السورية، وفي "تقمص” "داعش” لدورها في العراق، فأوجه التشابه بينهما أكثر من أن تحصى وهي لا تقتصر على ارتكاب الفظائع، بل تتعداها الى الاغتيالات، والمساهمة في الانقلابات، وهندسة الحروب الاهلية والسعي لتغيير الأنظمة الحاكمة وغير ذلك...

بلاك ووتر وداعش

1- خريطة انتشار”داعش” و”بلاك ووتر”

إحدى أوجه الشبه البارزة، تتجسد في خريطة انتشار "داعش” و”بلاك ووتر” والمقتصرة على منابع النفط والثروة من جهة، والطوق الأمني الاستراتيجي لحماية "اسرائيل” من جهة ثانية، فنجدها ركزت قواعدها في منطقة الشرق الأوسط، والخليج الفارسي، بما يؤكد أن المستهدف هو محور المقاومة ونفط العرب ليس إلا، فيما نرى مقابل ذلك أنهما يشتركان في تحييد "اسرائيل” بالكامل عن نشاطهما التخريبي، بل على العكس يساهمان في تأمين مصالحها وحمايتها، عبر قتل المسلمين والمسيحيين في آن معًا، في سوريا والعراق وإحداث المزيد من الفوضى، وقتل الفلسطينيين وإحكام القبضة الحديدية عليهم في الضفة الغربية، في الوقت الذي يعيش فيه المستوطنون الصهاينة بمنأى عن هذا الخطر الداهم فلم يُقتل برصاصهم حتى الآن مستوطن او جندي صهيوني واحد، ولا حتى جندي أميركي واحد في المنطقة.

2- الهوليودية والاستعراض

وجه آخر يبرز من حيث الشكل، من خلال البنية الجسدية لمسلحي "داعش” الذين نشاهدهم في التسجيلات المصورة التي يبثها التنظيم، حيث يظهر لنا أجسادا فارعة مدربة تتشابه مع أجساد "المارينز” الأمريكي، ومرتزقة "بلاك ووتر”، ما يوحي بأن "داعش” ليست سوى عنوانا ترتكب تحته شركات المرتزقة الاميركية الفظائع بدم بارد، وتبثها الى العلن لإيقاع الفتنة بين المسلمين. كما أن التقنية العالية في الكاميرات المستخدمة وطريقة التصوير المتعدد الاتجاهات والإخراج، واستخدام مؤثرات بصرية وصوتية، لا تتوافر إلا في "هوليود”، فضلاً عن استخدام اللغة الانكليزية بوفرة في فيديوهات إعلان التنظيم مسؤوليته عن عمليات ذبح الاميركيين، واستخدام أدوات (خناجر، ساعات) "ماركتها” امريكيه، كل ذلك، يثبت ان "داعش” خرجت من رحم "سي أي أي”، وليست الا الابن الشرعي لـ”بلاك ووتر”، مهما حاولت ابعاد الشبهات عنها.

3 - نظرية عولمة "المرتزقة”

لفهم التماهي بين "بلاك ووتر”

و”داعش” لا بدَّ من الوقوف

عند مفهوم "عولمة المرتزقة”

ولفهم واكتشاف طبيعة العلاقة الجدلية وهذا التماهي بين "بلاك ووتر” و”داعش” أكثر، لا بدَّ من الوقوف عند مفهوم "عولمة المرتزقة” لدى رئيس شركة "بلاك ووتر” إيريك برنس الذي يرى ان "العولمة ليست عولمة الاقتصاد أو إلغاء الحدود الجغرافية، إنما هي عولمة التنظيمات الإرهابية التي تضم قتلة بالأجر ومجرمين من جميع الجنسيات. الأمر نفسه ينطبق - وفق رأيه - على الشركات العسكرية الخاصة، حيث تشهد عولمة هذه الشركات القتالية الخاصة تنامياً رهيباً في مناطق النزاع في العالم، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويتم تجنيد أعداد كبيرة من جنسيات مختلفة لإرسالهم للقتال في بلدان أخرى، وثبت أن الاستعانة بمقاتلين أجانب، سواء لقمع المعارضين الوطنيين في الداخل، أو محاربة الإرهابيين القادمين من الخارج، تكون ناجعة وفعالة، لأن الأجانب المحترفين لا يشعرون بالذنب وهم يقاتلون جنسيات أخرى، لذلك أصبح من السهل في عصر عولمة المرتزقة وتفشي الإرهاب أن تستأجر من تريد لفعل ما تريد وتلصقه بغيرك دون أن تشعر بالذنب!”.

4- اسرائيل و”داعش”

ليس غريباً عمن أوجد الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين المحتلة كأكبر "مجمع صهيوني عسكري” خدمة لمصالحه في منطقتنا، أن يعاود الكرة من خلال إنشاء تنظيمات مماثلة في المنطقة للهيمنة على مقدراتها، والتحكم بقراراتها. وكان الباحث الاستراتيجي ديفيد ايزنبرج رصد عمل "شركات الخدمات العسكرية الخاصة” في العراق أثناء الاحتلال الاميركي لهذا البلد، فخلص في دراسة له الى ان "العراق تحوّل الى البازار الاكبر للجيوش الخاصة”، وتحدث "عما يقارب 40 شركة تعمل فيه”، فيما تحدثت تقارير اخرى عن 12 شركة امنية خاصة ابرزها "بلاك ووتر” وتضم في صفوفها عشرات الالوف من المرتزقة من جنسيات مختلفة. وهنا يطرح السؤال ما الذي كانت تفعله كل هذه الشركات في العراق والتي بقي نشاط معظمها سرياً حتى يومنا هذا، هل كانت تؤسس للحرب "الداعشية” التي نشهدها اليوم لتفتيت المنطقة خدمة لمآرب صهيواميركية.

"داعش” المسؤولة الاولى

والاخيرة عن الجرائم في

العالم العربي والاسلامي

خلاصة الامر، لا يمكن لأميركا بأي حال من الأحوال ان تتنصل مما ترتكبه "داعش” في العالم العربي والاسلامي، فهي المسؤولة الاولى والاخيرة عن تلك الجرائم، وكل اصابع الاتهام تتجه إليها، لان شعوب المنطقة بمجملها مقتنعة بأن هذا التنظيم ليس سوى مجرد أداة، وان خلفه ما خلفه من اأجهزة استخباراتية عالمية، والا ما السر في سطوع نجم "داعش” بهذه السرعة الخيالية، وما معنى عدم الاستعجال الاميركي في القضاء على هذا التنظيم رغم انشاء "تحالفات دولية” لمحاربته (وزير الحرب الاميركي السابق ليون بانيتا يقول ان القضاء على داعش سيستغرق 30 عاماً) ، ثم من اين لهذا التنظيم ان يمتلك كل هذه الترسانة الحربية، لولا الدعم الاميركي الخفي واللامحدود له، والذي بانت مؤشراته في معركة تكريت، عندما ضبطت الطائرات العسكرية الاميركية متلبسة وهي تلقي كميات من الاسلحة والذخائر فوق المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، او حينما لجأت قوات "التحالف الى ضرب الحشد الشعبي العراقي، لمنعه من استكمال السيطرة على مدينة تكريت وطرد "داعش” منها.