السعودية : لماذا لا تعلن التحالف مع إسرائيل رسميا ؟
أحمد الحباسى
في السياسة ليسن هناك خيارات كثيرة متاحة ، فإما أبيض و إما أسود كما يقول الفنان عادل إمام في مسرحية "شاهد ما شاف حاجة " الشهيرة ، و منذ اندلاع ما يسمى بالثورات العربية و سقوط نظام حسنى مبارك و تهاوى نظام العمالة في الأردن وجد النظام السعودي نفسه معزولا عن محيطه السياسي و الجغرافي خاصة أن محمية قطر لم تدخر جهدا للقيام بدور معين في عملية العزل ، و لعل النظام السعودي قد فكر كثيرا في الأمر و في الطريقة المثلى لفك عزلته خاصة بعد أن أصبحت السعودية دولة مارقة حاضنة للإرهاب مما جلب إليها كراهية كل الشعوب العربية دون استثناء ، هذا التفكير ربما يدفع هذا النظام الإرهابي العميل إلى سياسة حافة الهاوية و سياسة الخيار الأخير لحماية النظام من السقوط.
لا يحب النظام السعودي ما يسمى بالثورات مهما كان " لونها " ، و المتابعون للشأن السياسي يدركون طبعا أن هذه الحساسية ليست وليدة الثورات العربية الحالية بل هي نتاج إحساس مدفون منذ أكثر من خمسين سنة كاملة يؤكد العارفون أنها ترجع إلى ثورة جويلية 1952 المصرية التي أطاحت بالنظام الملكي و جاءت بالضباط الأحرار إلى حكم اكبر دولة عربية في المنطقة ، هذا الثورة انتقلت عدواها في سنوات قصيرة من مصر إلى العراق سنة 1958 و اليمن سنة 1962 ، و لعل نجاح الثورة الإيرانية سنة 1979 و سقوط نظام الشاه قد جعل ساسة السعودية يدركون خطر الثورات على مستقبل حكمهم و يعملون بكل الطرق على إيقاف هذا الزحف بكل الطرق ، في هذا الإطار لم تكن الخيارات المتاحة للنظام كثيرة خاصة بعدما حشر نفسه في زاوية المعادين للمقاومة و الباحثين الجديين على إسقاط البندقية الفلسطينية.
بسقوط حكم الرئيس حسنى مبارك الذي كان بشكل لفترة طويلة أحد مثلث ما يسمى بدول الاعتدال السعودية – الأردن – مصر و هو الثلاثي الخائن الذي عمل كل ما في وسعه ليكون أداة طيعة في يد إسرائيل و في يد الإدارة الأمريكية ، ضاقت على النظام السعودي إمكانية التحرك لخدمة الأغراض الصهيونية ، و مع تصاعد الاضطرابات و المواجهات بين النظام و الشعب المطالب بالتغيير و بالمحاسبة و بسقوط النظام ، كان واضحا أن النظام لم يعد قادرا على الاستمرار في نفس النهج المسدود دون الدخول في حلف قادر على حماية النظام بصورة فعالة ، لذلك لا يجد المتابعون للشأن السعودي مفاجأة في أن يعلن النظام قريبا عن تحالف رسمي مع نظام الميز العنصري الصهيوني بمباركة أمريكية معلنة و مباركة خليجية خافتة و لو لفترة من الزمن.
الهجوم الدموي الأخير على الشعب اليمنى خلف أحقادا شعبية كبيرة و جروحا لن يكون من السهل معالجتها دون أن يدفع هذا النظام الهمجي البربري فاتورة كل الدماء البريئة التي لطخت وجه الملك السعودي الجديد بتاريخ العار إلى الأبد ، و حين ندرك أن محور المقاومة لن يغفر لهذه السلطة الإرهابية الآثمة كل جرائمها ضد الإنسانية خاصة أن أعداد القتلى في سوريا و لبنان و العراق على سبيل المثال قد وصل حدا مرعبا يضاف إليه أعداد الشهداء في تونس و ليبيا و السودان و اليمن و الجزائر إضافة إلى عدة دول أخرى في العالم فإنه من السهل أن نصل إلى قناعة بأن بحر الكراهية للراية و النظام السعودي قد تجاوزت كل التوقعات و بات النظام على كف عفريت لان الدم ينادى الدم و الخيانة تستدعى القصاص.
من هنا ، ندرك أن اللعبة قد انتهت و أن النظام قد وصل إلى مفترق طرق مرعب ، فإما المقامرة بمواصلة نفس النهج في التعامل مع إسرائيل و تنفيذ أجندتها الدموية في المنطقة العربية مقابل حماية العرش عن " بعد " كما يحصل الآن و إما ، و هو الأمر المرجح عند كثير من المراقبين ، و الذي يعمل عليه الملك الجديد برعاية أمريكية ، إعلان التحالف الاستراتيجي مع العدو الصهيوني و الدخول في محور سعودي صهيوني أردني يمكن أن يشكل هلالا صهيونيا في المنطقة مقابل ما يسمى بالهلال الشيعي المتكون من ثلاثي المقاومة سوريا ، إيران ، حزب الله ، يبقى أن إسرائيل التي عبرت عن سخريتها من مبادرة السلام التي أطلقها الملك عبد الله و التي تجد اليوم نفسها في موقع قوة بعد انهيار أغلب الدول العربية المهمة و انتهاء النظام السعودي من تنفيذ أغلب محطات المشروع الصهيوني في المنطقة بإمكانها أن توجه صفعة مدوية للرغبة السعودية و تقطع وصالها التاريخي لهذا النظام لتسهل للشعب السعودي مهمة إسقاطه بعد انتهاء الصلاحية ، و هو سيناريو متكرر منذ عهود من الزمن بالنسبة لكل الأنظمة العميلة.