التونسيون.. ومسألة إعدام الرئيس المصري السابق
تونس
ما زال الملف المصري يثير الانقسامات بين التونسيين، فما يحصل في أرض الكنانة من أحداث يؤثر في الساحة التونسية والعكس صحيح. ولعل الحدث الأبرز في مصر هو الأحكام الصادرة بحق الرئيس المصري السابق محمد مرسي وقياديين من جماعة الإخوان المسلمين والتي تمت بمقتضاها إحالة أوراق مرسي إلى مفتي الديار المصرية.
فما إن صدرت هذه الأحكام حتى سارع أنصار حركة النهضة التونسية إلى إدانتها وإلى نعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأقذع النعوت. وتهجم النهضويون في مواقع التواصل الاجتماعي حتى على "التيار الحداثي” التونسي الذي يجب برأيهم أن يسارع إلى انتقاد هذه الأحكام وأن لا يلتزم الصمت.
استعداد للوساطة
أما الحركة نفسها فقد بدت أكثر عقلانية من أنصارها وكان بيانها أكثر توازنا، حيث دعا البيان المملكة العربية السعودية إلى لعب دور الوساطة للحيلولة دون تنفيذ هذه الأحكام. كما عبر عن استعداد راشد الغنوشي نفسه للعب هذا الدور بين حكام مصر الجدد والإخوان المطاح بهم منذ قرابة السنتين.
محمد مرسي
ويرى بعض المحللين أن بيان الحركة هو دليل قاطع على أن الهدف من هذه الأحكام التي صدرت في مصر هو فتح باب التفاوض مع الحركات الإخوانية. كما أن ورود اسم السعودية دليل على وجود معلومات لدى الحركة، مفاده عزم السعودية لعب دور ما في مصر بين الفريقين بسبب حاجتها لمصر وتركيا والحركات الإخوانية في سوريا واليمن.
إدانات حقوقية
وبخلاف أنصار غالبية الأحزاب السياسية التونسية المعارضة للحركات الإخوانية الذين التزم أغلبهم الصمت واعتبروا الأمر شأنا داخليا مصريا، فإن أغلب المنظمات الحقوقية عبَّرت عن إدانتها لما نطق به القضاء المصري، ودعا بعضها إلى تدارك الأمر. وأكد أكثر هؤلاء على أن التضامن مع محمد مرسي هو من منطلق حقوقي بحت بسبب معارضة هذه المنظمات للإعدام الذي تسانده الحركات الإخوانية ولا تدعو إلى إلغائه من التشريعات الجنائية.
ورغم ذلك لم تسلم هذه المنظمات من انتقادات أنصار حركة النهضة والمرزوقي الذين اعتبروا بياناتها لا ترقى إلى مستوى الحدث. واعتبروا أنه لو كان المحكوم عليه من غير المنتمين إلى التنظيم الإخواني لكانت هذه المنظمات أقامت الدنيا ولم تقعدها ولكن بما أن الأمر يتعلق بطيف سياسي لا يتفق إيديولوجيًّا مع من يسيِّرون عادة هذه المنظمات فإن البيانات كانت في أغلبها ملطفة وبلهجة أبعد ما تكون عن الشدة.
مساندة
يشار إلى أن جانبا من التونسيين يساند هذه الأحكام ويعتبر القضاء المصري قضاء عادلا اختار انقاذ مصر من هؤلاء المتآمرين مع قوى خارجية على أوطانهم. وندد هؤلاء بالقضاء التونسي الذي لم يصدر أحكاما مماثلة على الغنوشي وأنصاره المتورطين برأيهم في انتشار الإرهاب في الخضراء بعد أن تغاضوا عن أنشطتهم حتى ركزوا بنيتهم التحتية وبات القضاء عليهم صعب التحقق.
ومن بين هؤلاء مثقفون وقياديون في أحزاب سياسية، وإعلاميون ولكنهم في كل الأحوال أقلية لا يكاد يسمع لها صوت، وتعتبر أن القضاء على الإخوان في مصر سيضعف من حركة النهضة في تونس نظرا للترابط الوثيق بين الطرفين.