القضية بدأت من هنا
حسين شريعتمداري
1 ـ كنا قد اوردنا في مقال سابق؛
ان "موشي دايان" كان أحد اشهر القادة العسكريين لكيان الاحتلال، وله اليد الطولى في قضية احتلال فلسطين وقتل الشعب المظلوم بوحشية، وعُرف بسفكه للدماء وارتكاب الجرائم لاسيما المجازر بحق الاطفال والنساء الفلسطينيات.
صحيفة "اكسبرسيون" الفرنسية كتبت نقلا عن مسؤولي الكيان الصهيوني؛ "ان الجنرال موشي دايان كان يرى ان على قادة اسرائيل ان ينتهجوا سياسة تجعل الآخرين يتصورونهم كلباً عقوراً"! فهي كالكلب الذي يهاجم أيا ما يريد ويغرس انيابه في جسمه دون اي تحسب!
وكان موشي دايان قد فقد عينه اليسرى خلال الحرب العالمية الثانية إثر رصاصة طائشة مما جعله يضع لاصقاً أسود على عينه حتى نهاية عمره في عام 1981 وما كان مستعداً لتركيب عين إصطناعية او ان يضع نظارة سوداء، ليعكس الوجه المخيف طبقاً لرؤيته الآنفة الذكر"!
2 ـ ممثلة ادارة ترامب لدى الامم المتحدة "نيكي هيلي" قالت بعد عزلها: ان ترامب كان يوصيني أن اُظهره بانه الرئيس الذي لا يمكن توقع افعاله، وان أوكد ان ترامب لا يعرف أي خط أحمر للوصول الى اهدافه!
رئيس جمهورية اميركا الاسبق "نيكسون" كان يصر، خلال حرب فيتنام، على إعتماد محاسبة هي ما اسميها "نظرية الرجل المجنون"! اذ قال نيكسون ينبغي ان تقولوا للمقاتلين الفيتناميين: "حين يكون نيكسون عصبياً فليس هناك من يواجهه وهو يضع يده على زر القنبلة النووية.
وحينها سترون كيف ان "هوشي منه" (رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي) سيسارع بعد يومين الى باريس لتوقيع معاهدة السلام!
3 ـ المرحوم احسان طبري (وهو احد خمسة منظرين ماركسيين مرموقين في اكاديمية العلوم للاتحاد السوفياتي السابق)، وبعد رجوعه لاحضان الاسلام، بتأثير حكمة سماحة الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه، كان يقول: "ان الامام الخميني (ره) قد احرق نظرية الرجل المجنون لنيكسون ومن قبله السياسي الايطالي المعروف "نيكولا ماكيافلي" خلال القرن الخامس عشر، ونثر رماد هذه النظرية في الهواء".
ان المرحوم طبري يشير الى ازمة كوبا عام 1962 بين اميركا والاتحاد السوفياتي، حيث قال:
"حين هدد جون كندي رئيس اميركا في ذلك الوقت نيكيتا خروشوف زعيم الاتحاد السوفياتي بانه اذا لم يسحب الصواريخ متوسطة المدى في كوبا، والتي تشكل تهديدا لاميركا، فسيهاجم روسيا. فلم يصمد خروشوف امام هذا التهديد وخضع لطلب اميركا والذي كان غير قانوني. ولكنكم في ايران سيطرتم على السفارة الاميركية واسرتم الدبلوماسيين الاميركيين ومع ذلك، يشير سماحة الامام الى ارجاع "رمزي كلارك" مبعوث كارتر الذي اراد الحضور الى ايران للتفاوض، ارجعه وهو مازال في الاجواء التركية، بالقول: ان شروطنا واضحة فلا حاجة للتفاوض".
ان المرحوم طبري كان يؤكد ان هذه الرؤية للامام الخميني ستغير عالم السياسة، وستزيل التمحورات العالمية الحالية.
4 ـ وحين قال الامام الراحل ـ رضوان الله تعالى عليه ـ بصلابة واطمئنان: "ينبغي ان تزال "اسرائيل" من على وجه البسيطة"، كان الكيان الصهيوني في اوج قوته حسب الظاهر. فهو يعتبر نفسه الجيش الرابع في العالم اقتداراً؟! وهو جيش لا يقهر! والقوة المهيمنة على المنطقة! ويمتلك المنظومة المخابراتية والامنية الافضل ويتمتع بالدعم المالي والسياسي والتسليحي والتقني الاميركي والاوروبي! والمنتصر من حرب حزيران عام 1967 قبال اربع دول مقتدرة؛ مصر وسورية والاردن والعراق! والحق اجزاء مهمة من اراضي ثلاث دول؛ مصر وسورية والاردن الى الاراضي الفلسطينية المحتلة من قبل و...
اذن فمواجهة نظام كنظام "اسرائيل" الغاصب الذي يمتلك الخصوصيات المذكورة يبدو من غير الممكن في نظر الجميع.
ولذا كانوا يعتبرون اقتراح سماحة الامام بضرورة ازالة "اسرائيل" من على وجه البسيطة، بمثابة شعار رُفع اثر شعور ثوري وهو بعيد عن الحقيقة! ولكن هنالك في البين آراء اخرى انبثقت من الكثير من المفكرين. لنقرأ!
5 ـ كان "اَبا اِبان" أحد المنظرين المعروفين لدى الكيان الصهيوني وقد شغر مناصب مهمة مثل؛ وزارة الخارجية، وزارة التعليم والثقافة، ومساعد رئاسة الوزراء و... كما كان خلال انتصار الثورة الاسلامية ممثل "اسرائيل" الدائم لدى الامم المتحدة. ان "اَبا اِبان" كان قد قال قبل إنتصار الثورة الاسلامية بخمسة أيام، خلال حديث صحفي:
"ما حدث في ايران ومازال في تسارع اذا ما تحقق بشكل كامل سيوجد زلزالا في المنطقة سيهدد اسرائيل قبل الجميع بالابادة".
6ـ ان القوى الاستكبارية والسلطويين منذ صدر الاسلام والى اليوم كانت على علم بما حصل في ايران ويتسارع في حصوله، ولذا انبروا لمواجهته بكل ما يمتلكون من قوة.
ان "اَبا اِبان" هو ايضا مثل غالبيتهم كان يعلم بهذه الظاهرة؛ عروج الاسلام المحمدي الاصيل من الحاشية ونطاق النظرية الى واقع الحكم. فهم يعلمون ان اباء الضيم من خصوصيات الاسلام الاساس، واذا ما استقرت هذه الرؤية الحقيقية للاسلام على عرش السلطة فان اولى الآثار التي ستستتبعها قطعاً مواجهة القوى الاستكبارية والحكومات العميلة لهذه القوى في المنطقة.
إن الامام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) قد مسح رين قرون من البدع والانحراف عن سيماء الاسلام الاصيل، فأجلس الهدية الالهية التي تلفعت بالنسيان، اجلسها كما كانت على كرسي الحكم. فالقضية من هنا قد بدأت، وان اسرائيل كنظام مصطنع وموضوع من قبل القوى الاستكبارية كانت تعلم بوضوح انه بعد الحكومة العميلة للشاه، سيأتي دور اسرائيل التي لابد ان تمحى من على الارض حسب الامام الراحل(ره).
هذه الرؤية الايمانية الممزوجة بالحكمة، للامام والتي يعز مثيلها (أولا مثيل لها)، تتواصل بجدية حاضرة في الاذهان من قبل قائد الثورة المحنك الشجاع.
7 ـ ولنلقي نظرة الآن الى ما حولنا وما يجري في المنطقة، ومقارنة الوضع الذي يعيشه الكيان الصهيوني اليوم مع الفترة التي اصدر الامام الراحل توجيهه بضرورة ازالة اسرائيل من على سطح الارض. فالصهاينة (وبعبارة مجموع الدول؛ اميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا و...) من اين جاءوا والى اين سينتهون؟! وليس من اين جيء بهم والى اين؟! اذ ان اسرائيل ووجهت بالاندحار في اي حرب دخلتها بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران... واليوم ليس فقط القادة المتوحشين للكيان الصهيوني وحسب بل داعميه المعروفين كذلك قد توصلوا الى حتمية سقوط هذا الكيان. فما كان إمامنا الراحل بصدده وتبعه في ذلك خلفه الحالي دون كلل او وقفة قد اثمر ينعه، ونسمع دق ناقوس سقوط الكيان الصهيوني على المستويين؛ الميداني وفي اذهان الرأي العام العالمي...
فمن كان يصدق ان تصدع قطاعات كبيرة من الشعب وطلبة الجامعات في اميركا واوروبا وكل ارجاء العالم بالموت لـ"اسرائيل"؟ا