عدم ظهور غائبنا لا يعني عدم الحضور
حسين شريعتمداري
1 ـ يوم التاسع من ربيع الاول هو اول يوم بعد شهادة الامام الحسن العسكري عليه السلام، ويتزامن مع تلبس بقية الله الاعظم الامام المهدي الامام الثاني عشر ـ ارواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ بالامامة. وهذا اليوم مع ماله من الاهمية ودال على تجديد البيعة معه، لم يلق الالتفات المفروض. لا ان ذكره معدوم وانما لم يبجل كما يستحقه. فيما تقرر هذا العام، بمساعي جماعة من اصحاب القلوب الوالهة للامام الغائب (عج)، انعقاد احتفالية في ارجاء البلاد تحت عنوان "صبيحة عهد الخدمة الالزامية"، بهدف تجديد البيعة مع الامام الغائب عليه السلام.
2 ـ وجاء التعظيم في كتاب الله لايام الله، وحسب الكلام الحكيم لسماحة قائد الثورة؛ "ان معايشة "ايام الله" والتي أمرنا الله تعالى بها، هي خلاقة للانسان. والقضاء الذي انعقد في ايام الله هو تعليمي وموقض للتاريخ وللانسان على مر العصور. فالاحداث الـتأريخية الكبرى والتي اشار القرآن لبعضها هي الانموذج المبارك لصنع المجتمعات والاشخاص ومجتمعنا المعاصر والذي هو عصر الثورة، وفي دولة ايران الذي هو بلد الثورة وشهد الكثير من الاحداث العظمى التي ينبغي اعتبارها ايام الله ونقوم بذكرها والتذكير بتلك الايام، هي بالنسبة لشعبنا البطل والمجاهدين الغيارى درس ثورة".
فواحدة من المع المكتسبات لتجديد البيعة مع بقية الله الاعظم التذكير بالوظائف ومهام المنتظرين. وهنا اشارات لابد من الالتفات لها!
3 ـ من المشاكل الكبيرة التي ووجه بها خلفاء الجور، هي إطاعة "اولي الامر" التي جاءت صريحة في كتاب الله:
"يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم..."، كما ان الله لا يأمر بالرجس والخطيئة بل "ان الله يأمر بالعدل والاحسان". من هنا ينبغي ان يكون اولو الامر معصومين. من جانب آخر لا يجدر ان يأمر الله باتباع اولي الامر وهو لا يعرفهم لنا ! فيما ان معرفة المعصوم لا تصدر إلا عن الله الذي هو علّام بظاهر وخفايا عباده.
والجميع يعلم ان الله سبحانه قد حدد على لسان رسوله الائمة عليهم السلام باسمائهم وخصوصياتهم، وقد جاء صراحة بخصوص الرسول الاعظم: " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى".
فهذه الحقائق لم تكن خافية عن نظر حكام الجور من بني امية وبني العباس، من هنا لما كانوا يعلمون ان المهمة الالهية للائمة عليهم السلام نشر العدل ومواجهة الظلم والقيام بهذه المهمة، لذا اعتبروا الائمة حائلا دون استمرار ظلمهم، مما هموا وسعوا في تقتيلهم...
4 ـ قبل عشرين ونيف من الاعوام حين قررنا ان نخصص عموداً في احدى صفحات كيهان عنوننا لهذا العمود "في انتظار درب الصباح" ليكون محلاً لجميع المنتظرين. لنقرأ!
"لقد اسموك غائبا لعدم ظهورك لا لعدم حضورك. وان نفسر الغيبة بعدم الحضور هي تهمة غير لائقة الصقوها بك، ومن هكذا يفكر لا يعرف الفرق بين الحضور والظهور.
فطلعتك التي ننتظرها تعني الظهور وليس الحضور لاسيما والوالهين بحبك يدعوك صباحا ومساءاً، فيطلبون من الله ظهورك لا حضورك. وحين تظهر يعض الجميع على الانامل حيرة يقولون باستغراب انهم قد رأوك من قبل. وحقاً ما يقولون لانك في اوساطنا فانت امامنا، وكل إمام هو حاضر بين امته".
5 ـ ان الاوامر الالهية وقوانين الاسلام المحيية للحياة، ليست كما روج لها الحكام الظلمة وبعض السذج، للاسف الشديد، تنحصر في الاوامر والقوانين المتعلقة بالاحوال الشخصية والفردية هي قسماً ضرورياً لازم التطبيق، وان عدم الالتفات لها ليست غير مسموحة مطلقا وحسب بل تستتبع الابتعاد عن الاسلام العزيز، الا ان الاحكام الالهية لا تتوقف عليها. فسماحة الامام رضوان الله تعالى عليه يقول؛ "حين تتصفحون اكثر من خمسين كتاباً فقهياً تجدون سبعة او ثمانية كتب تتطرق للعبادات، وبقية الكتب تتعلق بالسياسة والاجتماع والمعاشرة و...".
6 ـ الا ان تطبيق الاحكام الالهية والقوانين الاسلامية تفتقر الى القدرة السياسية، اي الحكومة الاسلامية. فبعض التيارات والاشخاص الذين يرفضون تشكيل الحكومة الاسلامية زمن غيبة بقية الله الاعظم ـ ارواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ، سواء أعلموا وارادوا، أم لم يعلموا ولم يريدوا، يرفضون تطبيق الاحكام الالهية والقوانين الاسلامية وبعبارة ادق يرفضون الاسلام، ويرجون لهذا العقيدة المنحرفة، بان الناس خلال فترة الغيبة لا حاجة لهم بالاسلام! ينبغي طي صفحة الاسلام بعد غيبة امام الزمان(عج)َ!! أليس كذلك؟! فهل الاسلام منحصر بالاحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية والفردية بحيث تنقضي الاهداف من بعثة الانبياء والامامة المتصلة لائمة الهدى (ع)! فالذين على هذا النهج من المؤكد ان ما يطرحونه ليس بالاسلام! فهذه الرؤية رغم تأطرها في ايران باسم جماعة "الحجتية"، الا ان القضية أبعد وأوسع من الجماعة المذكورة، والمقام لا يسع لبيانها!
7 ـ جاء في كلام الله عن القيام بالعدل كهدف للانبياء؛ "لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" الحديد /25.
فمن البديهي حين نريد ان نطبق ذلك لحاكمية على اساس العدل لا ترعوي القوى الاستبكارية وجميع من يبنون دنياهم على نهب وسلب الشعوب، لا يرعوون في ارتكاب اية جريمة لمواجهة هكذا فهم للاسلام وللحكومة الاسلامية. وهذا ما حصل عند تشكيل الجمهورية الاسلامية الايرانية، النظام المنبثق من الاسلام المحمدي الاصيل.
وبالتالي فواحدة من اسس الانتظار (والتي عرفت بافضل العبادات) التواجد في هذا المعسكر وساحة المعركة. وجاء عن المعصومين عليهم السلام ان احدى علامات المنتظر ان يغيظ قوله وفعله الاعداء. فسماحة قائد الثورة في تعريفه للجهاد يقول؛ الجهاد هو اي حركة ضد اعداء الاسلام ومما يغيظهم.
من هنا فان مواجهة اعداء الاسلام والثورة والشعوب الاسلامية وجميع مظلومي العالم واحدة من علامات الانتظار الاساسية، ومن الخصوصيات المؤكدة لمحبي امام الزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفداء، وابرز مصاديق ها اليوم على مستوى المنطقة الحضور والدعم المالي والتسليحي لشعب غزة المظلوم، وعلى المستوى العالم مواجهة اميركا وحلفائها، وفي الداخل مواجهة المفسدين اقتصاديا اذناب العدو سراً وعلانية و...
9 ـ ونعود الى بداية المقال لنهنئ مرة اخرى الاشخاص الذين حسن انتخابهم بجعل يوم التاسع من ربيع الاول اي اليوم الاول لامامة ولي العصر (عج)، كعنوان ليوم تجديد البيعة مع إمام الزمان انه عهد الخدمة الالزامية.