الامام المهدي.. مصلح الأمة ومنقذ البشرية المنتظر
* جميل ظاهري
روى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : "المهديّ من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الاًمم ، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً " (كمال الدين : 286 | 1) .
ولد الامام المهدي بن الحسن العسكري (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام والذي نعيش هذه الايام ذكرى ولادته، في ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة بمدينة سامراء في العراق، كما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن على بن محمد في كتاب كمال الدين: 648 | 1 ـ 4 .
كان (عج) لديه عند استشهاد أبيه الامام الحسن بن على العسكري عليه السلام خمس سنين، حيث آتاه الله سبحانه الحكم صبياً كما آتى النبي يحيى بن زكريا (ع)، وجعله وهو في حال الطفولة إماماً كما جعل عيسى (ع) نبياً في المهد صبيا؛ وهو امام عصرنا وطول غيابه وعمره الطويل لا يثير الدهشة بعد أن نسمع بأشخاص آخرين عمروا طويلاً كالنبي نوح (ع)، وسلمان الفارسي (رض).
واقتضَت الحكمة الإلهية إخفاء ولادة هذا الوليد الجديد عن أعيُن العامّة - كما اقتضت من قَبل إخفاء حَمل وولادةِ النبي موسى (ع) - ليسلمَ من أذى ومُطَاردة الحُكَّام الظالمين (الكافي 1 : 431).
كما اقتضَت الحكمة الإلهية تَغيّبه عن الناس - إلاَّ الخواص من شيعتِه - وجعل السفراء الأربعة لِمدَّة سبعين - أو أربعة وسبعين سنة - لربط الأُمَّة به تمهيداً للغيبة الكبرى التي لا يُعلَم مقدارها ، حتّى يعود لنا ذلك النور الإلَهي ليملأَ الأرضَ قِسطاً وعدلاً بعد أنْ مُلئت ظلماً وجوراً ، وتلك هي حِكمة الله البالغة في عباده .
وكانت الشيعة في غيبته الاًولى تعبر عنه وعن غيبته بالناحية المقدسة ، وكان ذلك رمزاً بين الشيعة يعرفونه به ، وكانوا يقولون أيضاً على سبيل الرمز والتقية : الغريم ـ يعنونه عليه السلام ـ وصاحب الأمر.
وقد أجتمعت طوائف المسلمين وغيرها من الاديان السماوية الاخرى خاصة المسيحية على وجود مخلِّص منتظر، ولكن مع الإختلاف في أوصافه وظروفه.
* اقوال العلماء في النسب والولادة ومنهج الاثبات التاريخي:
أولاً: قول الأشعري السني المذهب الامام ابي الحسن على ابن اسماعيل الاشعري المتوفى سنة 324 هـ؛ او 330هـ بحسب النسخة المحققة من محمد محي الدين عبد الحميد. حيث يذكر في كتابه "مقالات الإسلاميين"- الطبعة الثالثة المطبوعة في دار النشر "فرانز شتايز بفيز بادن" عام 1980م تصحيح "هلموت ريتر" ، قائلا : ان على بن محمد بن على بن موسى نص على امامة ابنه الحسن بن على بن محمد ابن على بن موسى وهو الذي كان بسامراء وان الحسن بن على نص على امامة ابنه محمد بن الحسن بن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون انه يظهر فيملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلماً وجورا).
ثانياً: قول النسابة الشهير أبي نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سلمان بن ابان بن عبد الله البخاري من اعلام القرن الرابع الهجري والذي كان حيا سنة 341هـ في سر السلسلة العلوية (قدم له وعلق عليه العلامة الكبير السيد محمد صادق بحر العلوم صاحب المكتبة والمطبعة الحيدرية في النجف الاشرف طبع في المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الاشرف 1962م ـ1381هـ) حول جعفر الكذاب قال: وانما تسميه الامامية بذلك لادعائه ميراث اخيه الحسن عليه السلام دون ابنه القائم الحجة عليه السلام ، لا طعن في نسبه .
ثالثاً: مفاتيح العلوم للامام الاديب اللغوي الشيخ ابي عبد الله محمد بن احمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي المتوفى سنة 387هـ (عني بتصحيحه ونشره للمرة الاولى سنة 1342 ادارة الطباعة المنيرية وبجوار الازهر بمصر وتحت عنوان "نعوت الائمة على مذهب الاثني عشرية" وهم: على المرتضى، ثم الحسن المجتبى، ثم الحسين سيد الشهداء، ثم على زين العابدين، ثم محمد الباقر، ثم جعفر الصادق، ثم موسى الكاظم، ثم على الرضا، ثم محمد الجواد، ثم على الهادي، ثم الحسن العسكري، ثم محمد المهدي القائم المنتظر وانه لم يمت ولا يموت ـ حتى يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا؛ وهو محمد بن الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابي طالب...).