kayhan.ir

رمز الخبر: 19344
تأريخ النشر : 2015May16 - 21:03

الوهابية ونكبة فلسطين

جمال كامل

مرت الذكرى ال67 لنكبة فلسطين دون ان يستشعر العرب والمسلمون مأساتها، بسبب مرارة الظروف التي يعيشونها، بعد انسحاب القضية الفلسطينية من دائرة اهتمامهم، وانشغالهم بقضايا جانبية مفتعلة، لم تحتل سلم اولوياتهم فحسب، بل غرقوا فيها.

في مقدمة القضايا التي شلت قدرة العرب والمسلمين على التفكير بشكل صحيح، كانت: كيفية "القضاء على الشيعة والمسيحيين والاقليات الدينية والمذهبية لدفع الاخطار عن الامة”، و”سبي النساء وبيعهن في الاسواق لزيادة عدد المسلمين”، و "تكفير عباد الله بالجملة للدفاع عن التوحيد”، و "هدم حضارات وادي الرافدين والشام واليمن لانقاذ الناس من الشرك”، و "وذبح المسلمين المرتدين فهم اخطر بكثير من الصهاينة”، و "استهداف قوى المقاومة بكل الوسائل لانها العدو الاقرب، وتجنب اطلاق رصاصة واحدة صوب اسرائيل، لانها العدو الابعد "، فهذه القضايا وغيرها الكثير هي الان تشل العقل العربي، الذي انهكته الوهابية، توأم الصهيونية، اللذان خرجا من رحم الاستعمار البريطاني منذ اكثر من قرن.

يبدو ان الوهابية نجحت الى حد ما في ازالة ذكرى النكبة من تاريخ وذاكرة بعض العرب والمسلمين، بدليل ان الذكرى ال67 للنكبة تزامنت مع قيام العرب والمسلمين بتشكيل حلف عسكري ضخم يتألف من اكثر من عشر دول تضم من بينها مصر وباكستان والسودان وتركيا والمغرب والاردن والسنغال بقيادة السعودية، وشن هذا التحالف العرمرم هجوما ماحقا كاسحا حازما حاسما دون خوف ولا تردد، لا على "اسرائيل” بل على شعب عربي مسلم، وهو الشعب اليمني، حيث تم استخدام مئات الطائرات الحربية الحديثة، والصواريخ الذكية والقنابل ذات القوة التدميرية الهائلة، وبلغت كلفة الهجوم نحو 30 مليار دولار خلال 43 يوما.

في سبعة اسابيع ودون توقف اسقط هذا التحالف العربي الاسلامي، اطنانا من الصواريخ والقنابل على رؤوس الشعب اليمني المظلوم، فأزهقت ارواح الالاف من النساء والاطفال والشيوخ والشباب، وهدمت كل البنية التحتية لهذا البلد الذي يعتبر مهد العرب، بينما الصهاينة منشغلون بتهويد ما تبقى من قدس العرب والمسلمين.

الملفت في ذكرى النكبة ان طائرة سعودية شوهدت وهي تهبط في مطار بن غورين في تل ابيب، وفي ذكرى النكبة ايضا ذكرت تقارير صحفية موثقة ان الكيان الصهيوني يقدم مساعدات في غاية الاهمية للعرب والمسلمين في حربهم ضد الشعب اليمني العربي والمسلم!!.

الملفت ايضا ان العرب والمسلمين بقيادة السعودية، لم يجدوا اية نقطة التقاء مع اخوتهم في اليمن العرب المسلمين، فقرروا ابادتهم عن بكرة ابيهم، بينما وجدوا مساحات هائلة من يلتقون فيها مع احفاد رجال العصابات الذين ذبحوا الفلسطينيين عام 1948 واغتصبوا ارض العرب والمسلمين!!، بل اخذوا يتفاخرون بتقاطع مصالحهم مع الصهاينة ضد العدو الجديد المصطنع "المسلمون الذين يخلفونهم عقيدتهم، وايران والشيعة والزيدية والاسماعيلية والمسيحيون والايزديون والصابئة وباقي اتباع الديانات والمذاهب الاخرى عدا اليهود!!!”.

العمى والبلادة والغباء الذي يلف بعض العرب والمسلمين اليوم، بهذا الشكل الفاضح والمخزي، ما كان ليكون لولا الوهابية التي فتتت شمل الامة، واعطبت بوصلة العرب والمسلمين، وجعلت من "اسرائيل” صديقة ومن ايران والشيعة عدو، ومن الزمر التكفيرية كالقاعدة و”داعش” و "النصرة” مقاومين ومجاهدين، من حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي ميليشيات وارهابيين ومغامرين، ومن امريكا قبلة العرب والمسلمين، ومن مقدسات المسلمين اوثانا يجب تحطيمها، ومن حضارة العرب والمسلمين شركا يجب ازالته من الوجود.

وفي خضم هذه الفوضى والعبث الذي زرعته الوهابية في ديارنا، اختفت فلسطين من وجدان الكثير، وبهت الحبر الذين يدون ماساة فلسطين من على صفحات الكتب حتى بات لايرى، ولكن يبقى الامل كبيرا بالقوى الحية في الامة المتمثلة بالشباب المثقف و الواعي، الذي لم يقع فريسة للوهابية، لذلك لم ينس فلسطين، وستبقى فلسطين في وجدان هؤلاء الشباب هي البوصلة التي تحدد طبيعة الاعداء والاصدقاء الحقيقيين، وليس الاعداء والاصدقاء المزيفيين الذي تريد الوهابية تسويقهم الى الامة خدمة لاعدائها وفي مقدمتهم "اسرائيل” وامريكا والرجعية العربية.