kayhan.ir

رمز الخبر: 18872
تأريخ النشر : 2015May06 - 21:26

حكام الخليج الفارسي ’ولاة’ في خدمة صاحب القرار الأميركي

عقيل الشيخ حسين

السعودية وأنظمة الخليج الفارسي نفق أموال العرب والمسلمين وتنخرط مباشرة في أعمال العدوان والمشاريع الصهيو-أميركية الهادفة إلى تدمير المنطقة. لكن هذا لن يمنع واشنطن من التخلي عنها ورميها كما ترمى المنتجات المنتهية الصلاحية.

في كانون الثاني/ يناير الماضي أمر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بصرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة السعودية من المدنيين والعسكريين. "مكرمة” متواضعة من المكرمات التي اعتاد حكام السعودية على أن يشملوا بها السعوديين وغير السعوديين.

المكرمات السعودية لا تشمل 25 بالمئة من مواطني المملكة الذين يعيشون تحت خط الفقر

وعلى خطى الملك، قررت الشركات الخاصة في السعودية القيام بخطوة مماثلة فصرفت بدورها مرتب شهرين على موظفي القطاع الخاص. هذا النوع من الإجراءات التي تقدم بوصفها تعبيراً عن "الكرم” الذي اشتهر به العرب هو أبعد ما يكون عن الكرم الذي يفترض به قبل كل شيء أن يشمل الفقير قبل الغني والضعيف قبل القوي. وهذا ما لا تتوفر عليه "المكرمة” الملكية السعودية لأنها تقتصر على شرائح اجتماعية ميسورة ولا يستفيد منها حوالي 25 بالمئة من سكان المملكة الذين يعيشون تحت خط الفقر في بلد يصل ناتجه الداخلي الخام إلى حولي ألف مليار دولار سنوياً.

سخاء أم رشوة ؟

بكلام آخر، فإن هذا السخاء على شرائح اجتماعية وازنة - لجهة الدور الذي تلعبه في تأمين استقرار النظام الاجتماعي والسياسي غير المستند إلى مفهوم العدل - يتحول إلى نوع من الرشوة وشراء الذمم بهدف كسب المناصرين وتعزيز انخراطهم في خدمة النظام الجائر : ففي السياق نفسه، اصدر الملك سلمان أمراً آخر بصرف مرتب شهر على أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وقد صدر هذا الأمر في 29 نيسان/ أبريل الماضي، أي بعد ثلاثة أيام على بدء العدوان على اليمن، وفي الوقت الذي كانت قوى الأمن السعودية تمارس همجيتها في قمع التظاهرات التي خرجت في المنطقة الشرقية استنكاراً لذلك العدوان. والأهم من ذلك أنه صدر وسط الأخبار عن فرار حوالي عشرة آلاف جندي سعودي من مواقعهم على الحدود اليمنية خوفاً من مواجهات محتملة مع القوى التي تدافع عن حرية اليمن واستقلاله ووحدته.

أموال سعودية وخليجية تستخدم، في ما يتجاوز الإنفاق الفاحش والمخجل على مظاهر الترف الشخصي، في شراء الأتباع بمن فيهم قوى الأمن المكلفة بقمع المطالب الشعبية المحقة في الداخل، كما تصرف على التكفيريين المكلفين بزعزعة البلدان التي يستهدفها المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة، وعلى غيرهم من القوى السوداء التي تخدم هذا المشروع في العديد من مناطق العالم الأخرى. كما تستخدم في تغطية تكاليف الحروب الأميركية على المنطقة والعالم، وفي إنقاذ اقتصاد بلدان الغرب من الإفلاس، وأخيراً في تمويل التدخلات والحروب السعودية المباشرة كما في العدوان الحالي على كل من البحرين واليمن.

جهل مطبق

إنها ثنائية المال والسيف التي طالما تحكمت بمصائر الشعوب والتي تجاوزت، في الزمن السعودي، كل حدود المعقول لجهة وظيفتها التدميرية وأبعادها اللاأخلاقية واللاإنسانية، وخصوصاً لجهة كونها أنموذجاً لا مثيل له في الجهل المطبق.

فإذا كان فراعنة الماضي، بمن فيهم من حكموا العالم العربي والإسلامي تحت أسماء الخلفاء والسلاطين يستخدمون هذه الثنائية في خدمة مصالحهم ومن أجل تعزيز سلطانهم واستقلالهم عن القوى الخارجية، فإن آل سعود وغيرهم من حكام الخليج الفارسي موال العرب والمسلمين ويبطشون بكل معارض وصاحب قضية محقة خدمة لمصالح قوى إمبريالية لا تكن لهم أي احترام ولا تتردد للحظة في التخلي عنهم ورميهم كما يرمى أي منتج بعد استعماله وانتهاء صلاحيته.

فرار حوالي عشرة آلاف جندي سعودي من مواقعهم على الحدود اليمنية

وبهذا، فإن مقاماتهم لا تختلف البتة عن مقام "الولاة” والجلاوزة الذين ينصبون بشروط كتلك التي التزمت بها مشيخات الخليج الفارسي، رسمياً، مجرد محميات بريطانية. أو كتلك التي التزم بها مؤسس المملكة السعودية، عبد العزيز آل سعود يوم قال، عام 1915، لمندوب بريطانيا العظمى، برسي كوكر: "أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكر، مندوب بريطانيا العظمى، بأنه لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها”.

أو كما فعل هو نفسه عندما وقع، عام 1945، على اتفاقية كوينسي الاستراتيجية التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بتأمين الحماية العسكرية لآل سعود مقابل النفط، وهي الاتفاقية التي ما تزال سارية المفعول حتى اليوم من خلال الخضوع السعودي التام لكل أنواع الإملاءات الأميركية.

وبالطبع، فإن إعطاء فلسطين لليهود واستخدام النفط كسلاح في خدمة المصالح الصهيو-أميركية وفي مقدمها تدمير العالم العربي والإسلامي بالشكل الذي نشهده اليوم، هو أيضاً من جملة "المكرمات” التي لن تشفع لنظام آل سعود يوم تقتضي الانتهازية الأميركية والإسرائيلية إلحاقه بما لا يحصى من الأنظمة التي تخلت عنها واشنطن رغم كل ما قدمته لها من خدمات كبرى.