kayhan.ir

رمز الخبر: 18808
تأريخ النشر : 2015May05 - 20:37

كيف يكفل قانون البحار الحق لإيران بحفظ حقوقها وسيادتها المائية؟

علي إبراهيم مطر

عند كل حادثة قد تحصل، تحاول وسائل إعلام عربية أن تضخم الحدث وتوجهه إعلامياً لمصالحها فتلجأ إلى تضخيم الأمور أو فبركتها . بعد أن احتجزت البحرية الإيرانية سفينة تحمل راية جزر مارشال سارعت قناة العربية المعروفة بأخبارها الملفقة في كثير من الأحيان والمضخمة في أحيان أخرى إلى القول إن قوة ايرانية احتجزت سفينة شحن امريكية بعدما فتحت النار عليها في الخليج واقتادتها الى ميناء بندر عباس الايراني، في حين أن القضية قانونية بحتة يعود لإيران الحق من خلالها باحتجاز هذه الباخرة، حيث لم تقم البحرية الإيرانية بإطلاق النار عليها كما ادعت العربية إنما أطلقت زوارق دورية طلقات تحذيرية من فوق السفينة هذا وفق تأكيد متحدث باسم وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون”.

طهران أكدت أن هذه الحادثة قضائية بحتة، حيث أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية في بيان لها أن السفينة التي تم توقيفها كانت في مياه ايران وتحمل راية جزر مارشال وانه تم توقيفها على اساس شكوى من القطاع الخاص وحكم المحكمة في ايران بسبب ديون عليها وبعد حل مشكلة ديونها يمكن للسفينة أن تستمر في الابحار وقد حصل ذلك فعلاً.

ما هي المياه الإقليمية؟

يجيز القانون الدولي العام للبحار لإيران القيام بهذا الإجراء بما يحفظ حقوقها في مياها الإقليمية، التي هي عبارة عن جزء من البحر يتصل بإقليم الدولة، وقد حددت اتفاقية جنيف 1958 سيادة الدولة بانها تمتد خارج اقليمها ومياهها الداخلية إلى منطقة من البحر ملاصقة لشواطئها تعرف باسم البحر الإقليمي، الذي يقع خارج المياه الداخلية للدولة، ويمكن القول ان البحر الاقليمي هو جزء من إقليم الدولة الساحلية مغمور بالمياه، أو مساحة من البحر ملاصقة لشوطئ الدولة وممتدة نحو البحر العام، أو هو مساحة بحرية تقع بين إقليم الدولة والبحر العام.

وتقول المادة 2 من اتفاقية قانون البحار 1982، أن "سيادة الدولة الساحلية تمتد خارج اقليمها البري ومياهها الداخلية، أو مياهها الارخبيلية إذا كانت دولة ارخبيلية، إلى حزام بحري ملاصق يعرف بالبحر الإقليمي” عادة ما تكون المياه الإقليمية 12 ميلاً بحرياً. كما تقول في الفقرة 2 من المادة نفسها ان "السيادة تمتد الى الحيز الجوي فوق البحر الإقليمي وكذلك إلى قاعه وباطن أرضه”.

حقوق إيران في المياه الإقليمية

إن السيادة على البحر الإقليمي تمنح الدولة بعض الحقوق:

1- حق القيام بأعمال الشرطة ووضع نظام للملاحة والمسائل الجمركية والشؤون الصحية وإقامة المنشآت اللازمة لتأمين الملاحة وإرشادات السفن والمساعدة في أعمال الإنقاذ وغير ذلك في البحر الإقليمي.

2- حق قصر التجارة الساحلية والصيد في حدود البحر الإقليمي علي رعاياها.

3- حق تحديد المراسيم البحرية التي يجب على السفن التجارية مراعاتها أثناء وجودها في البحر الإقليمي.

4- حق القضاء بالنسبة لسفنها الموجودة في البحر الإقليمي بشكل مطلق وبالنسبة للسفن التجارية الأجنبية في كل ما يمس أمن الدولة وسلامتها أو ما يطلب إليها التدخل بشأنه.

5- حق الدولة في حالة قيام حرب أن تطلب من الدول المتحاربة عدم القيام بعمليات حربية في بحرها الإقليمي.

كما يؤكد التعامل والفقه الدولي على جواز تملك الدولة لقاع بحرها الإقليمي وطبقات الأرض الواقعة تحته لأن مصالحها وسلامتها تتعارض مع أن تضع دولة غيرها يدها على قاع البحر الملاصق لشواطئها، ولها أن تستغل هذا القاع بكافة الوسائل ما دام ذلك لا يعرقل حركة المرور في مياهها الإقليمية.

المرور البريء وحق اعتراضه

عليه، فقد استقر العرف الدولي على أن تكون البحار الإقليمية مفتوحة للمرور البحري لسفن جميع الدول ويشمل المرور إمكان التوقف أو الرسو في المياه الإقليمية في الحدود التي تستلزمها الملاحة العادية أو إذا اقتضت ذلك قوة قاهرة في حالة الخطر.

ويقتضي المرور البحري ألا تقوم السفينة حال مرورها في المياه الإقليمية لأي دولة بأعمال من شأنها المساس بسلامة الدولة صاحبة الإقليم المجاور أو نظامها العام أو مصالحها المالية أو الجمركية وأن تراعي القوانين واللوائح التي تضعها الدولة صاحبة الإقليم في هذا الشأن تطبيقا لما جري عليه العرف الدولي وعلى الأخص بالنسبة لتأمين المرور وصيانة العلامات الخاصة به وصيانة المياه الإقليمية من التلوث الذي قد تتعرض له من السفن، والمحافظة علي الثروة الطبيعية للبحر الإقليمي وحقوق الصيد وما شابهها من الحقوق الخاصة. وبالتالي فإن للدولة حق دائم في أن تتخذ جميع الوسائل اللازمة لمنع وقوع هذه الأعمال في مياهها الإقليمية ولتأمين الملاحة في هذه المياه.

وينطبق ما حصل في حالة إيران على السفن الخاصة، فالسفينة الخاصة وإن كانت لا تخضع أصلا للاختصاص الإقليمي في الشؤون المدنية سواء بالنسبة للتصرفات التي تصدر من ركابها أو التي تصدر لحساب السفينة ذاتها ولكن يجوز أن يتخذ قبلها إذا أمكن وجود إجراءات تحفظية بالنسبة لأفعال أو تصرفات تتصل مباشرة بمرورها في البحر الإقليمي.

كما أن السفن الخاصة تخضع أثناء مرورها في المياه الإقليمية لاختصاص القضاء الإقليمي بالنسبة لمخالفات نظام المرور أو الأفعال المتصلة بهذا النظام وغيرها من القضايا الجزائية وللسلطات المحلية أن توقع عليها الجزاء المترتب على هذه المخالفات والأفعال إذا كان ذلك في مقدورها.

على أن تحديد الاختصاص الجنائي للدولة الساحلية بالحالات المتقدمة لا يمس حق هذه الدولة في أن تتخذ الخطوات التي تسمح بها قوانينها بغرض إلقاء القبض أو إجراء التحقيق على سفينة أجنبية تعبر المياه الإقليمية بعد خروجها من المياه الداخلية لذات الدولة، وعلى الدولة الساحلية في كل الحالات التي تتخذ فيها إجراءات جنائية بالنسبة لسفينة أجنبية تعبر بحرها الإقليمي أن تخطر السلطات القنصلية للدولة التي ترفع السفينة علمها متي طلب قائدها ذلك وأن تسهل اتصال هذه السلطات بقيادة السفينة.

هل يمكن لإيران مطاردة السفينة؟

في حال دخول سفينة ما البحر الإقليمي لدولة معينة، ثم إتيانها عملاً يخضعها لسلطانها ثم حاولت الهرب من المياه الإقليمية لهذه الدولة بعد تكليفها من السلطات الإقليمية المختصة بالوقوف، يعطي العرف الدولي الحق للدولة صاحبة البحر الإقليمي في هذه الحالة في أن تتبع وتطارد هذه السفينة المخالفة وهو ما يطلق عليه في التعامل الدولي حق التتبع والمطاردة متى كلفتها السلطات الإقليمية بالوقوف.

وعليه يجوز لمراكب دولة الإقليم (إيران) في هذه الحالة تتبع سفينة الماراشال حتى تتمكن من إيقافها إذا استطاعت ومن ثم اتخاذ الإجراءات التي تقتضيها بالظروف.

لذلك نقول إن إيران مارست حقها القانوني الذي منحها اياه قانون البحار والعرف الدولي للحفاظ على سيادتها وإقليمها وحقوقها، سيما أن ما حصل هو قضية قضائية بحتة يعود للدولة الإقليمية ممارسة سلطتها لإعادة حقوقها، كما أن القوات الإيرانية حافظت على دماء من على السفينة وعاملتهم وفق ما يقتضيه الواجب.