الدور الباكستاني في ’إعادة الأمل’ لليمن
جاويد أيوب
تحركات دبلوماسية وزيارات متبادلة بين باكستان والسعودية، شهدتها الساحة السياسية، بعد صدور قرار البرلمان الباكستاني، الذي يقضي بعدم الانضمام إلى التحالف المعادي لليمن بقيادة السعودية، ولعب دور الوسيط في حل الأزمة اليمنية. وهو الموقف الذي طالبت به الجمهورية الإسلامية في إيران منذ بداية العدوان، وتبنته تركيا لاحقاً.
وفيما تحاول باكستان رأب الصدع الذي طرأ على علاقتها بالسعودية نتيجة قرار البرلمان من جهة، ومحاولة إقناع السعودية بالعدول عن الحل العسكري في اليمن من جهةٍ أخرى، تحاول السعودية الضغط على باكستان باستخدام الجماعات الدينية المتشددة، التي لطالما حظيت بدعم مالي سعودي. وذلك من خلال زيارات شخصيات دينية سعودية لباكستان، كان أبرزها زيارة وزير الشؤون الدينية في المملكلة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، تلتها زيارة إمام الكعبة الشيخ خالد الغامدي.
وتردد في الأروقة السياسية، أن موقف باكستان تسبب بـ”زعزعة” التحالف السعودي. وقد قالت مصادر دبلوماسية أن "رسائل قاسية اللهجة وصلت الى إسلام آباد أسفرت عن زيارة نواز شريف في الثالث والعشرين من آذار/مارس الماضي إلى الرياض”.
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة عمّا أسمته "ردة فعل” قوية وعنيفة داخل المملكة، بسبب الموقف "الباكستاني” الذي ظهر عشية عمليات تحالف ما يسمى "عاصفة الحزم”، حيث امتنعت باكستان عن المشاركة، ونوقشت آراء لمسؤولين سعوديين كبار تطالب بوقف كل أنواع المساعدات الاقتصادية والمالية لحكومتها، وإعلان مقاطعتها في مجال الاستثمارات. وقد تبين ذلك من خلال استقبال الوفد الباكستاني في السعودية حيث حضر نائب وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، على خلاف الزيارة السابقة التي شهدت استقبال الملك السعودي شخصياً لرئيس الحكومة الباكستانية.
في المقابل، يرى بعض المسؤولين الباكستانيين أن قرار البرلمان ليس نقطة خلاف بين البلدين. "فالعلاقة بين باكستان والسعودية أوثق من أن تهتز لهذا السبب”، برأي المصادر، "الورقة الباكستانية لم تلعب بعد في اليمن، إذ أن مراقبين يرون أن دورها سيظهر في عملية ما يسمى "إعادة الأمل”".
كلام يؤيده الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في اسلام آباد رسول بخش ريس، باعتبار أن "الحياد ليس نهاية المطاف؛ فمن المتوقع أن تغير باكستان موقفها إذا ما تطور الصراع في اليمن ليهدد السعودية بشكل مباشر، وإن لم تفعل ذلك فإنها تخاطر بخسارة الكثير”، وفق تعبيره.
إلا أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة لإسلام أباد، وضعها عدد من المحللين، في إطار السعي الحثيت لتشكيل تحالفات، ورسم صورة جديدة، لا سيما مع ما كشف عن مساع باكستانية للسير نحو حلول سلمية والتقريب بين موقفها من الرياض وطهران على حد سواء.
ففي باكستان، يعتقد كل من الجيش والأحزاب السياسية، بوجوب المبادرة إلى بذل الجهود الدبلوماسية والسياسية لاحتواء الصراع في اليمن وحمايته من التفاقم داخل البلاد أو التطور إلى حرب إقليمية. ويعتبر هؤلاء أن تدخل باكستان في هذه المرحلة، من شأنه أن يأتي بنتائج سلبية تلقي بظلالها على إمكانية التوصل إلى حل سلمي. وإلى حدٍّ ما، فإن تدخلها المباشر أو غير المباشر سيُربك الدبلوماسية الإقليمية، وسينتج حالةً من عدم الاستقرار في الساحة الباكستانية، نظرًا للانقسامات بين المجموعات الدينية المتصارعة المرتبطة بكل من إيران والسعودية.
بناء لما تم ذكره آنفاً، فقد كشفت حرب اليمن عن أكثر الاختبارات صعوبة لسياسة إسلام آباد في الشرق الأوسط؛ حيث أن الموازنة بين العلاقات بين كل من السعودية وإيران لا يُعد خيارًا سهلًا لباكستان. وتكمن صعوبة ذلك في الانقسامات الدينية والسياسية في البلاد وأولوية الجيش في ما يُسمى "محاربة الإرهاب”.