خطة الضاحية: المقاومة تريد الدولة
غسان جواد
انطلقت الخطة الأمنية للضاحية الجنوبية لبيروت. حضرت الدولة بكلّ أجهزتها الأمنية والعسكرية، وبدأت سلسلة خطط ودوريات وأعمال دهم وتوقيفات، وقد بدا الشارع مرحّباً ومتعاوناً، خصوصاً أنّ حركة "أمل” و”حزب الله” أيّدا الخطة ورفعا الغطاء عن أيّ مطلوب.
تقول مصادر في قوى "8 آذار”، إنّ الخطة الامنية في الضاحية مستمرة، حتى الانتهاء من معظم الظواهر السيّئة وتلك المُخلّة بالقانون والنظام العام. وتؤكد أنّ حركة "أمل” و”حزب الله” أبديا كلّ دعم وتأييد وتسهيل لتلك الخطة، لافتة إلى أنّ الحزب أصدر تعميماً داخلياً الى محازبيه، أكد فيه الالتزام التام لمقتضيات "الخطة الامنية” تحت طائلة عقوبات داخلية حزبية.
وكذلك فعلت حركة "أمل” حيث أوعز رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى مسؤولي الحركة وكوادرها في الضاحية التعاون مع الجيش والقوى الامنية بما يضمن نجاح الخطة بنحوٍ واسع.
"بيئة المقاومة” هي المستفيد الاول من هذه الخطة. حيث استغلّ بعض العصابات "الوضع الخاص للضاحية”، وأقدم على أعمال منافية للقانون تضرّر منها، أولاً وقبل الجميع، سكان الضاحية الجنوبية. مع العلم أنّ بلديات المنطقة (الغبيري وحارة حريك) أطلقت بالتعاون مع الأحزاب حملة تحضّ المواطنين على التزام القانون تحت عنوان "النظام من الايمان”، وقد أبدت وسائل الإعلام التابعة للحزب والحركة اهتماماً في نشر هذه الحملة وتعميمها لكي يلتزمها المواطنون ويتعاملوا معها من منطلق المسؤولية الوطنية وكذلك "الشرعية”.
مقتضيات "أمن المقاومة” لا تتنافى مع القانون والنظام العام. وبهذا المعنى، كان غياب الدولة عن هذه المنطقة يؤثر سلباً في المواطنين والمقاومة على حدٍّ سواء. وفي ظلّ الواقع السابق، ترك الكثيرون من سكان المنطقة منازلهم ومصالحهم، وعادوا الى قراهم في الجنوب والبقاع، والسبب أنّ الخارجين عن القانون بدأوا يسيئون للناس وينكّدون عليهم حياتهم، إضافة الى الفوضى على الطرق وقيادة الفانات والدراجات النارية عشوائياً والزحمة غير المبرَّرة التي جعلت الحياة جحيماً.
وبهذا المعنى يأمل سكان المنطقة في نجاح الخطة لوضع حدّ للفلتان الذي تكاثر ونما على جنبات المجتمع الذي يقدم التضحيات الى جانب المقاومة ويحق له أن ينعم بالنظام ويعيش ضمن ما يضمنه القانون.
من الناحية السياسية، يؤكّد انطلاق الخطة الامنية في الضاحية أنّ القرار الذي اتخذته الحكومة بضبط الامن في البلاد لا يزال سارياً، وأنّ القوى السياسية المشارِكة في الحكومة لا تزال تدعم بقوة هذا القرار.
وهنا تؤكد مصادر "8 آذار” أنّ هذا الاختبار في الضاحية ونجاحه من شأنه "أن يدحض كلّ المزاعم التي تحاول تصوير الضاحية بأنها خارجة على الدولة والقانون، والبعض اليوم يقول إنّ الدولة دخلت الى الضاحية وهذا غير صحيح لأنّ الدولة موجودة أساساً في الضاحية وقد تعزّز وجودها في العامين الاخيرين من خلال حواجز ثابتة للجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي، أما الخطة الحالية فمن شأنها تعزيز حضور الدولة الامر الذي يُطمئِن الناس أكثر ويجعل المقاومة تنصرف الى المهمات الملقاة على عاتقها، لأنها لم تُقدِّم نفسها يوماً بديلاً من الدولة وهي أكثر مَن يحتاج النظام ويريد القانون في هذه المنطقة”.