الموصل وبعد التحذيرات!!
مهدي منصوري
ما حدث في الموصل بالامس من سيطرة ارهابيي داعش على هذه المدينة وبهذه السرعة المذهلة لم يكن أمرا تصادفيا بل ان الوقائع تشير الى ان هناك تمهيدات سابقة لهذا الامر خاصة وان الادارة المحلية لهذه المحافظة قد خالفت عدة قرارات اتخذتها الحكومة المركزية لضبط الامن ومطاردة الارهابيين هناك من رفضها دخول قيادة عمليات الجزيرة للجيش ورفضها تواجد الشرطة الاتحادية في ادارة الملف الامني، وقد كان محافظ الموصل اخ رئيس مجلس النواب حجر عثرة في ادارة الملف الامني من قبل الحكومة المركزية ولم يبد أي تعاون في هذا المجال، وكذلك لا بد للعودة الى ما قبل اكثر من عام من هذا التاريخ عندما انطلقت التظاهرات والاعتصامات في المنطقة الغربية والتي سيطرت على ادارتها قيادات في داعش مما جعل من الحكومة العراقية اصدار التحذيرات والطلب من السياسيين الذين يمثلون هذه المناطق من التدخل العاجل وقطع دابر هؤلاء المجرمين. الا ان هؤلاء السياسيين قد وظفوا الامر بالطريق الخطأ واعتبروه استهداف طائفي من قبل الحكومة، لذلك تغاضوا عما يجري الى ان استفحل الامر ووصل حدا بحيث تطلب تدخل الجيش العراقي في فض هذه الاعتصامات مما واجه موقفا معارضا من هؤلاء السياسيين مدعين انه لا يوجد أي اثر للقاعدة او داعش في هذه الاعتصامات.
ولكن وبعد ان قام الجيش بدوره في مكافحة داعش اظهرت الاحداث ان هذا التنظيم الارهابي قد تمكن وخلال فترة الاعتصامات من الاعداد الكامل للمواجهة وتوالي الاحداث سواء كانت في الانبار او المحافظات المجاورة كسامراء وبالامس في الموصل أكد ان هذه المجاميع لديها خطة منظمة يتم تنفيذها بالتدريج مع حصولها على الدعم الخارجي سواء كان اعلاميا اوماديا اولوجستيا، وبنفس الوقت لا يمكن ان نغفل في هذا المجال دور بعض السياسيين الذين وضعوا يدهم بيد الارهابيين اثناء تواجدهم في السلطة من أمثال المجرم طارق الهاشمي المتواجد في تركيا من تشكيل ودعم مجموعات ارهابية في العراق وبدعم من نفس الدولة التي هو فيها بالاضافة الى السعودية وقطرلتنفيذ اجندة اسقاط الحكومة الحالية.
ولايمكن لذاكرة الشعب العراقي ان تنسى مطالبات المعتصمين و معهم السياسيين باخراج الجيش من المحافظات الساخنة والتي رفضتها الحكومة العراقية لما وراء هذه المطالبات امر مريب كما كشف ذلك وفيق السامرائي المستشار السابق لرئيس الجمهورية بالقول عندما اشار في مقال له معلقا على ماجرى في الرمادي وسامراء بالقول :"الان بدأت الصورة تتضح وصوت العقل يعلو، فكل المطالب الخاصة بسحب الجيش من المدن اثبتت انها مريبة وتعكس اهدافا ونيات خطيرة ، فعدم وجود الجيش في الفلوجة ساق الى هذه المأساة".
اذن فان الذي يجري الان في العراق وخاصة ما حدث في الموصل بالامس يدق ناقوس الخطر الكبير في هذا البلد خاصة وان الضربات المتلاحقة التي تتلقاها المجاميع الارهابية في سوريا تدعوهم الى ايجاد ملاذات جديدة خاصة وان حلب هي ملاصقة لمدينة الموصل فلذلك فان الطريق قد يكون سهلا في دخولهم هذه المدينة .
ولذا وامام هذا الموقف الجديد يتطلب موقفا حازما وقويا من قبل الدولة العراقية بالاساس ومن قبل الشعب العراقي على العموم مما يدعو القادة السياسيين ان يتجاوزوا خلافاتهم ويرفعوا الخطوط الحمراء لان الخطر بدا ليس فقط يتهدد مدن او محافظات بل يتهدد العراق بأكمله وذلك بالمسارعة بعقد الاجتماعات وبصورة عاجلة من اجل أيجاد السبل اللازمة لمواجهة هذا الحدث الخطير وماقد يترتب عليه من اثار سلبية تطال الجميع ،ومن اجل فتح الافاق امام الحكومة في اتخاذ أي اسلوب تراه مناسبا في قمع هؤلاء الارهابيين والقضاء عليهم وهو ما دعا اليه رئيس الوزراء باعلان حالة الطوارئ في المناطق الساخنة لكي يتمكن الجيش والشرطة والقوات الامنية الاخرى من القيام بواجبها من دون أي معارضة.
ولا نغفل ايضا في هذا المجال ان الارهاب الذي ضرب باطنابه قد لا يمكن للعراق اليوم وبمثل هذه الامكانيات المتواضعة التي يمتلكها ان يواجه بها القاعدة وداعش، ولذلك يتطلب جهدا اقليميا ودوليا لمساعدة العراق في ازمته الحالية، والا فان الاوضاع قد تخرج عن نطاقها وقد تصل شرارة هذا الارهاب للتمفرجين اليوم عما يجري خاصة قيادة منطقة كردستان العراق التي لم تقم بأي دور فاعل في هذا المجال مما يجعلها ان تتقدم بخطوات هامة كما طلب ذلك منها رئيس مجلس النواب النجيفي محذرا اياها ان لا تكون مستقبلا فريسة سهلة للا رهاب.
وفي نهاية المطاف يفترض من الحكومة العراقية وبالنظر لما حدث في الموصل والذي لايمكن تصوره وقد اشارت اوساط اعلامية وسياسية للامر من انه لايمكن ان تسقط الموصل وبهذه السرعة بيد الارهابيين ومن دون أي مقاومة ان لم يكن هناك مؤامرة قد تم اعدادها وتم تدبيرها بهذه الصورة،وكذلك من اللافت وكما سربت بعض الاوساط السياسية في الموصل ان الاوامر قد صدرت للقوات المسلحة بالانسحاب وترك معداتها والنجاة بنفسها مما يتطلب تحقيقا من قبل الحكومة المركزية وتقديم ممن كان متورطا في هذا الامر للعدالة ليأخذ جزاءه العادل.