kayhan.ir

رمز الخبر: 18336
تأريخ النشر : 2015April26 - 21:14

الأهمية الاستراتيجية لمدينة حلب

شارل أبي نادر

تُعتبر مدينة حلب المَفْصل الأهمّ بعد دمشق في تحديد اتّجاه الحرب على سوريا، ومَنْ يحسُم معركة حلب يربح ثقلاً ميدانيّاً وسياسيّاً مؤثّراً لدرجة كبيرة في مُستقبل سوريا، حيثُ تشكّل ساحة واسعة للتدخّل الأمنيّ المُخابراتيّ والعسكريّ الميدانيّ لكافّة الدّول المعنيّة في رسم المناورات والخطط والسياسات المختلفة لتحقيق أهداف الحرب على سوريا ولها موقع مهمّ ومؤثّر في الخارطة السّوريّة الإقليميّة.

جغرافياً: ثاني أكبر مُدن سوريا في المساحة وفي عدد السُكّان وفي التنوّع السُكّانيّ والثقافيّ، تبعد عن الحدود مع تركيّا قرابة الـ 50 كلم وتُشكّل نقطة ربط بين مُحافظات الرّقّة شرقاً وإدلِب غرباً وحماه جنوباً، وهي قاعدة مهمّة في الاقتصاد لناحية توزيع ونقل النّفط السّوريّ وفيها تتركّز أغلب الصّناعات السّوريّة الحسّاسة.

استراتيجيّاً:

- يوجد فيها أهمّ القواعد العسكريّة السّوريّة (مطارات عسكريّة - ثكنات - مراكز تدريب - معامِل ومخازِن ذخيرة ... الخ).

- الامتداد المهمّ لحلب المدينة مع ضواحيها يفصِل إلى حدٍ كبيرٍ أريافها عن بعضها وبالتالي يُعيق تواصل الإرهابيّين (عناصر تنظيم القاعدة في بلاد الشام ومشتقاتها: داعش والنّصرة وأغلب الفصائل الإسلاميّة المُتشدّدة) في هذه الأرياف الواسعة مع بعضهم.

- تربط إدلِب (المفتوحة شمالاً على تركيّا حيث للإرهابيّين نُفوذ لهم) مع الرّقّة (المفتوحة على مناطق سيطرة داعش بين سوريا والعراق في الأنبار والرّمادي).

- تشكّل بوابّة عُبور واسعة للمُسلّحين وللأسلحة من وإلى تركيّا.

- سقوطها في أيدي الإرهابيّين يعني فتح شمال سوريا كُلّيّاً أمام هؤلاء بمختلف فصائلهم ومجموعاتهم.

- تتداخل وإلى حدٍ كبيرٍ مراكز انتشار الجيش السّوريّ والإرهابيّين في مدينة حلب وضواحيها القريبة، كما أنها عرضة دائماً للتغيير نتيجة الكر والفر والعمليّات الهجوميّة المُتبادلة ولكن يُمكن تحديد هذا الانتشار وبشكل تقريبي على الشّكل التالي:

الجيش العربيّ السّوريّ:

شرقاً: يُسيطر على المدينة الصناعيّة وعلى السّجن المركزيّ شمال شرق، وعلى مطار النيرب العسكريّ جنوب شرق، وما بينهما على الجهة الشرقيّة للمدينة.

غرباً: يُسيطر على قسم كبير من المناطق الغربيّة للمدينة حيث توجد المؤسّسات الحكوميّة الرّسميّة والجامعات والمُستشفيات والمراكز العسكريّة (مدرسة المدفعيّة وأكاديميّة الهندسة).

شمالاً: سيطرته شبه كاملة على بلدة حندرات شمال شرق وعلى مركز البُحوث العلميّة شمال غرب، كما يُسيطر على مدينتيْ نبل والزهراء شمالاً المُحاصرتين من قِبَل أكثر من جهة إرهابيّة والمشرفتين على طريق (حلب - تركيّا) الدوليّ.

جنوباً: يُسيطر على السفيرة وعلى معامل الدّفاع وعلى مقرّ اللّواء 80 وعلى مطار حلب الدّوليّ جنوب شرق، كما ويؤمّن السيطرة على إقليم جغرافي ضيّق يمتد من جنوب حلب حتى شمال شرق مدينة حماه يتخلّله طريق بِطول يبلغ 200 كلم تقريباً عبر صحراء السلميّة يشكّل طريق الإمداد الرئيس والمهمّ لوحداته في حلب والضّواحي.

الإرهابيّون المُسلّحون:

يتوزّع الإرهابيّون على جبهات مدينة حلب وأريافها على الشكل التالي:

- الرّيف الشرقيّ: تسيطر داعش على الجهة الشرقيّة للمدينة وعلى ممرّات النّفط والمحطّة الحراريّة وعلى كامل ريف عين العرب وعلى المناطق المُمتدّة نحو الرّقّة جنوب شرق.

- الرّيف الغربيّ: تُسيطر عليه جبهة النّصرة وقسم من الفصائل المُتشدّدة أهمّها حركة أحرار الشّام الإسلاميّة وتمتدّ هذه السّيطرة حتى ريف إدلِب الشرقيّ.

- الرّيف الشماليّ حتى تركيّا: تنتشر فيه عناصر من الجيش الحُرّ ومن الفصائل الإسلاميّة ومن جبهة النّصرة ومن ألوية التركمان، ويسيطر هؤلاء أيضاً على بُقعة جغرافيّة مهمّة تربط مدينة حلب القديمة مع الرّيف الشماليّ عبر بلدات: (حربتان - عندان - كفر حرّة - دار عزّة).

- جنوب حلب: لا وجود للإرهابيّين من الجّهة الجنوبيّة للمدينة في الوسط، إنّما تتوزّع هذه السيطرة بين "داعش” في الجنوب الشرقيّ وبين النّصرة في الجنوب الغربيّ، مع امتداد سيطرة الأخيرة إلى ريف إدلِب الشرقيّ ضمن مُعسكري وادي الضّيف والحامديّة في الرّيف المذكور اللّذين يُشكّلان خطراً مهماً لقطع طريق إمداد الجيش السّوريّ بين حماه وجنوب مدينة حلب.

استناداً لِما وَرَدَ أعلاه بموضوع الأهمّيّة الاستراتيجيّة والجغرافيّة لمدينة حلب وضواحيها، أو بموضوع انتشار وتوزّع وحدات الجيش السّوريّ بمواجهة الإرهابيّين على الجبهات المذكورة، ونظراً لحجم وضخامة الضّغوط التي تتعرّض لها الحكومة والجيش في هذه المعركة المصيريّة التي تطال كامل الأراضي السّوريّة، ومع استبعاد فكرة اتّخاذ قرار بمُهاجمة الإرهابيّين في حلب وتحريرها بالكامل أو بمُهاجمة أريافها الواسعة أقلّه في الوقت الحاضر، يبقى للجيش السّوريّ تطوير مناورته الدّفاعيّة في المدينة من خلال:

- مُتابعة الضّغط لفصل وسط المدينة عن ريفها الشمالي وذلك بِمحاولة مَسْك الخطّ بين "حندرات” شمال شرق ومركز البُحوث العلميّة شمال غرب.

-مُحاولة التوسّع شمالاً والسّيطرة على قريتيْ "بيانون” "وديتان” لِقطع إمداد المُسلّحين بين "حريتان” - و "عندان” وفك الحصار عن بلدتيّ نبل والزهراء.

- تحضير خطط عمليّات وطوارئ بِهدف تأمين حماية قُصوى لخطّ الإمداد الرئيس بين مدينتي حماه وحلب مع إعطاء أفضليّة لهذا الخطّ في المُراقبة والدّعم الجوّي.