الابراهيمي والاعتراف المخزي !!
مهدي منصوري
كان المفروض من الاخضر الابراهيمي ومنذ الوهلة الاولى التي دعي فيها الى استلام مهمة الوسيط الدولي لحل الازمة السورية ان لايقدم على هذا الامر ويتنحى جانبا وذلك من خلال تصريحه الاول بأن "المهمة صعبة"، والسؤال هنا للابراهيمي وهو : انه وعندما أدرك صعوبة المهمة فمن الطبيعي ان معالجتها ستكون أصعب فلماذا ورط نفسه في هذه المهمة الصعبة ان لم يكن له هدف اخر غير حل الازمة السورية دفعه للقبول بها؟
واخيرا اتضح ان الابراهيمي قد استلم المهمة وفي ذهنه تنفيذ المشروع الاقليمي الدولي الذي أعد لسوريا ولكن جاءت الرياح بما لاتشتهي السفن لان صمود الشعب والجيش السوري والوقوف وراء حكومته وبهذه الصلابة والقوة قد غير موازين القوى وخلط الاوراق بحيث وضع الابراهيمي ومن وقف وراءه ودعمه في حالة من الحيرة والذهول، وفي هذه العجالة لابد ان نؤشر ولو بصورة سريعة حول تصرفات الابراهيمي اثناء توليه الازمة السورية اذ نجد انه ولم يمض على مهمته سوى أيام معدودة حتى ذهب الملف السوري الى الامم المتحدة وكانت المطالبات بالتدخل الدولي في حل الازمة هو الصوت المرتفع ولكن وبعد الموقف الروسي والصيني الذي أخمد هذا الصوت في مهده، نجد ان الابراهيمي وبتلكئه وتباطئه المخزي والذي اشارت اليه بعض الاوساط الاعلامية والسياسية انذاك والتي كان مثالها انه اخذ يذهب الى الدول الاقليمية التي ساهمت في تأجيج الازمة ليأخذ رأيها وكذلك لقائاته مع معارضة الفنادق واعطاؤهم اكبر من حجمهم، وكذلك اصدار التصريحات التي اعتبرت رسائل للدول الغربية بان تمارس دورا اكبر في دعم الارهاب والارهابيين و من خلال تكراره عبارته المشهورة "صوملة سوريا" أي ان الاوضاع في سوريا تتجه الى ما هي عليه في الصومال اليوم .
وقد اثارت تصريحات الابراهيمي هذه في ذلك الوقت حالة من الاستغراب لدى مختلف الاوساط التي تهتم بالشأن السوري لانه وبدلا من ان يعمل وبجدية نحو عدم تدهور الاوضاع الى ما كانت وهي عليه اليوم كان من المفروض به ان يعمل على عقد اجتماع دولي أواقليمي مشترك لايجاد ارضية للحل السلمي في هذا البلد، ولكننا نجد انه عمل عكس ذلك من خلال اهتمامه الواسع بعقد مؤتمرات اصدقاء (اعداء) سوريا لتأليب الوضع اكثر ضد النظام السوري.
ومن الملاحظ ان الوسيط الابراهيمي لم يذكر انه ادان الارهاب المنظم في هذا البلد وكذلك الدول التي قدمت الدعم اللوجستي والبشري له، بل اعتبر ان الذي يجري هو صراع بين السلطة ومعارضي النظام كما يدعي وبذلك شكل هذا الامر غطاء بمنح هذه الدول ضوءا اخضرلان تقدم ما تشاء للارهابيين في هذا البلد .
والذي طرحنا قد يكون غيض من فيض من اخطاء الابراهيمي القاتلة والتي لايمكن ان تغتفر وها هو اليوم ولاندري هل هي صحوة ضمير ام انه عاد اليه عقله بعد ان كان غارقا في غمرة المسؤولية التي كانت كبيرة عليه وبعد ان وصل الامر في سوريا الى حالة لايمكن ان تطاق وبعد الضحايا الابرياء الذين ذهبوا من دون ذنب سوى لاسلوبه الخاطئ في المعالجة وحالة التدمير التي تحتاج الى سنوات من اجل عودة البلاد الى ماكانت عليها، نجد انه يطلق تصريحاته التي تثير ليس فقط الاستغراب بل الاستهزاء وذلك من خلال تصريحه الاخير الذي اعترف به وبصراحة متناهية من ان الجماعات الارهابية هي المسؤولة عن استخدام الكيميائي في حلب، والسؤال المهم هنا والذي يضع الابراهيمي في موضع الادانة لانه كان يعلم علم اليقين ان الارهابيين استخدموا هذا السلاح ولكنه تكتم على هذا الامر ولم يفصح به والذي كاد ان يوقع المنطقة في حرب دولية مدمرة للمنطقة برمتها ؟ ولكن المهم في الامر هو لماذا اعترف الابراهيمي بهذا الامر بعد استقالته ، ومن دفعه لكي يصمت عن هذه الجريمة النكراء التي طالت الابرياء من ابناء الشعب السوري، وواضح انها لم تكن سوى الدولارات والولائات لبعض الدول الداعمة للارهاب هي التي جعلته يغمض عينية عن هذا الامر ؟ .
ومما يمكن الاشارة اليه ايضا وهم الاهم في تصريحاته عندما اعترف بان الكثير من الدول أساءت تقدير الازمة السورية حيث توقعت انهيار حكم الرئيس الاسد وهو خطأ تسبب في تفاقمه بدعم جهود الحرب بدلا من جهود السلام، مما يعكس هذا التصريح ان الابراهيمي قد ساهم وبصورة مباشرة في اساءة الدول لتقدير الازمة السورية.
واليوم ورغم ان الاعتراف المخزي للابراهيمي قد جاء متأخرا الا انه يضع على عاتقه مهمة خطيرة جدا الا وهي ان يعلن لشعوب العالم انه وبسكوته عن جرائم الارهابيين في سوريا فان يده قد تلطخت بدماء الابرياء الذين سقطوا ظلما وعدوانا جراء هذا التكتم المدفوع الثمن، مما يعطي الحق للحكومة والشعب السوري ان يطلبوا تقديمه للمحكمة الدولية.