تزايد الخطر الداعشي في اسلام اباد وكابول
جاويد ايوب
تزامنا مع انشغال تنظيم "داعش” في عدوانها المستمر على سوريا والعراق، تواصل ميليشيا داعش الإرهابية برفقة من بايعها من كوادر الجماعات التكفيرية اعتداءاتها السافرة ومجازرها القبيحة بحق الأبرياء من المسلمين في مختلف البلدان الإسلامية، وليس آخرها التفجيرات الثلاث التي استهدفت مدينة "جلال آباد” شرق أفغانستان يوم السبت المنصرم.
التفجيرات الإرهابية التي تبناها "داعش” في أفغانستان، والتى راح ضحيتها نحو 30 شهيدا وما يزيد عن 100 جريح، أثارت جدلاً واسعاً بين المراقبين حول وجود داعش في افغانستان، لا سيما وأن بعض الجماعات التكفيرية الأخرى كتنظيم طالبان حذر على لسان الناطق الرسمي ذبيح الله مجاهد من التوسع الجغرافي للـ”داعشيين”، واصفا التفجيرات بالعمل الشرير والدنيء.
يرى متابعون أن تفجير جلال آباد يُنذر بربيع ساخن جداً، خصوصاً مع انسحاب قوات الحلف الأطلسي من أفغانستان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، والإبقاء على 12500 جندي لمهام تدريبية فقط، وهذا يعني أن القوات الأفغانية ستدخل منفردةً مواجهات الربيع الذي عادة ما يشهد تصعيداً في العنف والمعارك.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأفغاني أشرف غني قد سارع إلى اتهام "داعش” بالوقوف وراء التفجيرات،قائلاً: "من تبنى هذا الاعتداء المروع؟ ان حركة طالبان لم تفعل، في حين ان داعش فعلت وتبنته”.
غير أن ضابطاً في المخابرات الباكستانية لفت إلى أن السلطات الافغانية ترغب بتضخيم خطر”داعش” للحصول على مزيد من المساعدات من الدول الغربية وشكك بوجود التنظيم من أصله في أفغانستان، وهو ما أيده امرالله صالح الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات الأفغانية الذي قال: "إن ما يقوم به تنظيم الدولة في افغانستان هو اقرب الى الحرب النفسية منه الى الحرب الفعلية”.
كما قال غرايمي سميث خبير الازمات الدولية ان "افغانستان بعيدة جغرافيا وايديولوجيا عن تنظيم الدولة الاسلامية”، مضيفا أن "من الصعب معرفة اين تقع افغانستان على لائحة اولويات تنظيم الدولة الاسلامية”.
لكن في الوقت نفسه فإن العديد من الارهابيين المحليين باتت تستهويهم فكرة الانضمام الى "داعش” الذائع الصيت، ولعل ذلك ما دفع الملا عمر إلى نشر سيرته بحسب تقرير في "الفورين بوليسي”. وهذا الميول للانضمام إلى التنظيم غير محصور في أفغانستان، فباكستان أيضاً تواجه تحديات أمنية على إثر اتساع نفوذ "داعش” بين الشباب في المناطق القبلية التي تواجه فيها الحكومة الاتحادية والجيش مشكلة كبيرة في بسط سيطرتها هناك. ففي شريط فيديو تم بثه في كانون الثاني/يناير الماضي على مواقع راديكالية أعلن نحو عشرة من عناصر "طالبان”، غالبيتهم من باكستان، الولاء للتنظيم وزعيمه ابو بكر البغدادي.
وانسجاما مع ما ذكر أعلاه، أكد جي أم برجيه الكاتب والمتخصص بشؤون الجماعات التكفيرية ان هذا التنظيم "بات موجودا بالفعل في افغانستان منذ بعض الوقت”. لكن فيما يتعلق بتفجيرات جلال آباد فقال أن "علينا البقاء حذرين طالما لم يصدر تبن عن وسائل الاعلام المعروفة للتنظيم”.
بالإضافة إلى أن تقارير صحافية قد سبق وحذرت في آذار/مارس الماضي من أن ظهور "داعش” في أفغانستان وانتزاعه السيطرة على مناطق تابعة لحركة طالبان، يُعدّان بمثابة القنبلة الموقوتة التي تهدد بالانفجار، وأن مخاطر هذا التنظيم المتطرف لن تقتصر على أفغانستان وحسب، بل ستمتد إلى باكستان أيضاً.
وحسب مصادر مطلعة في المناطق القبلية، فان تنظيم "داعش” سيطر على معاقل طالبان في بعض المناطق كهلمند و”استبدلت راية طالبان البيضاء براية التنظيم السوداء”.
وفي الخلاصة، لا شك أن هذا التمدد يدق ناقوس الخطر، فتوغل "داعش” في آسيا سيكون له تداعيات خطيرة، ولا سيما إن أفغانستان وباكستان تُعتبران معقلا لتنظيمات متطرفة أخرى على رأسها "القاعدة”. وهذا ما يقلق دولاً إقليمية تشترك في حدودها مع الدولتين كالصين وايران.