kayhan.ir

رمز الخبر: 18198
تأريخ النشر : 2015April24 - 21:37

انخفاض سقف الطموحات للمعسكر السعودي

إياد حرفوش

كان رفض البرلمان الباكستاني المشاركة في عملية عاصفة الحزم في ١٠ إبريل/نيسان الجاري متوقعًا، فالأحزاب التي تشكّل الكتلة الغالبة في البرلمان أعلنت منذ بداية العملية العسكرية التي تقودها السعودية في ٢٦ مارس/آذار الماضي رفضها الزج بباكستان في تلك الحرب، ودعمها لخيار الحل السياسي! ولهذا ،فالقرار الباكستاني - الذي جاء مناقضًا لرغبة رئيس الوزراء نواز شريف - ليس مرتبطًا برشوة قدّمها وزير الخارجية الإيراني في زيارته لإسلام-آباد في اليوم السابق على القرار، كما رددت بعض الأقلام الخليجية، فمهما كان ما قدمته إيران، لن يمكنها تعويض باكستان عن الدعم السعودي، وإنما جاء القرار الباكستاني مراعيًا لحسابات المنافع والمخاطر المنتظرة من خطوة التدخل البري، والذي عوّلت السعودية فيه على الإفادة من خبرة الجيش الباكستاني في حرب العصابات ضد حركة "طالبان” في بيئة جبلية مشابهة لمسرح العمليات اليمني.

في وقت لاحق، نشرت صحف عربية في ١٨ إبريل/نيسان أن رئيس الأركان الأردني "مشعل الزبن” قد حذر خلال زيارته الأخيرة للسعودية من مغبة التدخل البري، وتناولت تصريحات الساسة الأردنيين استعداد الأردن للمشاركة بقوات ترابط داخل الحدود السعودية فقط، وهكذا خرجت الأردن بدورها، فيما يبدو من سيناريو العملية البرية.

هكذا صارت كرة النار في ملعب مصر! وصار لزامًا على القيادة المصرية أن تتبنّى خيارات صعبة بشأن المشاركة البرية لقوات مصرية في عاصفة الحزم من عدمها، ولأي مدى؟ وبأية كيفية؟! وبدا المشهد وكأن بعض الصحف المصرية والسعودية تحاول دفع القيادة السياسية نحو اتخاذ قرار المشاركة البرية، بتصدير الشائعات عن وجود قوات مصرية وسقوط ضحايا ومصابين وأسرى في صفوفها، بينما روجت صحف خليجية لفكرة التدخل البري الجراحي المحدود في عدن، بهدف إعادة الحكومة اليمنية إليها، ووصفت السعودية الموقف الباكستاني بالمتخاذل من قبيل الضغط السياسي على مصر تحديدًا!

السيسي في الكلية الحربية

خلال كلمته التي ألقاها أمام طلبة الكلية الحربية، فجر الجمعة ١٧ نيسان الجاري، تناول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موضوع المشاركة في اليمن بعدة عبارات، يمكننا استخراج أهم ما جاء بها في عدة نقاط:

1- نفي ما تردد عن وجود قوات برية مصرية باليمن ووقوع خسائر بها، وكان المتحدث العسكري قد نفى هذا في وقت سابق، وطالب السيسي وسائل الإعلام بالدقة والتزام الموقف الوطني في هذا الصدد.

2- تكذيب الأخبار التي ترددت، وقد نسبت إلى مصادر عسكرية مصرية، والتي قالت بأن قرار التدخل البري قد اتخذ بالفعل، فقد أكد السيسي أن مثل هذا القرار لا يتخذ بصورة فردية أو عشوائية، ويحتاج إلى دراسات متعمقة، وأنه في حال اتخاذه فسيكون الشعب أول من يعرف به قبل تحرك القوات فعليًا.

3- الإشارة إلى تبني مصر لمساعٍ سياسية مع كافة الأطراف لاحتواء الأزمة، وهي العبارة التي يفهم منها أن قرارًا بتصعيد المشاركة ليس قريبًا كما حاول البعض أن يصور. ونحن نرجو أن يكون قرار المشاركة المصرية في تدخل بري باليمن مستبعدًا وليس بعيدًا فحسب! فلو كان التواجد البحري في باب المندب حقًا لمصر تستخدمه وقتما تشاء، فالتدخل البري شأن آخر.

الوضع على الأرض وانخفاض سقف الطموحات

بعيدًا من الصور التي يعرضها المتحدث السعودي "أحمد عسيري” عن تدمير المدمَّر وتهديم المهدَّم، ما زال الجيش اليمني واللجان الثورية مسيطرين على معظم المحافظات اليمنية، عدا عن تقدمٍ تحرزه "القاعدة” في محافظة حضرموت، وإعلان سيطرتها على مطار المكلا يوم الجمعة ١٧ إبريل! وبهذا، وفي غياب الوجود البري، تواجه عاصفة الحزم في أسبوعها الرابع أزمة حسم حادة! وهو ما يفسر انخفاض سقف الطموحات للمعسكر السعودي، والذي ظهر في تصريحات نائب الرئيس اليمني المكلف حديثًا "خالد بحاح” بأن وقف القتال في "مدينة عدن” هو الشرط للجلوس للتفاوض! لم يعد الحديث إذا عن نزع سلاح الحوثي، ولا عن وقف القتال في عموم اليمن شمالًا وجنوبًا.

نائب الرئيس اليمني والتخريجة السياسية

خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره اليمني في ٩ نيسان/إبريل، ألقى وزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد” الكرة في ملعب الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي” ، قائلًا: إن التدخل البري يجب أن يكون بضوء أخضر من "هادي”! ليخرج بعدها "خالد بحاح” في ١٥ إبريل بتصريح يناشد فيه السعودية بعدم التدخل البري في اليمن! هكذا؟ لا بأس لو كانت هي التخريجة السياسية التي فكرت فيها السعودية لتبرير أزمة الحسم التي تواجهها عاصفة الحزم. خاصة وقد خرج "بان كي مون” في اليوم التالي مطالبًا بوقف العمليات العسكرية في اليمن!

وختامًا؛فإنّ مصر هي المؤهلة اليوم لقيادة عملية سياسية تنهي تلك المعارك، وتضمن لمصر نفوذًا في اليمن بعلاقات متوازنة مع كافة الأطراف هناك! تلك هي المصلحة المصرية المباشرة بعيدًا من خطوة عاصفة الحزم، والتي اندفعت إليها السعودية بغير دراسة كافية لمقتضى الحال وخيارات التعامل معه!