صلف السعودية تجاوز كل الحدود
جمال كامل
من بين العادات والتقاليد القبلية البالية والتي تعود جذورها الى الجاهلية، هناك تقليد كان يجسد مدى رخص حياة الانسان في النظام القبلي والعشائري، ويتمثل في قدرة القبيلة الاكبر على ان تسترخص حياة انسان من قبيلة اخرى اقل عددا، وتقتله، في مقابل مبلغ من المال تدفعه الى قبيلة القتيل، ثمنا لدمه.
هذه العادة القبلية الجاهلية البالية، تم استغلالها بشكل بشع من قبل القبائل الاكثر عددا ومالا، حتى قيل في ذلك: "اقتله وثمنه لن يكون اكثر من فلس واحد”، وهي اشارة الى ان ثمن دم المقتول لا يكلف كل فرد من افراد قبيلة القاتل سوى سوى فلس واحد، لكثرة عددهم.
هذه العادة القبلية المتخلفة والبالية والجاهلية، يحاول النظام السعودي اعادتها، بكل قبحها مرة اخرى الى الحياة كباقي العادات الجاهلية الاخرى، ليس على مستوى الفرد اوالقبيلة، كما هو الحال داخل السعودية والمجتمعات المتخلفة الاخرى، بل على مستوى العلاقات الدولية، وهو ما يشكل وصمة عارعلى جبين المنظمات الدولية التي تدعي محاربة الظلم والعدوان والتمييز.
ففي اجراء جاهلي مقيت، يعكس مدى استهتار آل سعود بالحياة والانسان، كما يعكس مدى صلف وغرور وعنجهية وتخلف هذه الاسرة، التي تستخدم عائدات النفط الضخمة، ومنذ اكثر من نصف قرن، لنشر الشرور والضغائن والاحقاد والتطرف والتخلف والتكفير والارهاب في العالم اجمع، اعلن الملك السعودي سلمان انه قرر منح الامم المتحدة مساعدة قدرها 274 مليون دولار لتمويل العمليات الانسانية في اليمن تلبية لنداء عاجل اطلقته المنظمة الدولية لمساعدة 7,5 مليون يمني يواجهون الموت والجوع بسبب العدوان السعودي السافر ضد الشعب اليمني!!
ترى ماذا يمكن ان يوصف مثل هذا الموقف السعودي ازاء مأساة الشعب اليمني، وهي مأساة خلقتها السعودية بسياستها الكارثية في اليمن على مدى عقود طويلة، وبسبب القصف الجوي المستمر منذ اكثر من 24 يوما، والذي اسفر عن استشهاد مئات الاطفال ومئات النساء والاف الجرحى؟، اليس هذه الموقف هو تجسيد للمنطق القبلي والعشائري الجاهلي المتخلف؟، الا يؤكد الملك السعودي من خلال هذا الموقف انه يحتقر الشعب اليمني ويقول له وبكل صلف: "اني اقتلك وادفع ثمن دمك ودفنك، ولا عزاء لك، فالعالم اخرس ابكم امام مالي ونفوذي”؟
اليس من حق الشعب اليمني على المنظمة الدولية، ان ترفع الصوت عاليا في وجه السعودية وترفض المال السعودي القذر، وان تقول لال سعود لا نريد اموالكم بل كفوا ايديكم وطائراتكم وعدوانكم عن الشعب اليمني، كفى هذا المنطق الجاهلي الوقح، كفى نفاقا، كفى اشهار اموالكم في وجوه الدول والمنظمات الدولية، ان اموالكم لم تمسح الدماء عن ايديكم ولا تجمل وجهم القبيح، هل تعتقدون ان شعوب العالم ساذجة الى هذا الحد لتصدق دموع التماسيح التي تذرفوها على الشعب اليمني ورئيسها "الشرعي” الفار والمستقيل والجبان.
ترى لماذا تحذر المنظمات الدولية من ان الاف الاسر اليمنية فرت من منازلها بسبب والغارات الجوية، وتجد هذه العائلات صعوبة في الحصول على المياه او العلاج الطبي او المواد الغذائية او الوقود؟، ومن الذي قتل 767 يمنيا اغلبهم من الاطفال والنساء، ومن الذي اصاب 2906 بجروح والكثير منهم اصاباتهم خطيرة ؟، من الذي جعل اللجنة الدولية للصليب الاحمر تعلن عن نقص كبير في الادوية والمواد الغذائية والمحروقات في اليمن؟، من الذي بين 120 و150 الف شخص ينزحون داخل اليمن بسبب القصف وفقا للناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة؟، اليست هي السعودية وطائراتها الجبانة وملكها الرؤوف، تحت ذريعة وقحة هي مساعدة الشعب اليمني الشقيق!!!
الملفت ان الصلف والعنجهية الفارغة صفة يشترك فيها كل المسؤولين السعوديين دون استثناء، ففي الوقت الذي تحذر المنظمة الدولية ان الازمة الانسانية في اليمن تقترب من حد الكارثة، نرى الناطق باسم التحالف السعودي احمد عسيري يرد على الصحفيين الذين سألوه عن نتيجة القصف السعودي المتواصل وهل حقق غاياته بقوله: "نحتاج الى الصبر والمثابرة ولسنا على عجلة من امرنا”، فيما ترفض حكومته تقديم اي مساعدات انسانية الى الشعب اليمني وتفرض حصارا جويا وبحريا على "الشعب اليمني الشقيق”!
ان سماحة الامين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصرالله، كان على حق عندما دعا العالم اجمع الى ان يقولوا "كفى” للسعودية، ولابد ان تتكرر هذه الدعوة كل اليوم من خلال وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وان تتحول هذه ال”كفى” الى حملة دولية، مثلها مثل حملة مقاطعة البضائع "الاسرائيلية”، فالسعودية المتغطرسة والمغرورة باموالها، يجب ان يقال لها "كفى”، كفى تصديرا للوهابية والتخلف والعنف والتكفير والتطرف والارهاب والموت والدمار، الى الشعوب العربية والاسلامية، فالذي يجري في اليمن، من احتقار سعودي سافر وقح للانسان والحياة، هو احتقار للانسان والحياة في كل مكان، لذلك على كل انسان يحترم انسانيته ويحترم الحياة ان يقول لال سعود "كفى”، فكل سلطانكم وثرواتكم واموالكم لا تعادل حياة طفل يمني تزهق روحه تحت قصفكم الجبان الحاقد.