تخبط في الوقت الضائع
يبدو كلما تقدمت طهران في محادثاتها النووية مع دول (5+1) للاقتراب من الحل النهائي المحتمل تحاول اميركا بشتى الوسائل والحيل عرقلة هذا الاتفاق والحيلولة دون انجازه لانها لا تريد الغاء الحظر المفروض على ايران بل تبقيه حتى النهاية وفق تصورها الخاطئ او الارعن بانها تستطيع اركاع ايران او اعادتها الى المربع الاول وهو اعادتها الى بيت الطاعة وهذه مجرد اضغاث احلام لا اكثر.
فتجربة اميركا المريرة لاكثر من ثلاثة عقود مع الثورة الاسلامية وقيادتها الحكيمة كافية لان تعود الى رشدها وتقتنع بان ايران الاسلامية ليست كأية دولة في العالم.. لها قرارها الوطني المستقل ولاتوجد أي قوة في الارض تسطيع ان تملي عليها شيئا وهذا مالمسته عمليا حتى اليوم.
اما السؤال المطروح الى متى تستطيع الادارة الاميركية ان تستمر في مناوراتها في هذا المجال ورب قائل يقول حتى تأتي على جميع مصالحها في المنطقة نتيجة حماقاتها وسياساتها الطائشة.
وتأكيد الامام الخامنئي بعدم الثقة باميركا ليس نابعا عن فراغ او وهم بل وفق تجربة طويلة للممارسات الاميركية على الارض ولا نريد ان نعرج للماضي البعيد كثيرا، بل نشير الى ما حدث بالامس عندما تنصلت اميركا بالتنفيذ ما جاء في احد بنود اتفاق جنيف. وناهيك عن اننا نسمع اصوات مختلفة من الداخل الاميركي، فالادارة الاميركية تغرد من جهة والكونغرس من جهة اخرى لكن ان تصل الفظاعة لدرجة ان يبعث 47 سناتورا اميركيا رسالة مفتوحة الى ايران مفادها ان الرئيس الاميركي القادم غير ملزم بما يوقعه الرئيس الحالي وهذا نكسة مخزية في العلاقات الدولية وانتهاك صارخ لقوانينها وبالتالي طعنة بالمصداقية الاميركية وسمعتها على الصعيدين الدولي والاقليمي بانها دولة منفلته وغير ملتزمة بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تلزم الدول باحترام المعاهدات مهما تغيرت الحكومات او رؤسائها.
ولاشك ان رسالة اعضاء الكونغرس اضرت كثيرا بالسياسة الاميركية وسببت له احراجا في الوسط العالمي وكشفتها وكأنها دولة متأخرة تحدث فيها بين الفينة والفينة انقلابات تضطر معها الغاء ما تبنته الحكومات السابقة.
وللخروج من هذا المأزق والخطأ الفادح في الاصرار على الموقف الاميركي لمنع حصول الاتفاق مع ايران والذي هو ضرورة ملحة لاميركا الا انها تحاول عبر الابتزاز والضغط للحصول على مكاسب اكبر عبر الدخول في الاعيب خاسرة تبنتها هذه المرة مجموعة اخرى من الاعضاء الجمهوريين وبالطبع بالاتفاق مع الديمقراطيين لتمرير مشروع قرار لايستطيع الرئيس الاميركي كما كان في السابق الغاء قرارات الكونغرس دون الرجوع اليه. فرضوخ الرئيس الاميركي لهذا القرار أما ان يأتي في اطار شدّ الحبال واحتدام الخلاف بين الطرفين الجمهوري والديمقراطي او انه سيناريو مرسوم لتقسيم الادوار للضغط على الطرف المقابل وان كان الهدف فهذا يعني الطرف الاميركي الذي عليه لملمة بيته وهذا ما دفع جون كيري ان يتلافى الموقف ويعرب امس لدى وصوله الى المانيا عن ثقته في قدرة الرئيس الاميركي اوباما على التفاوض حول الاتفاق النووي.
فالجمهورية الاسلامية دولة مستقلة ومقتدرة وعضو في جميع المنظمات والمؤسسات الدولية والاقليمية وكما قال الرئيس روحاني انها تفاوض دول (5+1) للتوصل الى اتفاق شامل وليس مع مجلس الشيوخ والنواب الاميركيين.
اذا ليس امام اميركا وكما كتبت صحيفة "سياتل تايمز" الا التراجع امام الحزم الثوري للزعيم الايراني وهذا ما دفع بالمفاوض الغربي التخلي عن الكثير من مطالبه السابقة.